أعلن نتنياهو وبعض من وزراء حكومته وكثير من المفكرين الإسرائيليين أن الاحتلال يخوض معركة وجود في حرب الإبادة على غزة..
وكرروا التأكيد على وجود "تهديد" خطير وتصدوا له بأعتى الأسلحة وبدعم غير مسبوق من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وغيرهم.
تزايدت قبل تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار مع غزة تهديدات الاحتلال لأسر المفرج عنهم في الضفة الغربية والقدس بضرورة منع أي مظاهر للاحتفال؛ وإلا سيتعرض الأسرى والأسيرات المُفرج عنهن للتنكيل.
صرحت أسيرة مفرج عنها بأنها تلقت أوامر مشددة بعدم استقبال أحد من الزوار للتهنئة بالإفراج عنها، وهددوها بأنها قد تتعرض للاعتقال ثانية إذا خالفت ذلك!
لا نعرف كيف يخاف احتلال -يزعم انتصاره- ولديه جيش من أحد أقوى الجيوش في العالم، وتدعمه أساطيل أمريكا والغرب ويمدونه بأحدث الأسلحة المتطورة، ويدعمونه مخابراتيًا وإعلاميًا وسياسيًا وتكنولوجيًا؛ وهو ما ظهر في تفجير أجهزة البيجر في لبنان ومده بـ٨٥ طنًا من المتفجرات لاغتيال نصر الله، والدفاع عن حق إسرائيل في قتل المدنيين ومهاجمة المستشفيات وتدميرها إذا كان ذلك في مصلحة أمن إسرائيل كما صرحت وزيرة خارجية ألمانيا.
الطريف تحايل الأسيرات المفرج عنهن على قرار الاحتلال بتعتيم نوافذ الحافلات التي نقلتهن من السجون لمنعهن من رفع علامات النصر؛ فإذا بهن تتجمعن أمام مقدمة الحافلات التي لا يمكن تعتيمها بالطبع، ويرفعن علامات النصر مع ابتسامات "واسعة" رغم التهديدات التي تعرضن لها وتعريضهن لهجوم من كلاب بوليسية، ولإهانات وضرب وتنكيل قبل الإفراج عنهن.
كما تم إجبار أهالي الأسرى على توقيع شروط منها عدم إظهار أي مظاهر فرح بتحرير أبنائهم، ومنع وجود أي شخص في المنزل سوى الأب والأم والأشقاء فقط!!
وأعلنت هيئة البث الإسرائيلية أن تل أبيب تطلب إبعاد الأسرى الفلسطينيين خارج الضفة الغربية "لمنع" ظهورهم كمنتصرين؛ مما قد يسبب ضررًا سياسيًا لحكومة نتنياهو.
احتفل الفلسطينيون بتوزيع "البقلاوة" في المسجد الأقصى، وقدمت المقاومة هدايا تذكارية للأسيرات المُفرج عنهن، وبدا واضحًا حسن المعاملة التي حصلن عليها في الأسر "وارتياح" ملامح الوجوه، والحرص على توديع المقاومين رغم شدة الازدحام والابتسامة الواسعة لأسيرة وهي تتلقى من مقاوم صورة شهادة الإفراج عنها.
وأعلنت هيئة البث الإسرائيلية أن الحكومة الإسرائيلية ستبُلغ الوسطاء بأن مشهد الإفراج عن الأسيرات بالطريقة التي حدثت غير مقبول.
قالوا في وسائل التواصل العبرية عن الهدايا ومنها صور خريطة غزة وصور من الأسر: أنها استغلال وألاعيب نفسية وغسيل دماغ تقوم به "وحوش" بشرية.
وكتب مستوطن: طالما لم نكسر معنوياتهم؛ فنحن في خسارة.
وكان آخر ما فعله الوزير بن غفير توقيعه قرار الإفراج عن الدفعة الأولى من الأسرى.
وقد استقال بن غفير من منصبه احتجاجًا على اتفاق وقف إطلاق النار، وهدد قائلًا: إذا لم تُستأنف الحرب، لا قدر الله، فسأقوم بتفكيك الحكومة، أنا لا ألعب.
لم يتمكن الاحتلال من منع ردود الأفعال في الكيان ولا من منع استقالة رئيس الأركان وبعض القادة؛ فالمنتصر لا يستقيل بل "يتسابق" الجميع لتكريمه.
قال الصحفي الإسرائيلي جاي بيخو: تنتشر شرطة حماس وقواتها العسكرية في كافة أنحاء غزة ويتم استقبالهم كأبطال يبدو الجميع بملابس جميلة، سيارات جديدة، منازل قائمة ربما لم تكن هناك حرب وكانت مجرد كذبة.
وكتب الصحفي الإسرائيلي ماندي ريزل: قواتنا تزيل العلم من "نتساريم" في قطاع غزة تمهيدًا للانسحاب، "اذكر يارب ماذا حدث لنا، انظر لعارنا" من سفر مراثي إرميا.
أما ديفيد روزنبرج محرر الاقتصاد في هآرتس فكتب: لا أحد يشك في أن سيد الأمن -يقصد نتنياهو- كان من بين ضحايا مذبحة 7 أكتوبر، وسيد الاقتصاد كان من بين الضحايا أيضًا، وفي كلتا الحالتين من غير المرجح أن تقتصر الخسائر على نتنياهو الرجل، وسوف تؤثر التداعيات على إسرائيل كدولة ومجتمع ربما لسنوات قادمة.
لن نزعم بأن الاحتلال أوشك على الانتهاء، ولكن لابد من التوقف طويلا عند خوفه من مظاهر الاحتفال ومن رفع علامات النصر؛ فإذا كان واثقًا من تحقيقه للانتصار بعيدًا عن التدمير لمعظم أسباب الحياة في غزة وقتل وإصابة عشرات الآلاف.
لو تأكد -حقًا- من تدمير المقاومة "ورفض" الشعب الفلسطيني للاحتلال؛ لسخر من الاحتفالات، ولم تزعجه أصوات الزغاريد من نساء "تعبن" من أصوات الصواريخ ومن بكاء الأطفال لخوفهم ولجوعهم، وللإنهاك من كثرة النزوح على مدى 471 يومًا، ومع ذلك تبتسم النساء وتداوي وجع فقد الأحباء وتستعد "لإنجاب" الأبناء لتحرير فلسطين.
قالت سيدة من دير البلح في فيديو انتشر: هنزيل الركام وهنبني وهنعمر وهنرجع غزة أحلى من قبل، وأشارت إلى أطفال وشباب ومسنين وقالت رغم استشهاد بعض من أسرهم: لكننا هنعمرها.
على الجانب الآخر وحتى يضمن استمرار الهدنة؛ طالب والد الجندي الإسرائيلي الأسير في غزة نمرود كوهن، خلال اجتماعه مع المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، بإصدار أوامر اعتقال نتنياهو دعمًا لإتمام المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزة.