Close ad

حكايات من الواقع: الخوف يسكن قلبي!

19-1-2025 | 13:21
حكايات من الواقع الخوف يسكن قلبيأرشيفية
خالد حسن النقيب

كنت قوية إلى حد التماسك غير العادى أمام كل صعاب الحياة أواجهها وأعرف كيف أقضى عليها ولكن شيئا من ضعف يسكن الروح تمسك النفس آلياته و تلهو به كيفما تشاء أيا كانت مساحة الوعى و قدر المعرفة بالعقل الذى يعجز فى أحايين كثيرة أمام هوى النفس و تآمرها لهوا و ضعفا و ذلك بعض مما وجدتنى أسيرة له ليس طمعا فى دنيا و لا رغبة فى مبهجاتها و لكنه خوف كأنه ظلام مطبق، خانق، أعرف نهايته إلا أن الزمن توقف عند ذلك الإحساس المرعب بالانتظار بلا أمل أو رجاء، موت قادم لا يأت أو لعله يباغتنى كوحش كاسر، ما علمت أحدا قبلى نجا من سطوته فما أنا فيه مرض هو قاتلى لا محالة، أجمع الأطباء أن الزمن الباقى ليس بعيدا و أخضعونى لبرنامج علاجى هو أقسى من آلامى المبرحة فالآلام تخبو مع المخدر يسرى فى جسدى يجمدها و الانتظار تداويا مستحيلا أكثر إيلاما اختلطت معه ملامحى تساقط شعرى و زاغت عيناى، لم أعد أعرفنى فما أنا غير بقايا إنسان كنت يوما ملئ العين و الحياة .

موضوعات مقترحة

يعلن النهار عن مقدمه حتى تبدأ سلسلة عذاباتى بجرعات مكثفة من العلاجات المخدرة و قبل أن ينتصف النهار أخضع لجلسات كيماوية تمتص رحيق الحياة من جسدى شيئا فشيئا و هكذا أتلظى بين عذابات نهارى و سهاد الألم يمتد ليلا حتى الصباح و برغم كل هذا لم يهتز إيمانى و لم أفقد قدرتى على الصبر يقينا و احتسابا و لو طاوعت نفسى الأمارة بالسوء لتزعزع الإيمان فى نفسى ضيقا و يأسا و لقضيت روحى بيدى خلاصا مما أنا فيه .

أكتب لك لا أنتظر حلا فما بى لا خلاص منه علاجا أو حتى أملا و لكنى أنفث لظى نيران تضطرم فى جوفى أحترق بها ليل نهار و لعلى بما أحكى أتخفف بعض الشئ من ثقل الألم و الخوف مما هو آت .

ربما كانت حكايتى ترياقا لروح تتألم مثلى مازال الأمل يحلق حولها لم يغادرها بعد و ربما أجد من يشفق على حالى و يترحم على إذا انتهى الأجل و استرد الله وديعته .!

و لعلك تصدقنى لو قلت لك أنى ارتحت كثيرا لما أكتب ربما خففت الحروف من آلامى أكثر من المخدر الذى يجمد آلامى وما أنتظر منك غير بعض كلمات أرتاح لها لا تلهينى عما أنا فيه فأنا صابرة محتسبة و لكن أستند إليها فى عثرتى فأنا أعى أننا كبشر كل منا ميسر للآخر حتى لو كان تواصلنا هذا هو آخر عهدى بالدنيا يكفينى أن تترحم على و تدعو لى فما أنا مقدمة عليه ليس إلا مواجهة صعبة لحق آت لا محالة، اغادر معه الدنيا إلى معية رب العزة لا ترياق لى مما علقت من آثام إلا رحمة ربى  .

م . و

بالتأكيد كل ما فى الدنيا زائل لا محالة و لكل منا موعد محدد يغادر فيه و ما الأمراض إلا أسباب منطقية قدرها الله سبحانه و تعالى لكل نهاية على حده فترفقى بحالك يا سيدتى و لا تقنطى من رحمة الله فلا يقنط من رحمته إلا القوم الكافرون و أحسبك من المؤمنين صابرة على محنتك محتسبة و تعلمين أن الله ما امتحنك فى مرضك إلا اختبار لقدرتك على الصبر و مدى توطن الإيمان فيك و لعل الله يؤخر ثوابك فى الدنيا ليؤجرك فى الآخرة جذاء ما صبرت و احتسبت أما أمر الخوف يسكن قلبك من قدر حتمى آت لا مفر فلك أن تعلمى يقينا و إيمانا و احتسابا أن كل منا له ساعة لا نستقدمها ولا نؤخرها و إنما هى وقت معلوم لا يدركه إلا المولى عز و جل أفإن أتتك ساعتك تحزنين للقاء ربك و هو أرحم الراحمين أفى معيته ما يحزنك، ألا ترين فى القرب منه خلاصا من كل عذابات الدنيا و طاقة نور تصحبك إلى نعيم الله و جنته .

تذكرى قول الله تعالى فى سورة الحديد : (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) سورة الحديد/20.

و من هنا تدركين أن الحياة بكل مباهجها لا تساوى شيئا وهى عند الله خالقها لا تساوى جناح بعوضة فلا تركنين لها و لا تبكين عليها .

 إن ما أنت فيه محنة شديدة قد لا يقوى عليها أحد ولكن الله معك يعينك و يقويك و لعله يشفيك فهو القادر على كل شئ و الأعلم بكل شئ بيده الملك و هو الرزاق الكريم .

اتخذى من آلام محنتك طوق نجاة إلى عالم آخر تتحول فيه المحنة إلى منحة و ما أعظمها منحة يفرح فيها القلب  بقرب رب العزة جل علاه .

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة