صدرت عن الهيئة المصرية العامة للكتاب برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، ثلاثة كتب من انتقاء وتقديم الشاعر أحمد الشهاوي ضمن سلسلة "ديوان الشعر المصري".
موضوعات مقترحة
تتناول الكتب مختارات شعرية لثلاثة من أبرز شعراء التصوف والشعر العربي القديم، وهم ابن الكيزاني، والمهذب بن الزبير، وابن قلاقس، لتعيد إحياء أعمالهم الشعرية وتسلط الضوء على تأثيرهم الشعري والفكري.
ابن الكيزاني: "الزنديق الصوفي" الذي أبدع في شعر الحب الإلهي
يعد ابن الكيزاني من أعلام التصوف والشعر في العصر الفاطمي. ورغم الاتهامات بالزندقة التي لاحقته، فإن شعره الصوفي امتاز بالعمق والوضوح. جمع بين الحقيقة والشريعة، وكان من أوائل الشعراء الذين نشروا التعاليم الصوفية في مصر، متحديًا سلطة الفاطميين. عاش حياة الزهد والتقشف، ودفن في جبل المقطم الذي كان مقصدًا للمتصوفة. ترك ابن الكيزاني ديوان شعر مليء بالمعاني العميقة، ورغم فقدان أغلب أشعاره، فإن ما بقي منها يعكس تجربة روحانية غنية. ومن أشهر أبياته:
"تلذُّ لي في هوى ليلى معاتبتِي لأنَّ في ذكرِها بردًا على كبدِي"
- المهذب بن الزبير: شاعر متفرد عاش حياة قلق وتحدٍّ
كان المهذب بن الزبير واحدًا من أبرز شعراء القرن السادس الهجري، وتُجمع المصادر على أنه "لم يكن في زمانه أشعر منه". اشتهر بقصائده ذات اللغة السلسة والمعاني الواضحة، وهو ما جعله يتزعم عصره شعريًا. عانى من محن سياسية ومؤامرات إثر اقترابه من أصحاب السلطان، مما أدى إلى نفيه وسجنه.
ألف المهذب العديد من الأعمال البارزة في علوم القرآن والأنساب، ومن بينها تفسير للقرآن الكريم في خمسين جزءًا وكتاب "جنان الجنان ورياض الأفهام". ورغم مكانته الأدبية، تعرض للنسيان ولم يلتفت الباحثون لدراسة حياته وشعره بشكل كافٍ.
- ابن قلاقس: شاعر الأسفار الذي أعاد السنباطي اكتشافه
ابن قلاقس، المولود في الإسكندرية، كان شاعرًا متفردًا بزخرفاته اللفظية ومعانيه المبتكرة. عاش حياة مفعمة بالترحال بين مصر واليمن وصقلية، حيث جمع بين التجارة والشعر. رغم قصر حياته، التي انتهت في عيذاب على شاطئ البحر الأحمر، ترك بصمة واضحة في الأدب العربي. وقد أعاد الموسيقار رياض السنباطي إحياء ذكره عندما لحن قصيدته "كتمت الهوى حتى أضرَّ بي الكتم" وغنتها المطربة سعاد محمد.
كان ابن قلاقس يُلقب بالبليغ، وتضمنت أعماله ديوان شعر نُشر في 1905 بتحقيق خليل مطران، وكتبًا أخرى أبرزها "الزهر الباسم في أوصاف القاسم" و"روضة الأزهار في طبقات الشعراء".
تسلط هذه الإصدارات الضوء على شعراء أثروا الحركة الأدبية في عصورهم وظلوا خارج دائرة الاهتمام البحثي والأكاديمي لسنوات. يقدم الشهاوي مختارات شعرية غنية تعكس تجربة هؤلاء الشعراء في التصوف والحياة، مشددًا على قيمتهم في تاريخ الأدب العربي.
يأتي هذا الإصدار في إطار جهود الهيئة المصرية العامة للكتاب للحفاظ على التراث الثقافي وإعادة تقديمه للأجيال الجديدة.