Close ad

خارجية الاحتلال تنشر خريطة مثيرة للجدل.. حرب الخرائط لفرض «إسرائيل الكبرى»

22-1-2025 | 03:45
خارجية الاحتلال تنشر خريطة مثيرة للجدل حرب الخرائط لفرض ;إسرائيل الكبرى;الاحتلال الإسرائيلي
العزب الطيب الطاهر
الأهرام العربي نقلاً عن

لا تكف القوة القائمة بالاحتلال عن محاولة تكريس حضورها وتمددها فى الإقليم العربى، وفى القلب المخطط منه أرض فلسطين، وتسعى فى سبيل ذلك على الدوام لتبنى سرديات وانتهاج سياسات لترسيخ هذا الزعم، عبر وسائط ومنابر ومنصات إعلامية، تتحكم فيها قوى الضغط الصهيونية، فضلا عن الدعم القوى أمريكيا وأوروبيا على نحو يسهل هذه المهمة، وأحدث تجليات ذلك - الخريطة التى نشرت يوم الإثنين قبل الماضى، على حساب «إسرائيل باللغة العربية على موقع «إكس»، زاعما أنها خريطة تاريخية، مشتملة على أجزاء من الأراضى الفلسطينية المحتلة، بالإضافة إلى أراض من الأردن ولبنان وسوريا، مصحوبة برواية تدعى أن هذه الأراضى كانت جزءا من مملكة إسرائيل قبل ٣ آلاف عام بدون الاستناد إلى معطيات أو دلائل تاريخية.

موضوعات مقترحة

نشر هذه الخريطة فى هذا التوقيت، وعلى موقع تابع لوزارة الخارجية بحكومة الاحتلال - رغم نفى أحد كبار مسئوليها، أنها تعكس أطماعا فى أراضى الدول المجاورة - يؤشر بدون لبس أو شكوك إلى أن القوة القائمة بالاحتلال وتحت حكم بنيامين نتنياهو، ماضية بشراهة نحو تجسيد الحلم الأزلى المهيمن على العقلية والتصورات الصهيونية القائمة على أساطير توراتية، كما أنه لا يمكن اعتباره - كما يقول الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط - تصرفًا عابرًا، ما يستوجب قراءته فى سياق حالة التطرف اليمينى والهوس الدينى التى تغرق فيها حكومة الاحتلال ورموزها، إلى حد استدعاء خرافات تاريخية وترويجها باعتبارها حقائق، مشددا على أن رموزًا رسمية إسرائيلية سبق وأن أعلنت عن النية لضم الضفة الغربية، وإعادة استعمار غزة بالاستيطان، وأن هذه الخرائط ليست سوى ترجمة لنوايا شديدة التطرف، تضمرها حكومة تُمثل خطرًا حقيقيًّا على استقرار المنطقة، وعلى التعايش السلمى بين شعوبها، محذرا من أن تغافل المجتمع الدولى عن مثل هذه المنشورات التحريضية والتفوهات غير المسئولة يُهدد بتأجيج مشاعر التطرف والتطرف المضاد من كل الأطراف.

دبلوماسية الخرائط
حرب الخرائط المزعومة سبق أن مارسها نتنياهو، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة التى عرض فى خطابه أمام دورتها الـ 78 فى سبتمبر من العام الفائت خريطة أطلق عليها "أرض إسرائيل الكبرى"، ولم يكن ذلك بمنأى عن المفاهيم التوراتية التى تسكنه، وكان مدركا تمام لما يفعله، فمنذ وصول حزب "الليكود" للمرة الأولى إلى مقاليد الحكم فى إسرائيل عام 1977 بعد فوز مناحيم بيجن المدوى على حزب العمل، زرعت بذرة قيام إسرائيل الكبرى التى كانت قد ولدت قبل ذلك بكثير، وتبعتها التغييرات التى بدأت باستخدام الاسم التوراتى للضفة الغربية - يهودا والسامرا - والترويج للاستيطان اليهودي، ومع تعرضه لعديد الانتقادات الفلسطينية والإقليمية والدولية، ادّعى نتنياهو، أنه استخدم الخريطة "لتوضيح حقبة جديدة، ستحمل السلام إلى الشرق الأوسط، بما يشمل الفلسطينيين، إذ إن الخريطة وضعت الأراضى الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة) ضمن الحدود السيادية للقوة القائمة بالاحتلال، لكن نتنياهو أوصل رسالته بطريقة معاكسة، أو ربما تكون هى الجزء الصادق الوحيد فى خطابه عن السلام الذى لا يرغب فى مضمونه الحقيقى، وإنما السلام الذى يتحدث عنه هو إقصاء الآخر الفلسطينى والعربى، ورفع منسوب هيمنة كيانه على الإقليم، وهو ما يشعر أنه بات فى قلب هذه الحالة فى المرحلة الراهنة.
ولا تتوقف المسألة عند نتنياهو، لكنها تمتد إلى وزراء التطرف فى حكومته اليمينية والموصوفة بأنها الأسوأ فى التاريخ المعاصر للقوة القائمة بالاحتلال، فقبل أيام، تداول نشطاء فى مواقع التواصل الاجتماعى مقطعا من مقابلة تلفزيونية لوزير المال الإسرائيلى المتطرف بتسالئيل سموتريتش، أجرتها معه "القناة الثانية" العبرية عام 2016، حين كان عضواً فى الكنيست عن حزب "البيت اليهودى"، الذى اندمج عام 2023 مع حزب "الاتحاد الوطنى - تكوما" ليشكلا حزب "الصهيونية الدينية" الذى يرأسه حاليا أعلن فيها بوضوح عن تصوراته لحدود إسرائيل الكبرى، التى يجب أن تمتدّ لتشمل دمشق، إضافة إلى أراضى 6 دول عربية هى سوريا ولبنان والأردن والعراق، وجزءا من مصر وجزءا من الحجاز (السعودية)، لتحقيق الحلم الصهيونى من النيل حتى الفرات"، كما يجب أن تمتد من البحر إلى الأردن"، وعندما سألته مقدمة البرامج الشهيرة إيلانا دايان عن "هل تريد فى هذه المرحلة أيضاً (احتلال) شرق الأردن؟"، أجاب: "نعم، شيئاً فشيئاً". فى نهاية المقابلة أشار إلى أنه "مكتوب فى كتب الحكماء (القادة الروحيين والدينيين لليهود) أن مستقبل القدس هو أن تمتد إلى دمشق"، وختم: "باختصار لدينا الكثير لنطمح له".

أركان "دولة سموتريتش"
فى مارس من العام المنصرم، ألقى سموتريتش خطاباً فى العاصمة الفرنسية باريس، وكانت على المنصة التى يقف عليها خريطة تشمل "أرض إسرائيل"، فى إشارة إلى أن إسرائيل تتكون من فلسطين التاريخية والأردن، منكرا آنذاك وجود شعب فلسطينى من الأساس، زاعما بأن هذا الشعب "بدعةٌ تمّ اختراعها قبل 100 عام لمحاربة المشروع الصهيونى فى أرض إسرائيل (...)، فيما كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، قبل أشهر عن حصولها على تسجيل صوتى لسموتريتش يؤكد فيه امتلاكه "خطة سرية" لتعزيز سيطرة القوة بالاحتلال على الضفة الغربية، وإجهاض أى محاولة لأن تكون جزءاً من الدولة الفلسطينية.
وفى السياق ذاته، أصدر سموتريتش فى نوفمبر الماضى تعليمات لإدارة الاستيطان والإدارة المدنية للبدء فى إعداد البنية التحتية اللازمة لتطبيق ما أسماه "السيادة" على الضفة الغربية، متعهدا- وفقا لصحيفة"يديعوت أحرونوت"- أن يكون 2025 "عام السيادة الإسرائيلية" على الضفة الغربية، فى حين أن صحيفة "إسرائيل هيوم" المقربة من نتنياهو، كشفت فى عددها الصادر يوم السبت الماضى، أن العام المنصرم 2024، شهد اكتمال بناء أركان "دولة سموتريتش" فى الضفة، حسب التقرير الدورى للمكتب الوطنى الفلسطينى للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، الذى أشار إلى أنه منذ تشكيل حكومة نتنياهو الحالية نهاية ديسمبر العام 2022، بالشراكة مع سموتريتش، ووزير الأمن القومى المتطرف إيتمار بن غفير، وقعت بالضفة الغربية سلسلة من التحولات الواسعة، التى بدأت ترسم مشهدا جديدا على الأرض، يهدف إلى حشر الفلسطينيين فى معازل تحيط بها المستوطنات والبؤر الاستيطــانية، ومـــا يسمـــى بالمـــزارع الرعوية من كل جانب، على نحو عزز المشروع الاستيطانى الاستعمارى بشكلٍ أكبر مقارنة مع نهاية عام 2023.

الصهيونية التصحيحية
ولا شك أن تكرار نتنياهو وسموتريتش ومسئولين  آخرين مثل هذه التصريحات، وعرض هذه النوعية من الخرائط فى مناسبات كثيرة سابقاً وحالياً، يسلط الضوء على المعتقدات والأفكار التى يؤمن بها اليمين واليمين الفاشى داخل إسرائيل، والأصوات المؤيدة له حتى من الخارج متكئين فى قناعاتهم ومعتقداتهم التوراتية المتشددة، إلى نصوص أهمها ما ورد فى سفر التكوين، إضافة إلى الأصوات التى تعرف بأنها علمانية داخل الحركة الصهيونية والتى تدعو إلى توسيع حدود القوة القائمة بالاحتلال- التى لم تحدد رسميا حتى اليوم - لتشمل أجزاء واسعة من الشرق الأوسط.
وعلى الرغم من أن ما يطلق عليه تاريخيا بالصهيونية التصحيحية، اختلفت مع الأنواع الأخرى من الصهيونية عن أقصى حدودها الإقليمية، فإنها أنها أصرت على فرض السيادة على الأرض بأكملها، ومن بين منظريها ملهم نتنياهو وبيجن وحزبى "حيروت" و"الليكود"، زئيف جابوتنسكي، وهو قيادى صهيونى كبير من أصول أوكرانية، أصبح فى عام 1921 عضواً فى اللجنة التنفيذية للمنظمة الصهيونية العالمية، لكنه انشق عنها  فى العام 1923 بعد خلاف معها وأسس حركة بيتار فى العام نفسه، ثم أسس حزب الصهيونية التصحيحية سنة 1925، أحد أهم أحزاب اليمين الصهوينى المطالب بإنشاء دولة يهودية تمتد ما بين النهرين، وعارض بشدة خطة التقسيم التى عرضتها لجنة بيل عام 1937، ودعا إلى رفض الاكتفاء بإقامة (إسرائيل) على أرض فلسطين وحدها بل مدها إلى الأردن وصحراء سوريا.
ولعل من أبرز هذه المعتقدات فى هذا الشأن،ما كتبه ديفيد بن جوريون عامي1937 و1938 عن أن "الحيازة المتزايدة للأراضى ليست ذات أهمية فى حد ذاتها فحسب، بل لأنه من خلالها نزيد من قوتنا، وكل زيادة فى القوة تساعد فى حيازة الأرض ككل. إقامة الدولة حتى لو كانت على جزء بسيط فقط من الأرض، هى التعزيز الأقصى لقوتنا فى الوقت الحالى ودفعة قوية لمساعينا التاريخية، سنحطم الحدود التى تفرض علينا، ليس بالضرورة عن طريق الحرب".
وتنطلق العقيدة اليهودية، أو العقيدة الصهيونية، أو عقيدة إسرائيل الكبرى، من تفسير توراتى، يزعم أن حدود دولة إسرائيل تمتد من نهر النيل فى مصر إلى نهر الفرات فى سوريا والعراق، والتى تجسده العبارة المدونة على مدخل الكنيست: "ولما تجلى الرب على إبراهام، منحه الأرض المقدسة من النيل إلى الفرات "، فضلا عما هو متدوال، فى المناهج الدراسية الدينية اليهودية: "فى ذلك اليوم عقد الله ميثاقاً مع أبرام قائلاً: سأعطى نسلك هذه الأرض، من وادى العريش إلى النهر الكبير، نهر الفرات، أرض القينيين، والقنزيين، والقدمونيين، والحيثيين، والفرزيين، والرفائيين، والأموريين، والكنعانيين، والجرجاشيين، واليبوسيين".. ووضحت معالم هذا المخطط مبكراً، منذ تحدث عن مشروع الوطن القومى لليهود، مؤسس الصهيونية العالمية، "تيودور هيرتزل "، عام 1904، وأعلن صراحةً أن حدود دولة إسرائيل تمتد من نهر مصر إلى الفرات»، وهو ما ردده صراحةً أيضا الحاخام فيشمان عام 1947، فى شهادته للجنة التحقيق الخاصة للأمم المتحدة، وظلت الأمورعلى هذا النحو حتى عام 2014، عندما تداول نشطاء إسرائيليون على موقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك" خريطة، وصفوها بـ"مملكة إسرائيل الكبرى"، و"مملكة داوود "، وتضم مصر وفلسطين والأردن وسوريا ولبنان وجزءاً من السعودية والعراق.

مخطط التفتيت
يبدو أن هذا المخطط قد تعثر فى السنوات الماضية على أرض الواقع، على الرغم من رعاية الولايات المتحدة الأمريكية له، انطلاقاً من مزاعم تتعلق بأمن القوة القائمة بالاحتلال فى ضوء التزامها الإستراتيجى بحمايتها، ما أفضى إلى تبنى مخطط جديد بدأت بوادره فى العام 1982، وامتد إلى ما بعد العام 2011، يرتكز على أن إقامة "إسرائيل الكبرى" تتطلب تفتيت الدول العربية القائمة حاليا إلى دويلات صغيرة، تصبح كل منها معتمدة على القوة القائمة بالاحتلال فى بقائها وشرعيتها، لأن الأخيرة لا تستطيع الاستمرار فى البقاء إلا إذا أصبحت قوة إقليمية مهيمنة "إمبريالية، وطبقا لهذا المخطط يجرى تقسيم العراق إلى دولة كردية ودولتين عربيتين، واحدة للشيعة وأخرى للسنة، وأيضا تقسيم لبنان وسوريا وإيران والصومال، إضافة لتقسيم دول شمال إفريقيا، وعلى رأسها مصر والسودان وليبيا وبقية المنطقة، ومازال هذا المخطط متواصلا فى تطبيقه وفقا لمتطلبات كل مرحلة، وإن كانت المرحلة الأخيرة هى الأخطر، فقد خضعت دول عديدة فى الإقليم العربى لحروب أهلية ونزاعات عرقية ومذهبية ودينية، كانت القوة القائمة بالاحتلال ضالعة فيها، إما على نحو علنى مثل لبنان وسوريا واليمن، أو عبر تدخلات سرية فى معظم الصراعات مستغلة القدارت المعلوماتية لجهازها الاستخبارى، بالتنسيق مع الاستخبارات الأمريكية.   
ومن هذه القناعات والمعتقدات يستمد المتطرفون، وعلى رأسهم نتنياهو وأركان حكومته ونخبته العسكرية أوهامهم، كما تستيقظ أحلامهم من سباتها مع كل حرب، فلا يجدون أمامهم من مفر إلا بتوسيع الحرب، معتبرين أن سيطرة القوة على المنطقة بأكملها فى المستقبل ستؤدى إلى القضاء على كل الخصوم، وأن السيطرة الأمنية بالمطلق ستمنع تنفيذ أى هجوم ضد الاحتلال، والأهم من ذلك أنها ستقضى على أى أمل بإقامة دولة فلسطينية، وهو ما يتسق مع منظور نتنياهو الذى يستبعد وجود دولة فلسطينية، ويصر على أن تكون أرض فلسطين التاريخية وطناً قومياً لليهود، انطلاقاً من وعد بلفور المشئوم، الذى سيمتد فى المرحلة المقبلة إلى احتلال قطاع غزة بصورة نهائية واجتياح الضفة الغربية، واحتلال الجنوب اللبنانى حتى نهر الليطاني، واحتلال أجزاء من العراق، واحتلال أجزاء جديدة من سوريا إضافة إلى الجولان، ثم الاستعداد للسيطرة على اليمن للتحكم فى مضايق البحر الأحمر، أو هكذا يتصور.
 وثمة مخاوف تطرحها هذه الخرائط المزعومة، لاسيما على صعيد علاقات تل أبيب ودول المنطقة، وتأثيرها على مستقبل عملية السلام وحل الدولتين، لكن خطورتها تكمن فى أن هذا الطرح التوراتى الصهيونى، يظهر بهذه القوة والسطوع والسفور من دون خجل، فى وقت تقف فيه منطقة الشرق الأوسط على مفترق طرق، فى ظل استمرار حرب الإبادة على قطاع غزة، مدة الأشهر الخمسة عشر المنصرمة، متسببة فى محو 6 فى المائة من إجمالى سكانه من سجلات الحياة، وتدمير أكثر من 80 فى المائة من بنيته التحتية ومرافقه ومنشآته، والتنصل من الاستحقاقات المطلوبة، لإنهاء هذه الحرب، بل والإصرار على مواصلتها حتى لو تم التوقيع على اتفاق بشأن تبادل الأسرى، طبقا لتأكيدات نتنياهو غير مرة - بالتزامن مع امتداد الحرب إلى الضفة الغربية وتفخيخها بالمستوطنات، حتى لم يبق للفلسطينيين أى مجال لإقامة دولتهم المنشودة، أو استعادة بعض من حقوقهم المشروعة.
كما أن ما جرى ويجرى فى لبنان وسوريا، سواء عبر المراوغة بشأن الالتزام ببنود وقف إطلاق النار، أم بالاعتداءات المتكررة على المنشآت الحيوية السورية، وخصوصاً العسكرية منها، بحجة أنها تشكل تهديداً، بينما الغاية القضاء على كل عناصر القوة القائمة والمحتملة، حتى لا يقف شيء فى وجه الخطط المضمرة لقلب المعادلات فى الشرق الأوسط، وإعادة رسم خرائطه، بما ينسجم مع الأطماع المعلنة للقوة القائمة بالاحتلال، وهو ما ثبت بالوقائع على مدى العقود الثمانية الأخيرة، بداية من حرب 1948 الاستئصالية مرورا بعدوان 1956 وحرب 1967 وحرب أكتوبر 1973 التى أوقفت هذا التمدد بفضل صلابة الجيش المصرى والجيش السورى بدعم ومؤازرة فاعلة من جيوش عربية أخرى، لكن الرغبة فى التمدد ظلت كامنة واستعادت قدرتها بغزو لبنان فى 1982 واحتلال أول عاصمة عربية-بيروت- ثم بحروبها المتواصلة ضد الفلسطينيين والتى بلغت ذروتها بشن حرب الإبادة فى السابع من أكتوبر من العام المنصرم، والتى على إثرها انفلت زمام النخب السياسية والعسكرية متجردين من أى قواعد سياسية أو أخلاقية، فى الانخراط فى ممارسة أسوأ أشكال التقتيل والتدمير المنهجى للبشر والحجر فى لبنان، إلى جانب غزة، ثم التمدد الاحتلالى- الذى لن يكون مؤقتا- فى سوريا فى أعقاب نظام بشار الأسد فى الثامن من ديسمبر الماضى، ناهيك عن اليمن والعراق وإيران.. وهى كلها أهداف مشروعة أمام تل أبيب لتحقيق طموحها فى الهيمنة الإقليمية، وفقا لقناعة نتنياهو بعد أن نجح- حسب إدعائه- فى تغيير ميزان القوى الإقليمية لصالحه، وهو ادعاء لن يصمد طويلا، طبقا للحتمية التاريخية التى تنص على سقوط قوى الاحتلال مهما طال أمدها.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: