Close ad

الوجه الآخر لـ"طوفان الأقصى"..

20-1-2025 | 14:44

علي الجانب الآخر لمعركة "طوفان الاقصي"، هناك مبادئ وأسس جديدة ووجه آخر للمعركة أثبتت ورسخت قيم وتحولات أحدثتها المواجهات على مدى 15 شهرًا بين طرفي الصراع، وهما الطرف الأول، الكيان الصهيوني تسانده الولايات المتحدة، ووراءها تحالفات ودول وجيوش أممية، والطرف الثاني المقاومة الفلسطينية.

تقول حقائق المعركة، إن الطرف الأول، لم ينتصر، والطرف الثاني لم ينكسر.. هذه هي معطيات ونتائج معارك استغرقت 470 يومًا خاضتها المقاومة الفلسطينية بكل بسالة، محافظة على ثوابتها ومبادئها بألا ترفع الرايات البيضاء أمام قوات وتحالفات وجيوش جرارة.

أما الطرف الأول فلم يحقق أهدافه التي وضعها وأعلن عنها وهي: القضاء على المقاومة الفلسطينية وفي صدارتها حركة حماس، وتحرير الرهائن الصهاينة والأجانب لدى المقاومة، وتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة والضفة الغربية، ثم إبادة الشعب الفلسطيني، فقد فشل الصهاينة في تحقيق أهدافهم، ولم يحققوا منها هدفًا واحدًا.

فقد أظهرت، نتيجة اتفاق وقف الحرب، فشل رئيس الوزراء نتنياهو وحكومته، وفشل الجيش ورئيس أركانه هرتسي هليفي.. هكذا وصف الصحفي الإسرائيلي يوسي يهوشوا اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بأنه فشل سياسي لنتنياهو، وأضاف يهوشوا أن الجيش لم يفِ بتوقعات تحقيق النصر على حماس.

هذه الحرب أوجدت العديد من المتغيرات، أهمها أن الإدارة الأمريكية السابقة كانت شريكة رئيسية في الحرب، فقد توالت المناقشات والاجتماعات والقرارات لوقفها على مدى 15 شهرًا ما بين حصار وقصف وقتل ونسف وتدمير وتجريف وإبادة، ولولا التغيير في الرئاسة الأمريكية لاستمرت الحرب.

أيضًا أكدت المعطيات أن ما يقوله الصهاينة لاعلاقة له بالواقع الميداني، وكلنا نتذكر أن سياسيِّ الكيان وقادته، أعلنوا بعد السابع من أكتوبر 2023، أنهم لن يتفاوضوا مع المقاومة، لأنهم لايعترفون بها، واليوم وبعد 15 شهرًا أصبحت المقاومة هي التي تفاوض على حقوقها وأسراها، وتملي شروطها على عدوها ندًا بند، وإذا كان الطرف الأول لاتفاق وقف إطلاق النار لا يعترف بالمقاومة، فمع من وقع الاتفاق.

أما الجانب الآخر للمعركة، فيحمل الكثير من المفاجآت والسمات المعبرة عما يسمونهم بشرًا..

فقد عبر الصهاينة عن جوهر أخلاقهم، فلم تكد تبدأ الحرب في السابع من أكتوبر الماضي، حتى استقدمت رحلات من الولايات المتحدة وأماكن أخرى، لتبدأ “السياحة في زمن الحرب"، وانتشرت صور لمجموعات من الإسرائيليين يجلسون أعلى قمم التلال المطلة على الأراضي الفلسطينية، ويسجلون بهواتفهم الانفجارات ويلتقطون صور سيلفي مبتسمين على خلفية من الدخان الأسود، ويشاهدون بمرح القنابل التي تنهمر على القطاع.. كان الإسرائيليون يجلسون فوق برج مراقبة في مستعمرة ناحال عوز على حدود غزة، ويلوحون ويهتفون بينما أطلقت قوات الاحتلال النار على المتظاهرين الفلسطينيين الباحثين عن الماء والطعام.

نشاط سياحي يتغذى على الموت والكوارث، هذا لا يخرج إلا من الكيان الصهيوني، الذي نشأت لديه "سياسة الإبادة الجماعية"، حيث يقتل جنودهم الفلسطينيين، وتجارهم يستغلون مشاهد القتل والإبادة والدمار في تنظيم قوافل سياحية، لمشاهدة قصف وقتل وابادة اطفال ونساء الفلسطينيين على الهواء مباشرة.

حتى البريطانيون أفاقوا، فقد ردت العاصمة البريطانية  لندن على وقف إطلاق النار، بعد أن تجمعت حشود في ميدان "الطرف الأغر"؛ لإحياء ذكرى الفلسطينيين الذين قتلوا في الحرب الإسرائيلية على غزة، بعد إعلان وقف إطلاق النار الأربعاء الماضي، وهتفوا لتكريم الأرواح التي فقدت، وتعهدوا بدعم عملية إعادة البناء في غزة، التي دمر الاحتلال الهمجي الإسرائيلي الكثير منها.

ناشطة أمريكية من أصول عربية، مؤيدة لفلسطين توجه رسالة إلى الذين يتخذون الغرب قدوة لهم، بعد أن كشفت جرائم الاحتلال حقيقتهم، قائلة: "فلسطين حررتنا جميعًا، كلما تذكرت حقيقة الغرب تجاه فلسطين، أشعر بالعار؛ لأنني أردت الحصول على القبول في مجتمع لا يهتم حتى بنظافته الشخصية.. لقد حررتنا فلسطين من النظرة الضيقة للغرب الذي كان في ذهننا متحضرًا.. لم نعد ننظر إلى الغرب وأوروبا ومنظمات الأمم المتحدة بنفس النظرة نفسها، كنا نعتبر أن ثقافتنا وحياتنا ولغتنا ليست مقبولة لدى الغرب، وليست في مستوى المستعمر، ولكنني قررت أن أحمل أصولي معي إلى كل مكان أذهب إليه بكل صدق وبكل فخر".

يوسف عوض الله، عازف العود الفلسطيني النازح، في أرجاء قطاع غزة، كان العود وما زال جزءًا جميلًا من تجربة النزوح، وعلى الرغم من كل ما يمر به، يقول: "أحاول قدر استطاعتي التحرر من الحزن والقلق والقمع، في تخفيف المصاعب التي نواجهها في غزة من خلال العزف على آلتي لخلق لحظات من الأمل والشفاء"، اضطر عوض الله إلى بيع أحد أعواده لشراء خيمة لعائلته، لكنه احتفظ بالعود الآخر حتى يتمكن من الاستمرار في التفاؤل.

لقد أظهر الصراع للعالم، أن القوة العسكرية الساحقة لا يمكنها كسر إرادة شعب مصمم على البقاء على أرضه، ولن تتوقف الأسئلة والاستفسارات التي تتولد اليوم ويحملها الغد؛ بسبب طوفان الأقصى، والإجابات لدى العليم الحكيم القادر المقتدر، في كتابه الكريم بسورة التوبة الآية 111، حيث قال  سبحانه: "إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ".

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة