ألقى مقال الكاتبة السودانية نسرين مالك بصحيفة الجارديان البريطانية اليوم الاثنين الضوء على مأساة أطفال غزة الذين راحوا ضحية القصف الإسرائيلي للقطاع على مدار أشهر طويلة.
موضوعات مقترحة
وأكدت مالك - في مقالها - أنه لا توجد وسيلة لتبرير الأهوال التي لحقت بأطفال غزة الأبرياء .. وأصبح الوقت مناسبا الآن للحداد عليهم بالكامل.
وقالت مالك إنه خلال الأسبوع الماضي، عاد الفلسطينيون في غزة إلى منازلهم التي تحول معظمها إلى أنقاض ، وإلى موتاهم الذين ما زالوا يرقدون تحت الأنقاض ، والآن سنبدأ في الحصول على صورة أكثر اكتمالا للخسائر الحقيقية جراء هذه الحرب .. والآن فقط يمكن للحزن أو الحداد أن يبدأ، وهي العملية التي حُرم منها الفلسطينيون جسديا وعاطفيا طيلة الأشهر ال15 الماضية.. وبمجرد أن تتضح الحصيلة النهائية، فمن المرجح أن يتبين لنا عدد هائل من القتلى من الأطفال.
وأوضحت الكاتبة أن المؤشرات توضح أن الأطفال هم النسبة الكبيرة من الضحايا .. وأكد تحليل الأمم المتحدة للوفيات الذي تم التحقق منه خلال فترة خمسة أشهر أن 44% من الأطفال ، وغالبا تتراوح أعمارهم بين خمس إلى تسع سنوات؛ و80% منهم قتلوا في منازلهم.
وقالت نسرين إن الرعب لا يكمن فقط في موتهم، بل في كيفية موتهم، فقد كان هناك آلاف اللحظات من الذعر والألم التي سبقت موتهم شبه مؤكد.. ومعظمهم لم يظل حيا ليروي هذه القصة، مشيرة إلى أن كل حالة وفاة لطفل هي مأساة فريدة من نوعها ..فحرم الطفل من مستقبله، وكتشاف من هو، ومعرفة العالم، وأن يكون إنسانا.
وأكدت أن التعود على التكيف مع مشاهد الأطفال القتلى قد يكون أمرا خطيرا بسبب "الدمار النفسي الكامل" الذي عانى منه الأطفال الذين عاشوا الحرب.. وحتى لو كان وقف إطلاق النار يبشر بنهاية الحرب، فلا شك أن الجيل الأصغر سنا في غزة سيخطو نحو مستقبل مظلم إذا لم يتمكن العالم من التعاطف بشكل صحيح وحشد الدعم والمساعدات.
وأضافت الكاتبة السودانية أن من قتلوا لايزال لديهم حقوق، فهم يستحقون الحداد - وهو ما حُرموا منه - بل لم يُـمنح كثيرون منهم حتى حق الدفن بشكل لائق .. ولا يزال عشرون ألف طفل في عداد المفقودين، تحت الأنقاض أو مدفونين في مقابر جماعية.
وشددت الكاتبة على أنه كان من الممكن تجنب قتل الأطفال، لكن هذا الأمر تم ارتكابه لأن حياة الفلسطينيين أصبحت رخيصة بموجب منطق الحق المطلق لإسرائيل في الدفاع عن نفسها بأي وسيلة إجرامية تريدها، وأن العالم لم يكن هناك من أجلهم.
وفي ختام مقالها، أشارت إلى أن كل الجهود المتضافرة التي بذلت لتقليل قيمة حياة أولئك الذين قتلوا لا تجعل من ذلك حقيقة واقعة، وقبل أن ننتقل إلى المرحلة التالية من كارثة غزة، فإننا مدينون لهم ولأنفسنا - أيا كانت توجهاتنا السياسية - بالتوقف والسماح لأنفسنا باستيعاب الأرواح الصغيرة التي اختطفت بعيدا وهي أرواح أطفال غزة الذين لم يستحقوا هذا المصير.