عيد النصر يا رجال .. يحق للأبطال
يحق للمنصور .. على العدو المغدور
عيد الهنا يا خال
هذه الكلمات شدت بها الفنانة كوكا.. في فيلم "عنتر بن شداد".. وهو فيلم مصري تاريخي عرض عام 1961 م، دوت بأذني مع الاحتفال بالعيد الـ73 للشرطة المصرية، ذلك أنه في الحقيقة ليس احتفالًا سنويًا عاديًا لطبقةٍ بارزةٍ من طبقات الشعب المصري، أو هو مجرد ذكرى لملحمةٍ حدثت وانتهت! ولكنه عيدٌ مستمرٌ دائمٌ كل يوم لعطاءٍ وبذلٍ متواصلٍ كلَ يوم.. إنه عيدٌ ورثه الأبناءُ من الأجداد كرمزٍ قوميٍ لرجال نبلاء شرفاء هم رجال الشرطة البواسل..
وإننا إذ نحتفل بالعيد الـ73 للشرطة المصرية وفي ظل التضحيات المستمرة لاسيما خلال الفترة الماضية التي مرت بها الدولة المصرية من استهدافٍ لنشر الفوضى والإرهاب نثمن دور رجال الشرطة البواسل الذين استطاعوا بتضحياتهم القضاءَ على كل هذه المؤامرات والدسائس التي حِيكت وتُحاك لهذا الوطن الأبي وشعبه الأصيل العريق، واستطاعوا بما لهم من فهمٍ ثاقبٍ ووعيٍ تام ٍ وقوةٍ وعزيمةٍ وإرادةٍ الحفاظَ على أمن الوطن واستقراره وسلمه وسلامه ومقدراته ومنشآته، وقبل ذلك حافظوا على الأمن القومي والاجتماعي لشعب مصر الأبي واستطاعوا أيضًا اقتلاع براثن الإرهاب في تعاون تام وتناغم هام مع القوات المسلحة الباسلة.
وللتأريخ الزمني فعيد الشرطة بلا شك هو تخليدٌ لذكرى موقعة الإسماعيلية 1952 والتي راح ضحيتها خمسون شهيدًا وثمانون جريحًا من رجال الشرطة المصرية على يد الاحتلال الإنجليزي في 25 يناير عام 1952، بعد أن رفضوا تسليم سلاحهم وإخلاء مبنى المحافظة للاحتلال الإنجليزي، ومنذ ذلك التاريخ وذلك الحين وحتى الآن ورجال الشرطة يضحون بكل غالٍ ونفيسٍ عندهم في سبيل الوطن والمواطنين، ويكفينا فخرًا بهم واعتزازًا بصنيعهم ما نعتقده حتمًا وجزمًا أننا نؤمن إيمانًا حقيقيًا أنهم يقدمون أرواحهم كل طليعة شمس وغيبتها فداءً للوطن وضمانًا لأمنه واستقرارًا لأمن المواطنين لاسيما في الفترة الأخيرة التي كثرت فيها الفتن وتزعزع فيها الأمن..
إن شهداء رجال الشرطة نعاهم القرآن وعناهم بقوله تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)، ويكفيهم أجرًا ومثوبة من الله ما حدث به النبي "صلى الله عليه وسلم" في حديثه الصحيح (عَينانِ لا تمَسَّهما النَّارُ : عينٌ بكت من خشيةِ اللهِ ، وعينٌ باتت تحرسُ في سبيل اللهِ).
ولقد تجاوز الأمر العديد والعديد من الأدوار لرجال الشرطة دخول رجال الشرطة البواسل في حربٍ مباشرة مع الجماعات المتطرفة والإرهابية بشتى الطرق للحفاظ على مقدرات الوطن مع استمرار جهود رجال الشرطة المصرية في حفظ الأمن والأمان وتطوير القدرات لقوات الداخلية حتى أصبحت قوات الشرطة تمتلك إمكانات لا تمتلكها جيوش بعض الدول في المنطقة.
ولم تكتف وزارة الداخلية فقط بدورها الأصيل؛ وهو الحفاظ على الأمن والاستقرار، ولكن تعتبر وزارة الداخلية ورجالها جزءًا لا يتجزأ من المجتمع، وأن عليها دورًا إنسانيًا ومشاركةً مجتمعيةً؛ حيث أطلقت المبادرات الإنسانية التي تقوم بها وزارة الداخلية ضمن رؤيتها الشاملة والمستدامة؛ لدعم حقوق الإنسان وعلى مدار السنوات الماضية بذل قطاع حقوق الإنسان بوزارة الداخلية جهودًا كبيرةً ساهمت بشكلٍ كبيرٍ في دعم ملف الأمن الإنساني وساهمت تحركات قطاع حقوق الإنسان بوزارة الداخلية في زيادة التلاحم الشعبي مع الشرطة في ظل حرص ضباط القطاع على إطلاق المبادرات الإنسانية والتواصل الجماهيري مع المواطنين وتقديم المساعدات اللازمة لهم مع استمرار تطوير المؤسسات العقابية الرادعة من السجون وتحويلها إلى مراكز تأهيل مع تطبيق أعلى معايير حقوق الإنسان العالمية.
ومما لاشك فيه أن قطار التنمية الذي انطلق بالدولة المصرية منذ تولي الرئيس السيسي المسئولية لم يتوقف نتيجةً لتضحيات رجال الشرطة وقدرتهم على فرض الأمن والأمان وإرساء دعائم السلم الاجتماعي والاستقرار القومي، وهذا ما أكده الرئيس السيسي خلال الاحتفال بعيد الشرطة الـ73 حين صرح "بأن الثمن الذي دفعه الشهداء والمصابون وعائلاتهم كان غاليًا من أجل أن تعيش مصر دائمًا في سلامٍ وأمانٍ، ولذا فهم في قلوبنا قبل عيوننا وهم محط رعايتنا وعنايتنا، وأن المطلوب من جميع طوائف الشعب أن يحافظوا على مصر وسلمها وأمنها وأمانها؛ لأن مصر هي البيت الكبير والقلب والروح النابضة التي تجمعنا جميعًا تحت مظلة واحدة"، معربًا عن شكره لكل من ضحى وقدم الدماء وبذل وشمر وضاعف العطاء من أجل مصر ومن أجل الرخاء والنماء.
وتابع الرئيس: "لابد أن نحافظ على تضحيات الشهداء، وأن ندفع ثمن الاستقرار رغم قسوته من أجل أن يعيش أكثر من 100 مليون مصري في أمان".
بلا مبالغة علينا أن نحكي لأبنائنا وللأجيال الحالية والقادمة تضحيات هؤلاء الأبطال جيلًا بعد جيل حتى ننعم بهذا الأمان والاستقرار في ظل عالم أصبح التدمير والقتل من سماته الأساسية والأمن والاستقرار من فروعه يحصل عليه من يدافع عليه ويبحث عنه فقط، ولم يعد من المسلمات، علاوة على ضرورة الاصطفاف خلف هذه المؤسسات الوطنية لتستمر في أداء دورها على أكمل وجه حتى نكون متعاونين لا عائقين لدورهم في مكافحة الإرهاب والجريمة وفرض الأمن والاستقرار.
ومشهد اصطفاف قوات الشرطة في عيدها خلال مشاهدة الرئيس عبدالفتاح السيسي، جانبًا من الاصطفاف السنوي لعدد من قوات الشرطة بأجهزتها المختلفة، خلال احتفالية وزارة الداخلية بعيد الشرطة الـ73 يدعو للفخر والاعتزاز ويشعر المواطنين بالأمان والطمأنينة.
ومن اللافت للنظر أن إعلان مصر خاليةً من الإرهاب هو إنجاز بمعنى الكلمة يضاف إلى سجل الإنجازات المتلاحقة، لاسيما في ظل تدمير دول أخرى بسبب دخولها في معركة ومواجهة صريحة مع هذا العدو الأسود (الإرهاب)، وعدم قدرتها على القضاء عليه!!
وإننا ينبغي علينا أن نعترف بأن الإرهاب وصناعته أصبح أحد الأدوات المستخدمة من دول وأجهزة مخابرات عالمية لتقويض الدول والقضاء عليها، وهذا ما أراده البعض داخل الدولة المصرية، ولكنهم لم يكونوا على إدراكٍ تام أن مصر بها رجال يرفعون أرواحهم على أكفهم من أجل تراب هذا الوطن، فكل التحية والتقدير لشهداء مصر، أدخلهم الله فسيح جناته، وكل الشفاء للمصابين من رجال الشرطة والقوات المسلحة.
وختاماً لا ننسى أن نرسل باقاتٍ من التحية والسلام لأرواح شهداء (٢٥يناير) الذين سالت دماؤهم البريئة في ساحات الزود عن الكرامة والشرف والعدالة الاجتماعية والمساواة الإنسانية، فارتقوا إلى الله وهم يلتمسون حياة كريمة لغدٍ أفضل لهم ولذويهم وأهليهم ومجتمعهم ووطنهم فهم في ذاكرة الشعوب هم ورجال الشرطة، ولن تنساهم الشعوب ولا الدروب ولا القلوب.
حقيقة إنه عيد النصر يارجال.