تظل تجربة سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة ملهمة لكثير من الأجيال التي حالفها الحظ بالعمل معها، وآخرون ظهرت موهبتهم بعد رحيلها في مثل هذا اليوم قبل تسع سنوات من الآن "17 يناير 2015".."فاتن" التي حصدت النصيب الأكبر من معنى اسمها " الساحرة.. الجذابة.. الجميلة"، لتبقى صورتها وصوتها بصمة حاضرة في ذاكرة جمهورها.
موضوعات مقترحة
لم يختلف الكثيرون على موهبة أو محبة فاتن حمامة، التي اختارت أن تصنع مسارًا مغايرًا لصورة المرأة المصرية بالسينما، فقد كانت جرأتها في مناقشة أفكار وقضايا هامة بأعمالها خطًا واضحًا مهد الطريق لمناقشة موضوعات أكثر وعيًا وقراءة للمستقبل.
فاتن حمامة ترسم مسارًا جديدًا للمرأة بالسينما المصرية
المميز في رحلة سيدة الشاشة، رسمها الدقيق لخريطة مسار حياتها الفنية بوعي كبير سابق لزمنها، بدأ اسم فاتن حمامة يلمع في مرحلة الخمسينيات من القرن المنصرم وهي إحدى الفترات الذهبية للسينما المصرية، وبالرغم من حصر صورة المرأة في هذا الوقت في أدوار نمطية لا تكشف عن أدوارها الحقيقة أو معاناتها بالحياة من خلال تصدير صورتها كأنثى جميلة تبحث عن الحب ومن ذوي الطبقات الارستقراطية، تأتي فاتن حمامة لتقود اتجاه جديد بالسينما يصب نحو الواقعية من خلال شخصيات جديدة وجريئة على السينما، وأبرزها دور المحامية في فيلم "الأستاذة فاطمة" لتتوالى جرأتها بعد ذلك في تقديم أدورًا تحمل قدر أكبر من الجرأة والتجدد حتى وإن كانت الرومانسية هي بناءها الأساسية كما هي في فيلم "سيدة القصر" أو "دعاء الكروان" الذي يبقى أحد علامات السينما المصرية البارزة.
مرحلة الستينيات والسبعينيات
تأتي مرحلة الوهج الأبرز في حياة فاتن حمامة في عقدي الستينات والسبعينات والتي بدأت فيها التخلي عن شخصية الفتاة العشرينية لتدخل في أدوار المرأة الثلاثينية والأربعينية تفتش في تعقيدتها وأفكارها وبتناول يخاطب فئات مجتمعية متنوعة.
قدمت حمامة في تلك المرحلة مجموعة من الأعمال التي جعلتها تستحق لقب سيدة الشاشة العربية، من أبرزها أفلام مثل : الحرام، الباب المفتوح، الخيط الرفيع، إمبراطورية ميم، أريد حلًا، ولا عزاء للسيدات، أفواه وأرانب وغيرها.
فاتن حمامة ورصدها لمعاناة المرأة
تدخل النجمة الكبيرة مرحلة الثمانينيات بقضايا أكثر تفاعلًا مع المرأة المصرية، تعبر فيها عن معاناتها وشقاءها بالحياة كما هي فيلم "ليلة القبض على فاطمة" الذي قدمت من خلاله معاناة سيدة كافحت من أجل تربية شقيقها، الذي يخطط لوضعها في مستشفى المجانين بعد أن أصبح عضوًا سياسيًا بارزًا، وهي أيضًا السيدة الأرملة التي يترك لها زوجها خمسة أبناء لتربيتهم بعد رحيله وسط ظروف حياتية قاسية كما هي في فيلم "يوم حلو ويوم مر".
المرأة لدي فاتن حمامة كانت الشخص المسئول أيضًا في الدراما، فرغم أن النجمة الكبيرة لم تقدم سوى عملين فقط فإنهما كانا الأكثر تأثيرًا في تاريخ الدراما العربية، الأول هو صوت الضمير "ضمير أبلة حكمت" المعلمة الفاضلة وناظرة المدرسة، التي تقف بجانب التلاميذ والمدرسين، وسط حرب شرسة تخوضها من أجل تحقيق العدالة الإنسانية والعلم.
وتظهر أخيرًا فاتن في الألفية الجديدة بمسلسل "وجه القمر"، ودور الإعلامية صاحبة الرؤى الفكرية المستنيرة، والتي تلقي بظلالها أيضًا على كواليس الإعلام، وصناعة برامج الـ"توك شو".
وعلى مدار تجربة فاتن حمامة الفنية، قدمت الراحلة العديد من الوجوه الشابة التي كان لها إطلالة خاصة سواء في القرن الماضي أو مطلع الألفية الجديدة، حيث قدمت الفنان محسن محيي الدين والذي عمل معها بفيلمين، الأول وهو "أفواه وأرانب" ثم رشحته بعد ذلك إلى "ليلة القبض على فاطمة". كذلك كانت سببًا في ظهور الفنان هشام في فيلم "إمبراطورية ميم" حيث بدأ انطلاقته الفنية فيما بعد.
يتوالي دعم النجمة الكبيرة للوجوه الشابة، فتدعم سيمون للوقوف معها في فيلم "يوم حلو ويوم مر" لتنطلق هي الأخرى في نجوميتها بعد ذلك سواء كممثلة أو مطربة نالت قدرا كبيرا من الشهرة.
وليس هذا فقط بل إن رحلة النجوم والوجوه الجديدة لا تنتهى لدى سيدة الشاشة فلا يمكن أن ينسي أحد "باسم وبسمة" اللذان تعاونا معها في مسلسلها الشهير "ضمير أبلة حكمت"، تلك الوجهان اللذان ارتبطا بهما المشاهد المصري نظراً للعلاقة التي جمعت بينهما وبين الراحلة ضمن الأحداث، وفي مطلع الألفية الجديدة، تقدم سيدة الشاشة 3 وجوه جديدة من خلال مسلسلها "وجه القمر" التي اختارتهم هي بنفسها، وحرصت على أن تكون صديقة مقربة منهم قبل بداية التصوير، وهم نيللي كريم، وغادة عادل، وأحمد الفيشاوي والذي كان بداية انطلاقته الفنية.
البصمات في حياة فاتن الفنية لا تنتهي، وتبقى هي أكثر الفنانات المؤثرات في جيلها في الوسط الفني وتظل أعمالها خير نموذج معبر عن قوة المرأة، وتحديها الظروف والأزمات الصعبة.