عبد العزيز سلام الشهير بـ"وان مولين" صنع لنفسه مكانة استثنائية في الإعلام الصيني، فهو أول من يقدم برامج بثلاث لغات: العربية والإنجليزية والصينية علي شاشة تليفزيون الصين المركزي، كما أنه أول مذيع أجنبي يقدم برامج في التليفزيون المركزي الصيني عن منطقة التبت الصينية التي تسمى بـ"سقف العالم".. فقد قام بتصوير برامج في 56 مدينة صينية، ومؤخرا تم وضع اسمه ضمن أهم ١٠٠ شخصية مؤثرة فى تاريخ التعاون الدولي الحديث للصين فى كتاب صدر عن الحكومة الصينية، وذلك بسبب الحلقات التي صورها عن كيفية نجاح الصين في التخلص من الفقر والتحول لمعجزة اقتصادية، تفاصيل أكثر سنعرفها في الحوار التالي.
متى بدأت علاقتك بالصين؟
في عام 2008 مع انطلاق دورة الألعاب الأولمبية في بكين وقعت في غرام الصين، وقتها كنت في نهاية المرحلة الثانوية وأخطط لدراسة لغة أجنبية، وبالفعل بعد الثانوية العامة التحقت بكلية الألسن قسم صيني، وفي أواخر 2009 سافرت للصين لكي أكمل دراستي الجامعية وأبدأ رحلتي هناك، أول عام كان علي نفقتي الخاصة ثم حصلت على منحة دراسة من الحكومة الصينية، وحصلت علي الشهادة الجامعية من جامعة الدراسات الدولية في بكين في تخصص اللغة الصينية.
وكيف بدأت رحلتك المهنية في مجال الإعلام؟
حينما كنت بالسنة الثالثة بالجامعة شاركت فى مسابقة، كنت أغني "راب" باللغة الصينية، فقد شاهدني مخرج صيني وعرض علي المشاركة، وقتها انبهرت بأداء المذيع والقدرة التي لديه للتعبير عن نفسه، وقررت أن أطور ذاتي، وتوجد هنا نقطة يجب توضيحها وهي أن الصين مختلفة عن باقي دول العالم فى قصة التليفزيون لأن الصين ليس بها تليفزيونات خاصة، فهناك التليفزيون المركزى الصينى أو ما يسمى مجموعة الصين للإعلام، وايضا توجد قنوات لكل مقاطعة من المقاطعات وكل منهم التليفزيون الخاص بها، لهذا التليفزيون المركزي الصيني هو الوحيد الذي يبث فى كل أنحاء الصين، وكان لدي هدف وهو أن أدخل هذا المكان لأنه هو الأكثر انتشارا وأستطيع أن أقدم محتوي مختلفا يعكس وينقل الثقافتين العربية والصينية.
وهل لك اسم صيني للشهرة أم تستخدم اسمك العربي، خاصة أن نطق الأسماء العربية صعب بالنسبة للصينيين؟
لدي اسم صيني مشهور به لأن اسمى العربي عبد العزيز عند كتابته باللغة الصينية يكون طويلا، وفي بداية دراستي بالجامعة اخترت اسم "وان لين"، وبعد دخولي التليفزيون وجدت أنه اسم منتشر فقررت تعديله ليصبح "وان مولين"، وتعلم اللغة الصينية إضافة إلى الدراسة كان السبب وراء تعمق خبراتي في معرفة الثقافة الصينية، وخلال الفترة التي سبقت عملي بالتليفزيون المركزي الصيني التحقت بأكثر من وظيفة، فقد عملت بالترجمة في احدي السفارات العربية هناك، وكنت أعمل في الترجمة للمرضي العرب الذين يريدون العلاج بالصين، وعملت أيضا في احد المطاعم العربية في بكين، وعدت إلي مصر لكي أقضى فترة الخدمة العسكرية ثم رجعت مرة أخري للصين عام 2017 ولكن كممثل لإحدى شركات السياحة التي لديها مكتب في الصين، وعملت معهم لمدة عام، وفي شهر سبتمبر 2018 جاء لي عرض للعمل كمذيع في التليفزيون الصيني المركزي ..وهنا بدأ الحلم يتحقق.
المذيع عبدالعزيز سلام بالتلفزيون الصيني
المذيع عبدالعزيز سلام بالتلفزيون الصيني
ما أبرز التحديات التي واجهتها كمقدم برامج عربي يعمل في قناة صينية؟
الصينيون يعتقدون أن الأجنبى هو صاحب البشرة البيضاء والعيون الزرقاء.. بينما أنا صاحب ملامح عربية شرقية تماما، ولهذا كانت النظرة مختلفة، وكان أكبر تحد لدي هو إثبات نفسي، كذلك إعداد البرامج الحوارية التي تناقش قضايا دولية في الصين يختلف عن وسائل الإعلام العربية، فالصين تهتم بالموضوعات التي لها علاقة وثيقة بها مثل دول الجوار وقضايا الصراعات الإقليمية حولها مثل ما يحدث في كوريا الشمالية أو اليابان وبحر الصين الجنوبي، أو ما له تأثير علي حياتهم اليومية بشكل شبه مباشر.
المذيع عبدالعزيز سلام بالتلفزيون الصيني
المذيع عبدالعزيز سلام بالتلفزيون الصيني
وما أهم اللحظات التي لا تنساها خلال عملك في التليفزيون المركزي الصيني؟
بالطبع اختياري لكى أصبح المنسق العام لزيارة وزير الإعلام الصيني لمصر، فقد كانت الزيارة الأولي للوزير لمصر وكان لها صدي كبير علي مستوي التعاون الإعلامي سواء في الصين أو مصر، وتم خلالها توقيع الكثيرمن الاتفاقيات الخاصة بالتعاون الإعلامي بين مصر والصين، وكانت المرة الأولي التي يختار فيها التليفزيون المركزي الصيني شخصا أجنبيا ليكون منسقا عاما لزيارة وزير، وهذه ثقة كبيرة نتيجة عملي خلال السنوات الماضية.
المذيع عبدالعزيز سلام بالتلفزيون الصيني
المذيع عبدالعزيز سلام بالتلفزيون الصيني
خلال السنوات الماضية، كيف استطعت التأقلم علي الحياة في الصين؟
أنا عشت في مصر حتي عمر العشرين وتعودت علي الأكل المصري والغربي، ولكن فكرة تقبل الأكل الصيني كانت بها صعوبة لان الفرق كبير، كذلك اختلاف حس الفكاهة .. فمثلا ممكن شيء يكون مضحكا جدا فى مصر لكن لدي الصينيين غير مضحك، والعكس، أيضا فكرة ثقافة التعبير عن المشاعر، نحن شعب يحب إظهار المشاعر سوء الحب أو الكراهية أو الاهتمام علي مستوي الأسرة أو الزملاء .. ولكن الصينيين لا يحبون إظهار المشاعر مثلنا، كذلك الصينيون لديهم حفاوة كبيرة مع من يتحدث لغتهم لأنهم يشعرون بأن هؤلاء قريبون منهم ويستطيعون التعامل معه ببساطة، ويعجبني فعلا تمسك الصينيين بثقافتهم والعادات القديمة والاحتفالات بأعيادهم التقليدية، كما يعشقون الرياضة وخاصة المشي، ولديهم اهتمام كبير بشرب الماء الساخن .. وهي عادة غريبة ولكنها صحية جدا، بجانب أنهم لا يضعون السكر في الأكل ولا في الشاي.
المذيع عبدالعزيز سلام بالتلفزيون الصيني
المذيع عبدالعزيز سلام بالتلفزيون الصيني
ما قصة برنامجك الذي يعرض علي طائرات الخطوط الجوية الصينية؟
عرفت بالصدفة من أحد أصدقائي كان مسافرا علي طائرة أن الحلقات التي صورتها عن منطقة هضبة التبت تعرض علي شاشات الطائرة، وأيضا أحد أصدقائي كان في مترو الانفاق وشاهد حلقة من حلقات البرنامج تعرض في شاشة المحطة، وحقيقي شعرت بالفخر والسعادة لأن ما أقدمه له صدي وتأثير علي الناس هنا في الصين، فأنا زرت قرابة 57 مدينة فى الصين شمالا وجنوبا.. ولكن التبت مكان فريد في كل شيء، وبه أعلى المناطق فى العالم ولذلك يسمي بـ"سقف العالم".
المذيع عبدالعزيز سلام بالتلفزيون الصيني
ما هى كواليس الحلقة التي قدمتها مع بطلة أشهر مسلسل صيني يعرض في الصين حاليا؟
الصدفة لعبت دورا كبيرا لأننا كنا نصور حلقات عن منطقة التبت، وكانت الممثلة موجودة فقمنا بتصوير حلقة معها، وهي من أشهر الممثلات في الصين ورد الفعل عن الحقلة كان كبيرا جدا بعد بثها على التليفزيون الصيني المركزي وتليفزيون منطقة التبت، وعدد المشاهدات علي الصفحة الرئيسة تخطي 40 مليونا.
ما النصيحة التي تقدمها للشباب العربي الذي يريد العمل بالإعلام الدولي وتحديدا الصيني؟
من خلال تجربتي الشخصية العمل في الإعلام يحتاج إلي تثقيف ذاتي أكثر من التخصص والدراسة، لأن التخصص لا يؤهل شخصا للعمل في جهة إعلامية، أنا لم أدرس الإعلام ولكني درست لغة صينية وكنت أحب العمل الإعلامي، المهم المعرفة والإلمام بالأخبار والتاريخ والثقافة.