تحدث الرئيس الراحل محمد أنور السادات في مذكراته «البحث عن الذات» باستفاضة عن تجربته في السجن داخل «زنزانة 54» في سجن قرميدان ـ سئ السمعةـ أسفل القلعة، وأنها دفعته لتغيير مواقفه السياسية، ونظرته للحياة على الجملة، في أعقاب اتهامه باغتيال أمين عثمان وزير المالية في حكومة الوفد.
موضوعات مقترحة
كان أمين عثمان، يمثل النموذج الأبرز لما وُصف بالصداقة الإنجليزية المصرية، وأن مصر غير مؤهلة لنيل استقلالها عن بريطانيا، بل وصف العلاقة بين بيريطانيا ومصر بالزواج الكاثوليكي، الذي لايمكن التخلص منه على الإطلاق.
أمين عثمان
هذه التصريحات والمواقف، كانت دافعًا لكي تحرك لغضب في صفوف الشباب المضطرم بنار الثورة والباحث عن استقلال بلاده، بعض هؤلاء الشباب كونوا تنظيمًا سريًا للتخلص من أعوان الاستعمار ـ كما أسموهم ـ ، وكان على رأس القائمة أمين عثمان.
انضم السادات لهذه الجماعة بحس وطني، وبالفعل تمكنوا من اغتيال أمين عثمان في 5 يناير عام 1946م، وتم القبض على أفرادها وأودعوا السجن ومثلوا للمحاكمة، وصدرت بحقهم أحكام متفاوتة بين المشدد والبراءة، وكان الرئي الراحل أنور السادات ممن نال حكم البراءة في هذه القضية.
السادات خلال المحاكمة
وأيا ما كان الأمر، فقد قضى السادات فترة سجنه في زنزانة 54 بقرميدان خلال فترة التحقيقات والاستعداد للمحاكمة.
المفارقة أن الضابط المسئول عن السجن وقتها لم يكن سوى صلاح ذو الفقار، فارس أحلام السينما المصرية في وقت لاحق، وأشهر فتيانها خلال فترة الستينيات، والذي يوافق اليوم ذكرى ميلاده في 18 يناير عام 1926م.
صلاح ذو الفقار مع زوجته خلال عمله كضابط شرطة
كان صلاح ذو الفقار مؤمنًا في قرارة نفسه ببطولة السادات ورفاقه، وأنه قام بدور وطني تجاه بلده رغم أنه مسجون، ورغم أنه كان الضابط المُكلف بحراسته هو وباقي المتهمين في القضية، إلا أنه كان يساعدهم ويعاملهم معاملة حسنة لأنهم مساجين سياسيين ولقناعته أنهم سجنوا بسبب حبهم لوطنهم.
كان صلاح يحضر معه الطعام والجرائد والسجائر للسادات، وساعد أسرته للحصول على تصريح بالزيارة للاطمئنان عليه.
صلاح ذو الفقار خلال عمله كضابط شرطة
مسيرة صلاح ذو الفقار
بدأ حياته المهنية ضابطًا في الشرطة، وكان من بين الضباط الذين واجهوا الإنجليز في موقعة قسم الإسماعيلية يوم 25 يناير عام 1952م، والذى اعتبر عيدًا يُخلد تضحيات أبناء الشرطة المصرية في مواجهة الاحتلال البريطاني، وكان هذا الحدث من بين الأسباب الرئيسية التي عجلت باندلاع ثورة 23 يوليو 1952م، والإطاحة بالملكية في مصر.
في عام 1956م تقاعد بعد أن وصل إلى رتبة مقدم، بل كان أستاذًا بكلية الشرطة، واتجه إلى الفن على درب شقيقيه الفنان محمود ذو الفقار، والمخرج عز الدين ذو الفقار، قدَّم العديد من الأعمال الخالدة في تاريخ السينما والمسرح والتليفزيون، ومن أبرز أعماله أفلام (رد قلبي، أغلى من حياتي، مراتي مدير عام، الرجل الثاني، الأيدي الناعمة، الناصر صلاح الدين،غروب وشروق، كرامة زوجتي، صباح الخير يا زوجتى العزيزة، الطريق إلى إيلات)، وغيرها من الأفلام التي عُدت علامات خالدة في تاريخ السينما المصرية والعربية.
واستمرت مسيرته الفنية سبعةً وثلاثين عامًا، كما قدَّم العديد من الأعمال التليفزيونية في مشواره الفني خصوصًا في فترة ثمانينات القرن العشرين من بينها مسلسل "عائلة الأستاذ شلش"، حيث شارك في أكثر من 250 عمل فني سواءً سينمائي، مسرحي، تليفزيوني أو إذاعي، وتوفي في 22 ديسمبر 1993م عن عمر ناهز 67 سنة أثناء مشاركته في فيلم "الإرهابي" مع الزعيم عادل إمام.
صلاح ذو الفقار خلال عمله كضابط شرطة