استعرض الدكتور عماد أبو غازي الأستاذ بكلية الآداب جامعة القاهرة ووزير الثقافة الأسبق، محتوى وثيقة هامة ضمن أوراق الإمام محمد عبده جرى اكتشافها حديثا تمثل مقترح حكومة وطنية، موضحا أنها تتحدث عن مشروع لاستقلال مصر سنة 1883 وهي عبارة عن لائحة موجهة لبعض المصريين السياسيين من أعضاء الحزب الوطني الأهلي آنذاك ويعد مضمونها مشروعا مقدما للمصريين من بعض الساسة الإنجليز لمناقشة فكرة تشكيل حكومة أهلية في مصر.
موضوعات مقترحة
جاء ذلك خلال ندوة بعنوان "أوراق الإمام محمد عبده المجهولة" للحديث عن مجموعة من الأوراق المكتشفة حديثا في جامعة الأغا خان بالمملكة المتحدة.
وأضاف أن الوثيقة كتبت بصيغة التمويه بهدف عدم الكشف عن مصدرها تضمنت نقاط مهمة ودالة على التفكير السياسي في هذا الوقت، منها عنوان "لائحة أساسية لإعادة حكومة أهلية لمصر" وهي فكرة تشكيل حكومة أهلية مصرية لإدارة مصر، بالإضافة إلى بند يحدد الأمور التي ينبغي على المصريين أن يضعوها في المرحلة التالية من ناحية الحذر من هجوم أوروبي مرة أخرى؛ والحرص على دوام الحكومة في أيدي المصريين؛ واتخاذ طريقة سياسية تصمن تقدم البلاد ونجاحها ماديا ومعنويا.
وأشار إلى أن الوثيقة تضمنت طرح أمور خاصة بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والتعليم في هذا الوقت؛ مبينا أن تلك الرؤية لم تلغ علاقة مصر بالدولة العثمانية بحيث تكون تابعة لها معنويا وفق ضوابط معينة؛ وكذلك المطالبة بوجود تمثيل دبلوماسي لمصر يعزز من علاقاتها الخارجية.
وقال الدكتور محمد الجمل مدير مركز دراسات الحضارة الإسلامية، إن الندوة تتناول الحديث عن مجموعة من الأوراق المكتشفة حديثا للإمام محمد عبده المجدد في الفقه والتاريخ والحضارة الإسلامية، أوراق مجهولة اكتشفت في جامعة الأغاخان بالمملكة المتحدة بالصدفة بعد شرائها من إحدى المؤسسات، وشاء القدر أن يكون في نفس الجامعة الدكتور وليد غالي الباحث وشاركه في فحص الوثائق الدكتور عماد أبو غازي الذي كان في زيارة للمملكة المتحدة.
وتحدث الدكتور وليد غالي، الأستاذ بمركز دراسات الحضارة الإسلامية بجامعة الأغا خان بالمملكة المتحدة، عن قصة اكتشاف الأوراق موضحا أن مكتبة الجامعة حصلت على المجموعة من إحدى صالات المزادات في لندن، لافتا أن المجموعة تتضمن اثنين من الكراسات أو المخطوطات و7 أوراق مكتوبة بخط الإمام محمد عبده، ومجموعة من الكتب النادرة.
وأضاف أن أحد الكراسات المهمة في المجموعة تحتوي على ترجمة 3 فصول من كتاب أفلاطون "الجمهورية"، بالإضافة إلى وثيقة لائحة الاستقلال المقترحة لإقامة حكومة وطنية، وجزء عن الأمثال والأشعار التي كتبها الإمام محمد عبده، إلى جانب جمل وكلمات خطها بيده خلال فترة تعلمه اللغة الفرنسية.
وتحتوي الكراسة الثانية على ترجمة لأحد الكتب المدرسية الفرنسية عن التاريخ، بينما تتحدث الأوراق "الفلوسكاب" عن تاريخ بني إسرائيل منذ عهد النبي موسى إلى القرن الثاني قبل الميلاد فيما يبدو أنها كتبت في إطار دراسي تعليمي.
من جانبه قال الدكتور أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية، إن الإمام محمد عبده يعد واحدا من أبرز المجددين في الفكر والثقافة في العصر الحديث وأحد دعاة الإصلاح وأعلام النهضة العربية الحديثة، وساهم بعلمه وفكره في تحرير العقل العربي من الجمود الذي أصابه لعدة قرون، كما شارك في إيقاظ وعي الأمة نحو التحرر من الاحتلال، وإحياء الاجتهاد الفقهي لمواكبة التطورات السريعة في العلم ومسايرة حركة المجتمع وتطوره في مختلف النواحي السياسية والاقتصادية والثقافية ولقد تأثر به العديد من رواد النهضة.