Close ad

عن جنوب لبنان والمستوطنين في الشمال

1-2-2025 | 17:39

"ياللي يجرب في المجرب عقله مخرب"؛ مثل لبناني اختار الاحتلال الإسرائيلي تجاهله وقرر "تجريب" صلابة جنوب لبنان وكرر رفض الانسحاب بعد اتفاق وقف إطلاق النار.

وكما كان متوقعًا "اختار" أهل الجنوب -كعادتهم- التصدي للاحتلال وأجبروه على الانسحاب من غالبية القرى على الحدود التي احتلها بينما "عجز" عن الدخول لأكثر من بضعة كيلومترات داخل لبنان خلال 66 يومًا من القصف العنيف ووجود خمسة لواءات كاملة، والتهديد المتواصل بالاقتحام البري، حتى "طلب" الاحتلال وقف إطلاق النار، مع مهلة 60 يومًا قام فيها بمئات الخروقات والتدمير "للانتقام" وللاستفزاز أيضًا.

وقد لجأ للمبالغة في التدمير للانتقام من هزيمته واضطراره لطلب وقف إطلاق النار، كما حدث في عام 2000 وفي عام 2006، وأيضًا ليضاعف صعوبة الإعمار، وليقلل من فرص عودة السكان للجنوب.

وكالعادة لم ينفذ الاحتلال ما اتفق عليه؛ وجاءه الرد في الساعة الرابعة صباحًا وفور انتهاء مهلة الستين يومًا، وفشل كعادته وتسابق الناس على العودة بالسير على الأقدام "لتحرير" أرضهم وتحدي الاحتلال بالأصوات العالية والرؤوس المرفوعة.
 
وحرصوا على السجود شكرًا لله على عودتهم إلى أرضهم رغم كل التدمير، ونزعوا الأسلاك الشائكة التي وضعها الاحتلال بأيديهم، ورفضوا جعل جنوب الليطاني أرض بدون شعب، كما كان يريد الصهاينة.

ويشكل يوم 26 يناير يومًا فاصلًا في تحدي الاحتلال بصمود أسطوري من نساء وأطفال ورجال جنوب لبنان، وتحدوا بأجسادهم "وبدون" أية أسلحة دبابات الميركافا، ورأينا سيدة تقف من مسافة "صفر" أمام الميركافا وتتحدى الجنود داخلها، وتصرخ في وجوهمم تطالبهم بالانصراف، وتمسك بيدها بتراب قريتها وتأمرهم قائلة: هذه أرضي؛ ارحلوا عنها.

وشاهدنا تسارع الأهالي لدخول قراهم وعدم اكتراثهم بإطلاق الاحتلال الرصاص عليهم واستشهاد 22 وإصابة عشرات، ورأينا فيديوهات لدبابة ميركافا تلاحق المواطنين الجنوبيين! والاحتلال يُشعل النار في بعض المنازل، وواصلوا الزحف سيرًا على الأقدام، وفي النهاية تراجع الاحتلال وانسحب من 15 قرية.

وفي اليوم التالي رفض أهالي الجنوب اقتراحًا "أمريكيًا" بمد مهلة وقف إطلاق النار، لأن تمديد وقف إطلاق النار يهدف للسماح للاحتلال بالمزيد من التدمير وواصلوا تحرير أراضيهم ببسالة وعزم، وأثبتوا أن الشعب هو "أقوى" سلاح في يد كل مقاومة.

ففي 26 يناير اقتحموا قرى وحرروها، وفي يوم 27 دخلها مهندسون ومهندسات لبحث كيفية البدء فورًا في الإعمار وبناء ما تهدم من البيوت؛ حتى لا يعيش سكان البيوت المهدمة في خيام، وليعيشوا حياة طبيعية، كما كانوا من قبل الحرب؛ ولمنع الاحتلال من تحقيق هدفه بجعل هذه المنطقة خالية من السكان.

عاد مسن لبناني إلى الجنوب في أول يوم بعد انتهاء الهدنة وسارع "بزرع" شجر بأرضه، وقال شاب لبناني بعد رفض الاحتلال المغادرة كلنا مقاومة ضد العدوان.

ونتوقف عند طفل عمره 12 عامًا قال: جئت لأفتش عن أبي المقاوم الشهيد، وسأبحث عنه حتى أجد ولو جزءًا منه!!

وتحدت سيدة جنود الاحتلال وقالت لهم: خذوا دباباتكم وعودوا من حيث ما أتيتم، أنتم أوهن من بيت العنكبوت، أيها الأوغاد الجبناء ستكونون "محارق" لصواريخنا. 

عاد سكان الجنوب ولديهم لهفة على الاستقرار في أرضهم، وسارعوا بانتشال جثامين الشهداء أو ما تبقى من الأشلاء، وهم يرفعون صور الشهداء والقادة الذين استشهدوا في الحرب وهم يهتفون: "ح نرجع ونعمر".

أما السيدة رباب نعمة المسنة عمرًا والشابة في قوتها؛ فقد وقفت بلا أي ذرة خوف أمام دبابات الميركافا، وأعلنت أن الجنوب سيتحرر بأهله وقادت نساء للسير نحو القرى لتحريرها فور انتهاء مدة الـ60 يومًا وقالت: الشهداء استشهدوا من أجل تحرير الأرض وهيا لنستعيدها، ووقفت بصلابة وتحدٍ أمام دبابة الاحتلال بلا سلاح ومدت ذراعيها أمامهم.

ولما سُئلت عن كيف فعلت ذلك؛ ردت: بس تشوف أرض الجنوب تتذكر الشهداء، وبحالك ح تقوى؛ فالأرض أرضنا والشهداء استشهدوا لنعيش بعزة وكرامة، لو تخلينا عنها راح كل شيء،  والقوة صناعة محلية ما بنستوردها من بره، "وولى" زمن الهزائم وجاء زمن الانتصارات.

وأضافت: "نزلت علينا طيارات الدنيا بدهم يقصفونا الآن خلصت الـ60 يومًا بدهم يقتلونا، يقتلونا رايحين لأرضنا أحلامنا ما راحت، الذكريات راحت ح نعمل غيرها، راح بيتي اللي قضيت عمري عشان ابنيه، وسأبنيه من جديد.

بينما على الجانب الآخر ما زال المستوطنون في الشمال يطالبون حكومتهم بحزام "أمني" قبل "القبول" بالعودة في مارس القادم!!

وذكرت منصة إعلامية عبرية أن سكان جنوب لبنان حظوا بالعودة إلى بيوتهم قبل أن يعود سكان الشمال بأمان.. لاحدود للعار.

وقال رئيس المجلس المحلي لمستوطنة المطلة ديفيد أزولاي: التاريخ يعيد نفسه وما حصل في عام 2000 مع انسحاب الجيش الإسرائيلي يحصل اليوم في عام 2025.

ونشرت صحيفة لوموند الفرنسية أن إسرائيل تشهد هجرة لم يسبق لها مثيل، وتحدثت عن المغادرة النهائية لعشرات آلاف المستوطنين من الكيان، وتعبير الكثيرين عن "نيتهم" في الهجرة لانعدام الأمن واستفحال الأزمة الاقتصادية والسياسية.

وتتحدث وسائل الإعلام الصهيونية عن كيف أصبحت المستوطنات مدينة أشباح، الإعلام الصهيوني وبعض القوى السياسية الصهيونية يرون ذلك نكسة وفشلًا سياسيًا وعسكريًا، وكأن الجيش الإسرائيلي فشل في كل شيء، بينما جنوب لبنان توجد روح الحياة من الناس رغم التدمير.

ونقلت قناة "كان" العبرية عن ضابط إسرائيلي كبير قوله ليتنا نشهد حافزًا للعودة إلى المستوطنات كما نراه بين سكان لبنان.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة