فإنه عندما يهذي السفهاء، فلابد أن يرد العقلاء بمنتهى القوة والحزم، كل في موقعه وفي مجال تخصصه بدافع من وطنيته وحبه لبلاده، فلا ينبغي بحال من الأحوال السكوت عن أي مخطط يهدف إلى زعزعة أمننا القومي ويفت من عضدنا، نحن أبناء المحروسة، أبناء مصر.
فليس من حق أي أحد أن يتحدث عن مصرنا الحبيبة وعن سيناء المقدسة، ومن ثم وجب إخراس هذه الألسنة وإسكات هذه الحناجر التي تهذي بأضغاث أحلام.
فقف يا هذا عند منتهاك، فهناك أسود مرابطون على الحدود رهن إشارة الوطن ملبين نداءه، ضد كل من تسول له نفسه العبث بمقدراتنا والمساس بأمننا القومي.
جاءك الرد مزلزلا من كل طوائف الشعب وكل مؤسساته وجميع قادته، اجتماعات ليلًا ونهارًا؛ لبحث سبل الرد الرادعة سلميًا وسياسيًا، فرد مجلس النواب، وردت الخارجية المصرية ببيان يعبر عن إرادة الشعب، ووقوفًا مع قادته جنبًا إلى جنب.
إن مصر أعلنتها صريحة، نحن دولة مؤسسات، لسنا نعمل منفردين، وإنما أمرنا شورى بيننا، ما توافقنا عليه نعلنه بصراحة، فسيناء ليست ملكية فردية لشخوص بأعيانها، وإنما سيناء ملك الشعب، حضارة تتوارثها الأجيال جيلًا بعد جيل، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
فكيف بعدما طهرناها من شياطين الإنس، نعود ونسلمها لهم، عن طريق كلام معسول، ظاهره الحرص على أهل غزة وأن غزتهم مدمرة، فنقيم لهم مباني مؤقتة أو دائمة في البلاد المجاورة، فما هذا العته والخرف الذي لا يصدر إلا عن فاقدي الاتزان، الأرض لنا، والبيت لنا.
فمن سيسمح لك بذلك الذي تظن أنك ملكت الأرض بعنجهيتك وغرورك، ألا تعلم أننا لكم بالمرصاد ولكل من هم على شاكلتكم.
نعم جاءك الرد مدويا من أهل غزة الأبطال، فمجرد أن سمعوا هذه الهرتلات، هبوا على قلب رجل واحد في صفوف وطوابير بلغ مداها مئات الكيلومترات، الآلاف المألفة من النازحين الذين تركوا منازلهم خوفا من آلياتهم الفتاكة، فروا وما هم بالجبناء، لكنهم فروا ليعودوا من جديد إلى دورهم ليعمروها، وليقولوا قولتهم لن نفرط في شبر من أرضنا التي ضحى من أجلها الرجال، فكيف نضحي بها ونتركها للغربان.
نعم عزف الشعب المصري سيمفونية عظيمة قادها الشعب بكل أطيافه حتى الصغار، حتى الشباب، حتى الشيوخ هبوا على قلب رجل واحد، لا ولن نفرط في حبة رمل من رمالها الفيروزية.
فابحثوا عن حيلة أخرى بعيدًا عنا، فنحن أهل سلم وسلام، ولسنا أهل مداهنة واستسلام.
* أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان