Close ad

غضب الله.. وحرائق أمريكا ونصر غزة!

20-1-2025 | 18:42

بينما تستمر الحرائق مشتعلة لليوم الثالث عشر على التوالي في ولايتي كاليفورنيا ولوس أنجلوس الأمريكتين، وتتفاقم معها حجم الخسائر في الأرواح، والممتلكات التي -وفقا لآخر البيانات الرسمية- بلغ عدد القتلى 25 شخصًا على الأقل، ونزوح أكثر من 200 ألف شخص من إجمالي 6 ملايين شخص يعيشون حاليًا تحت تهديد الحرائق المستعرة.

إلى جانب إتلاف وتدمير أكثر من 12 ألف منزل ومنشأة وتسوية أحياء بأكملها بالأرض، وحرق آلاف الأفدنة من الغابات، لترتفع الخسائر إلى أكثر من 150 مليار دولار، وفقًا للتقديرات الأولية.

ولا تزال هناك حالة من عدم اليقين بشأن ما قد يحدث بعد ذلك، حيث لم تترك حرائق الغابات وراءها مخاطر وممتلكات مدمرة فحسب، بل أدت أيضًا إلى خطر الانهيارات الأرضية المعزولة على طول العديد من المنحدرات في "باسيفيك باليساديس" بلوس أنجلوس!!

ومثل هذه الحوادث الكبرى، تثير نقاشات واسعة حول أسبابها.

البعض يرجعها إلى "غضب الطبيعة" الناجم عن التغيرات المناخية التي تضرب الأرض حاليًا بقوة، والأخر يرجعه إلى "غضب الله"، من الأعمال غير "الطبيعية" وغير الأخلاقية والإنسانية التي تجري هناك.

بينما يجمع فريق ثالث بين "غضبي الله والطبيعة معًا"، بسبب مع ما حدث في غزة من حرائق ودمار وإبادة لعشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء أغلبهم من الأطفال والنساء والعجائز، وفقد للبيوت والزراعات وكل سبل الحياة على مدار 15 شهرًا ولم تتوقف سوى أمس!!

فريق "العقاب الإلهي" وانتقام السماء لطغيان أمريكا وتجبرها وتسليحها للعدو الصهيوني المحتل بكل معدات القتل والدمار والعقاب لأبرياء غزة العزل، يبرر شماتته لهذا العقاب الذي حرق البشر والحجر بالولايتين، مثلما فعلت آلاف الآليات أمريكية الصنع بمدن وأحياء غزة!

وبعيدًا عن هذا وذاك.. دعونا -بداية- نتفق أن الحرائق سنن وأقدار احتفظ الله بتوقيتها وأسرارها، فلا حكم لها أو عنها، إلا ببينة من كتاب أو سنة، ولا يمكن القول بأنها عقاب إلهي فوري للأمريكان في ولاية وكاليفورنيا، وخاصة مدينة لوس أنجلوس، لبعد سكانها عن الدين والأخلاق، ففي تلك الولاية أكثر من مليون مسلم و250 مسجدًا، ولم تميز النيران بين الأديان والأشخاص، فقد أصابت ممتلكات الجميع!!

إن هذه الحرائق تظهر عظمة الخالق، وتضع الإنسان أمام حدود قدراته، فهذه هي الولايات المتحدة المتغطرسة، القوية بعتادها وأسلحتها وتكنولوجيتها، تفشل حتى اللحظة في إطفاء هذه الحرائق.

كما تؤكد أن كل ما في الكون يسير بإرادة الله ومشيئته وقوته، وأن الله لن يغير من نظام الكون ونواميسه لمعاقبة مواطنين أمريكيين عاديين قد يكون بينهم عرب ومسلمون، لم يقوموا بأي عمل فيه أذية لأهل غزة، وإلا لماذا يترك "بايدن وإدارته المجرمة والكونجرس المتصهين، وأيباك، والوقوف بالمال والسلاح والقرار في الأمم المتحدة مع الحرب على غزة؟

ولماذا يترك نتنياهو وعصابته الإرهابية التي قتلت الأطفال والأمهات والشيوخ والمرضى ودمرت المساجد وداست القرآن الكريم ودنست المسجد الأقصى؟

 ولماذا يترك بعض الحكام العرب والمسلمين الذين شاركوا بصمتهم في الإبادة الجماعية بغزة، ومعهم شعوب أمة الـ 2 مليار نسمة التي اكتفت بالفرجة على الحرائق والصقيع الذي جمد أطفال المخيمات؟!

إن مفارقة البعض في التفسير الديني الذي يعتمده أشخاص حين تقع الكوارث في دول عربية وإسلامية، إذ يعتبرونها "ابتلاء واختبارًا من الله"، بينما هي "عقوبة وانتقام" لغيرهم.. تحتاج إلى مراجعة وتدقيق منهم، فالبراكين والزلازل والفيضانات وتقلبات الجو والبحر جزء من توازن هذا الكون وقوانينه الفيزيائية التي وضعها الله عز وجل لتناسب البشر حتى يستطيعوا العيش في هذا الكون.

ولأن هناك العديد من مناهضي فكرة العقوبة الإلهية، سردوا حقائق عن جغرافيا كاليفورنيا، والأسباب وراء اندلاع الحرائق فيها سنويًا، علما بأن هذا بين أضخمها على مر التاريخ الأمريكي.

وأشاروا إلى قوة الرياح التي تسمى "سانتا آنا Santa Ana"، أحيانا تسمى رياح الشيطان أو الرياح الحمراء، لما تسببه من انتشار الحرائق بسرعة كبيرة، كما أنها تساعد على زيادة جفاف التربة والأشجار وانخفاض رطوبة الهواء الذي يعتبر مفتاح اندلاع الحريق الأولي، حيث يكون الهواء جافًا في البداية بسبب المواقع الجافة التي نشأ منها، ويزداد جفافًا في اتجاهه نحو الجبال.

وإزاء ما سبق فإننا لا يمنع أن نكون مع الفريق الذي يتسلح بالإيمان، بأنه لن يحكم أحد في ملك الله إلا بمراد الله، والتسليم بقضاء الله العادل، وعقابه لأمم المتجبرين ومعتنقي صهيونية الإبادة للبشر من المسلمين وغيرهم، وأن نفرح معهم على ما أصاب قومًا جبارين متغطرسين على جرمهم، (وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أو تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّي يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ).

إننا معشر البشر لنا حساباتنا التي تختلف عن حسابات الله تعالى، ودائما ما يكون لدينا قصور في الرؤية واستعجال دائم في الحكم على الأشياء، خاصة حين تضيق بنا الأمور، ولعل ما خاطب الله به نبيه بقوله تعالى: (وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ" في إشارة لاستعجال الحكم، فكان الرد في نفس الآية (أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)".
ولقد جاء نصر الله لغزة وأهلها، وكل من تعاطف معها، ولو بقلبه.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة