ستبقى إسرائيل دولة احتلال وإبادة طالما بقيت في هذه المنطقة، ولن تؤتمن على عهد ولن تلتزم بوعد.. فهم قوم موصومون بالخيانة ونقض العهود.. إسرائيل هي نموذج لعصابات الإجرام وميليشيا القتل والإبادة.. فقد أكدت، على مدار نحو عام ونصف من القتل والتدمير في غزة، أنها كيان سرطاني لا يعيش إلا على سفك الدماء.. 50 ألف قتيل، ومائة ألف جريح حصيلة حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل ضد سكان غزة؛ لتخلف وراءها أسوأ كارثة إنسانية عرفها التاريخ.. وستبقى غزة دليل إدانة يلاحق هذا الكيان أينما حل وتقدم المجازر والمحارق والتدمير والإبادة ما يضعه أمام التاريخ كأكبر مجرم حرب عرفته البشرية.
ما فعلته دولة الإجرام في غزة طوال عام ونصف لن تمحوه عقود ولا اتفاقيات، وسيبقى شاهدًا على عجز العالم أمام وحشية هذا الكيان الدموي.. فقد بدا واضحًا جليًا أن المماطلات التي مارستها هذه العصابة الإجرامية منذ أكثر من عام، حتى تم التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب، كان الهدف منها إطالة أمد القتل والتدمير والإبادة، حتى إن هناك تقارير، نشرتها صحف هذا الاحتلال، كشفت عن أن ميليشيا الجيش الإسرائيلي كانوا ينظمون مسابقات بينهم لقتل أكبر عدد من النساء والأطفال وتدمير المنازل، وفي هذا السياق، ووفق ما تكشف من جرائم أن فرق القتل كانت تعمل في الميدان دون تعليمات، وطلبوا منها إرسال صور القتلى لإثبات أنهم يعملون وفق هذه المنهجية الدموية، واعترف أحد الضباط العاملين في محور نتساريم بغزة أنه قتل هو وبعض زملائه 250 فلسطينيًا مدنيًا غير مسلحين؛ معظمهم من النساء والأطفال، وأرسلوا صورهم لقائدهم.
القتل وسفك الدماء تمارسه ميليشيا هذه الدولة الإجرامية بوازع ديني عقائدي؛ إذ إنهم يعتبرون القتل تقربًا إلى الله، وفق تعاليم التلمود، التي وضعها الحاخامات اليهود الأوائل، وأصبحت عقيدة دموية يتوارثها الجيل تلو الآخر، ولعل هذا ما يفسر هذا الإجرام الذي فاق كل التصورات، وتجاوز حدود اللامعقول في القتل وسفك الدماء..
حتى إن الاجتماع الوزاري الذي عقده رئيس الوزراء نتنياهو يوم الجمعة الماضي؛ للحصول على موافقة الوزراء على اتفاق وقف النار وتبادل الأسرى، قيل إن الوزراء المتطرفين في هذه الحكومة رفضوا الاتفاق، وانخرطوا في بكاء شديد متهمين الحكومة بمخالفة تعاليم التلمود بوقف الحرب، ثم قدموا استقالتهم اليوم من هذه الحكومة، وهو ما يدلل على تنامي التيار المتطرف، وتعاظم دور الروح الشريرة في هذه الدولة المارقة، والتي أصبحت تشكل خطرًا جسيمًا على أمن واستقرار شعوب المنطقة، وليس الشعب الفلسطيني فحسب.
الحقيقة أنه رغم أهمية إقرار الهدنة اليوم، ودخولها حيز التنفيذ؛ بما يساهم في توفير فرصة أمام الشعب الفلسطيني في غزة لا لتقاط الأنفاس، وإنقاذ الشعب من موت محقق؛ بسبب تلاشي سبل الحياة في القطاع؛ بسبب ما فعله الاحتلال من إبادة ممنهجة وتجويع مخطط، إلا أن هذا العدو ليس له عهد ولا وعد طالما تحركه نوازع الانتقام ودوافع القتل وسفك الدماء، ومن يتابع الخطاب الإعلامي في الداخل الإسرائيلي سيتأكد أنه مجتمع من القتلة إذ إنهم يعتبرون عودة أسراهم من غزة هو الهدف الأساسي الذي توقفت من أجله الحرب، وبعدها سيستأنف القتال ضد غزة المدمرة التي لم يتبق فيها ما يتم تدميره، بل إن نتنياهو يسوق الاتفاق الذي تم التوصل إليه على أنه - مؤقت - وأنه حصل على ضمانات من أمريكا لاستئناف القتل بعد استعادة الأسرى.
هذه النوازع الدموية التي تسيطر على المجتمع الإسرائيلي كفيلة بتفكيك هذا الكيان الذي لا مستقبل له في المنطقة، وهناك دراسات معتبرة توصلت إلى هذه النتيجة إذ إن هذه الروح الشريرة لا تقيم دولة ولا تبني وطنًا، وأكدت تقارير إحصائية للعدو نفسه، ومنها تقرير المكتب المركزي للإحصاء بإسرائيل، ارتفاع حاد في معدلات الهجرة من إسرئيل بلغت 44% خلال عام ما بعد الحرب، كما أن معدلات هروب الاستثمار من الكيان زادت إلى 62%.
ولو أخذنا في الاعتبار حجم العزلة الدولية التي تصاعدت خلال العام الماضي، وملاحقة قياداته وجنوده كمجرمي حرب بسبب ممارسات جيش الاحتلال في غزة، وقيام عدد كبير من الدول والمنظمات بمقاطعة إسرئيل عقابًا على ممارساتها الإجرامية في غزة، علاوة على اتساع دائرة الرفض الشعبي العالمي لإسرائيل كدولة احتلال تمارس القتل، كل ذلك سيمثل المزيد من الضغط على هذا المجتمع الإجرامي، وربما تحمل الفترة المقبلة ما هو أسوأ لهذا الكيان؛ لأن الدماء البريئة التي سالت على تراب غزة لن تضيع هباء.. بل إن روح الصمود الأسطوري، والصبر اللامحدود الذى تحلى به الشعب الفلسطيني منذ تعرضه لهذه الحرب حتى صباح اليوم، تؤكد أن هذا الشعب لن يموت، وكتب عبر هذه الملحمة الأسطورية من الصمود شهادة وفاة تلك الدولة القاتلة.
وعد الله بالقصاص آت لا محالة.
[email protected]