Close ad

إنها غُربة الحياة!

20-1-2025 | 11:34

حين تجد نفسك بعد رحلة عمل وحياة، وقد مر عُمرك مرور الرياح؛ وعلا الشيب رأسك على حين غفلة منك، ولسان حالك بين "كنت "و "كنا"!!

انتبه إنه بداية الشعور بغُربة الحياة!!

حين تجد نفسك تقارن حاضرك بماضيك؛ الذي لم يكن خاليًا من المعاناة، فتجدك تحن إلى الماضي وتفتقده!!

إنها غُربة الحياة!!

وحين ترى الأحوال والنفوس قد تبدلت من حولك، وتفتش عن قلوب وأفعال الناس الطيبين فلا تجد إلا قسوة في النفوس وغلظة في القول!!

إنها غُربة الحياة!!

وحين تُقلب بين سجل أرقام هاتفك بحثًا عن الصحب الكرام، فتجدهم إما ذهبوا أو "تاهوا" في دروب الحياة!!

إنها غُربة الحياة!!

حين ينظر بعض أفراد المجتمع إلى كبار السن على أنهم أقل قدرة على التكيف أو غير ضروريين، وهو ما يشعرهم بالإقصاء!!
 
إنها أقصى درجات غُربة الحياة!!

تُعد غربة الحياة حالة يعاني منها الكثير من كبار السن؛ نتيجة التحولات السريعة التي يشهدها العالم من حولهم، سواء على الصعيد التكنولوجي أو الاجتماعي، أو الثقافي، وتؤدي هذه الغربة إلى تأثيرات نفسية واجتماعية عديدة تؤثر على جودة حياتهم وصحتهم النفسية.
 
ولعل الشعور بالوحدة والعزلة هي أكثر ما يعانيه كبار السن من آثار نفسية في ظل غُربة الحياة، خاصة مع تقدمهم في العمر، فحين يفقدون الكثير من الأحباء، أو يصبحون أقل انخراطًا في المجتمع، يتولّد لديهم إحساسٌ بالفراغ النفسي والعاطفي.
 
كما أن القلق والاكتئاب يعتبران من التحديات النفسية الكبرى التي تصيبهم، خاصة مع شعورهم بعدم القدرة على مواكبة العصر الحديث وتكنولوجياته المتقدمة، فمن عاصر زمن "التليفون الأسود" الذي كانت تتوارثه الأجيال، طبيعي أنه قد يجد صعوبة في التكيف مع زمن الهاتف الذكي وتقنيات الذكاء الاصطناعي.

هذا الانفصال الثقافي بين الأجيال يجعلهم يشعرون بعدم الأهمية في عائلاتهم أو مجتمعاتهم، مما يجعلهم يلوذون كثيرًا بفضيلة الصمت.
 
أيضًا يمثل الخوف من المجهول والقلق من المستقبل مشكلات شائعة، إذ إن التفكير المستمر في المرض أو العجز يزيد من عبء التوتر النفسي، خاصة حين تداهمهم أمراضٌ مزمنة، وتلتهم فاتورة العلاج جُل معاشهم.

واجتماعيًا، يعاني كبار السن من تراجع شبكة العلاقات الاجتماعية؛ فمع انشغال الأجيال الأصغر من أبناء وأقارب في العمل والحياة السريعة، يصبح التواصل محدودًا، مما يعزل كبار السن ويعمق شعورهم بالغربة حتى داخل بيئتهم الخاصة.

وفي السياق العائلي، فإن التغيرات في القيم والأدوار الاجتماعية تُشعرهم أحيانًا بفقدان مكانتهم التقليدية كأفراد مؤثرين داخل الأسرة؛ وهذا يؤدي إلى تقليل مستوى التواصل والدعم الاجتماعي، مما يزيد من إحساسهم بالانفصال عن ذويهم.
 
لكن معنى ذلك كله أن تستسلم، بالطبع لا، أول خطوة ألا تبكي على ماض تولى، ولا تغلق باب ذاكرتك دونه، بل تقلب في صفحاته لاستخلاص العبر، وابحث لنفسك عن منطقة للإبداع، واصنع لنفسك عالمًا جديدًا، وتذكر أن سر العبقرية، هو أن تحتفظ بروح الطفولة إلى سن الشيخوخة، ما يعني ألّا تفقد حماسك أبدًا.

أما وجع القلب لمن يكابده من أعيتهم هموم الحياة، فلا خلاص لك منه إلا بـ"الفضفضة" مع من تحب، ووجه طاقتك إلى النشاطات الإيجابية؛ مارس الرياضة إن استطعت إليها سبيلا، اقرأ، أو انخرط في هواياتك القديمة؛ وتقبل ما جرت به الأيام، وذكّر نفسك بأن كل تجربة إنسانية لا تخلو من الألم، وامنح نفسك وقتًا لتتعافى؛ فكل ألم يتوارى مع الزمن، وتذكر أننا في مرحلة الشباب نسير من خلال الصعوبات، لكن حين نكبر تسير الصعوبات من خلالنا، ونعالجها بحكمة الشيوخ.

وليس هنا أبلغ قولًا مما رواه أبوهُريرة عن رسولنا الكريم قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يَزالُ قَلْبُ الكَبِيرِ شابًّا في اثْنَتَيْنِ: حُبِّ الدُّنْيا وطُولِ الأمَلِ".

أما عن المرحلة العمرية الأكثر سعادة في الحياة، وهل هناك أدلة على ما يطلق عليه اسم "أزمة منتصف العمر"، فهذا هو حديثنا في المقال القادم بإذن الله تعالى.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
قصص إنسانية من الأولمبياد

البطولات الرياضية، وفي الصدر منها الأولمبياد، ليست مجرد ساحة لجني الميداليات، بل قد تكون فيها الكثير من القصص الإنسانية، فوراء كل بطل عظيم قصة رائعة..

الناجي الوحيد بعد "انقراض البشر"!

لم يعد الحديث عن نهاية العالم مقصورًا على تنبؤات السينما العالمية، بل إن كورونا ألهبت خيال البشر أنفسهم ودفعتهم إلى توهم نهاية العالم..

قبل أن تصبح أحلامنا لوحات إعلانية!

ربما يستيقظ أحدنا في المستقبل القريب، من دون مرض أو علة، ولسان حاله يقول: أنا مش أنا ، أو قد يراه أقرب الأقربين له بأنه لم يعد ذلك الشخص الذى نعرفه.. دماغه تغيرت.. أحلامه تبدلت

صيام "هرمون السعادة"!

وصفوه بأنه هرمون السعادة ، باعتباره الهرمون الذي يفرزه المخ بعد الحصول على المكافأة ويكون سببًا للشعور بها، لكنهم يصححون لنا هذا المفهوم اليوم، بأن دوره

الأكثر قراءة