Close ad

أوروبا تلجأ للقارة «الشابة» لحل الأزمة.. الغاز الإفريقى بديل الروسى

15-1-2025 | 01:25
أوروبا تلجأ للقارة ;الشابة; لحل الأزمة الغاز الإفريقى بديل الروسىالغاز الروسى
زينب هاشم
الأهرام العربي نقلاً عن

بعد خمسة عقود كاملة من تصدير الغاز الروسى إلى أوروبا، عبر أوكرانيا، قررت روسيا وقف تدفق الغاز نهائيا مع بداية العام الجديد 2025، وذلك بعد رفض كييف عبور أى إمدادات من شأنها أن تمول آلة الحرب الروسية، ومن هنا كان على أوروبا البحث عن بديل للغاز الروسي، مما قد يكلفها الحصول على الوقود الأعلى سعراً من جهات أخرى، الأمر الذى يفاقم الضغط على الإمدادات خلال فترة تستهلك فيها المنطقة المخزون المخصص للشتاء بأسرع وتيرة منذ سنوات.

موضوعات مقترحة
بالرغم من كون هذا الغاز كان لا يسد سوى 5 % من احتياجات المنطقة، فإن فقدان هذه النسبة، قد يتسبب فى حدوث أزمة كبيرة لدول أوروبا، وهو السؤال الذى طرحناه فى "الأهرام العربي": هل تلجأ دول أوروبا لدول إفريقيا المصدرة للغاز لحل الأزمة بعد وقف تدفق الغاز الروسى؟

فى البداية يتحدث د. محمد نشطاوى، أستاذ جامعى جزائرى وخبير فى العلاقات والقانون الدولي، قائلا: بالفعل تم الإعلان عن توقف تدفق الغاز الروسى عبر أوكرانيا إلى أوروبا، وبكل تأكيد أنه مخطط فى إطار العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة على روسيا، وهو ما سيكون له تداعيات كثيرة أهمها، أنه ستكون هناك أزمة بالنسبة للبلدان الأوروبية التى حاولت طيلة سنوات الصراع الروسى الأوكرانى البحث عن ممولين جدد للسوق الأوروبية، لاسيما أننا الآن فى وقت الشتاء وأوروبا فى أمس الحاجة إلى الغاز للتدفئة ولاستعمالات كثيرة، وفى الوقت ذاته نجد أن أوروبا قد انفتحت على شركاء جدد مثل قطر ونيجيريا وكذلك الجزائر، وحاليا هناك مشروع للإدارة المشتركة لآبار الغاز الموريتانية السنغالية، ورغم ضالة هذه الحقول فإنه سيبقى قيمة مضافة بالنسبة للاحتياجات الأوروبية.
ويرى نشطاوى أن الفترة المقبلة ستشهد ضغطا على القارة الإفريقية لضخ مزيد من الغاز إلى القارة الأوروبية، لكن هذا يصب فى مجمله فى صالح القارة الإفريقية، كما أن هناك رؤوس أموال أوروبية، تبحث عن النفط وشركاء وموردين جدد للقارة العجوز، وذلك فيما يتعلق بالغاز، وهذا من شأنه أن يفتح آفاقا جديدة لتطوير مناجم الغاز بالنسبة للقارة الإفريقية، وهى كثيرة ومتنوعة كذلك يمكن لمصر أن تلعب دورا مهما فى هذا المجال من خلال تزويد البلدان الأوروبية مثل اليونان وإيطاليا بالغاز.
ويمضى خبير العلاقات الدولية فى حديثه، قائلا: أظن أن البحث عن شركاء جدد ليس صعبا بقدر ما يبقى مرتبطا بالوسائل اللوجستية، فلا ننسى كذلك مشروع الربط الغازى، ما بين المغرب ونيجيريا الذى من الممكن أن يجد هذا المشروع ممولين وشركاء ومستثمرين أوروبيين، خصوصا أن نيجيريا من أكثر البلدان إنتاجا للغاز.
وعن التحولات الدولية التى أعقبت بداية الحرب الروسية - الأوكرانية، وما ترتب عليها من قطع الغاز الروسى عن أوروبا، بسبب موقفها من تلك الحرب يتحدث الكاتب السياسى المغربى محمد سعيد سوسى، قائلا: كل هذه الأسباب التى سبق أن تحدثت عنها أنعشت ونمت بشكل مطرد وسريع الطلب على الغاز الإفريقى.
ويمضى سوسى فى حديثه، قائلا: عموما لم يعد الغاز الروسى فى اعتقادى بالأهمية الكبرى لعشية اندلاع الحرب الأوكرانية، مع التقدم الحاصل فى أنبوب الغاز النيجيرى إضافة إلى الاكتشافات المهمة من الغاز فى السنغال وجنوب موريتانيا، مما يجعل إفريقيا بديلا أفضل للأوروبيين بحكم العلاقات التاريخية، وأيضا التكلفة التى ستكون أقل من سابقاتها. يضاف إلى كل ذلك أن أوروبا الغربية ترتبط بأغلب الدول الإفريقية بعلاقات تاريخية متقدمة بحكم الماضى الاستعمارى، وأيضا الروابط المرتبطة بالقرب الجغرافى خصوصا أوروبا الغربية.
ويرى عبد الرحمان بوثلجة، إعلامى جزائرى، أنه وبكل تأكيد إفريقيا سوف تستفيد من قطع الغاز الروسى عن أوروبا، وذلك لأن إفريقيا هى القارة الأكثر قربا من أوروبا مقارنة بدول أخرى، ولذلك ستستفيد بشكل كبير من انقطاع الغاز الروسى عن أوروبا ويستكمل حديثه قائلا: بالفعل الجزائر استفادت من قطع الغاز الروسى مع بداية الأزمة الأوكرانية والتى أدت إلى زيادة تدفقات الغاز الجزائرى إلى الدول الأوروبية خصوصا دول جنوب أوروبا، وهنا أقصد إيطاليا وإسبانيا اللتين يمر عبرهما الغاز الجزائرى إلى باقى دول أوروبا، مع العلم بأن الجزائر من أكبر الدول المصدرة للغاز الى أوروبا لقرب المسافة.
 ويشير إلى أنه، لكون تصدير الغاز إلى أوروبا يتم عبر الأنابيب وهو ما يسهل عملية التصدير، ولكن الجزائر استفادتها من هذا الوضع استفادة شرعية وليست على حساب أى دولة أخرى لأن الجزائر لا تربطها علاقة قوية أو إستراتيجية أو تاريخية مع روسيا منذ زمن الاتحاد السوفيتى سواء من خلال التعاون السياسى أو الدبلوماسي.
ويضيف بوثلجة، قائلا: بالفعل روسيا تتخلى عن هذا السوق إراديا، وكذلك عن علاقاتها الحالية مع أوروبا، ومن بين الدول التى ستستفيد هى نيجيريا وما حدث سوف يسهم فى تسريع مشروع نيجال الرابط بين نيجيريا والجزائر، ومنها إلى أوروبا، وهذا النقص فى الغاز لدى الأوروبيين قد يسرع فى إنجاز هذا الخط، وهذا سوف يعود بالمنفعة على كثير من الدول الإفريقية التى يمر عبرها هذا الخط، لأن مرور هذا الخط سيسمح بتنمية تلك المناطق إضافة الى تزويد تلك المناطق بالغاز.
 وعن خطط الاتحاد الأوروبى للتغلب على أزمات الغاز، يتحدث أستاذ العلاقات الدولية الجزائرى، بهلولى أبو الفضل قائلا: الاتحاد الأوروبى وضع خطط استعجالية قريبة المدى وأخرى بعيدة المدي، وذلك فيما يخص توزيع الغاز من قبل الاتحاد الروسى، ولذلك لابد من أن نشير إلى أن الاتحاد الروسى، تعرض إلى عقوبات قصرية أحادية الطرف خارج الإطار الأممى فى المجال الاقتصادى. بالتالى الاتحاد الروسى يرد اليوم بعدم تجديد العقود التجارية التى تربطه مع بلدان الاتحاد الأوروبى، فيما يخص تزويدهم بالغاز، لكن فى المقابل الاتحاد الأوروبى سبق وأن أعلن فى عدة لقاءات لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبى على خطى استعجالية لوضع هذا الخيار الذى يمكن أن يقوم به الاتحاد الروسى.
ويرى أبو الفضل أنه بالرغم من أن طلبات الاتحاد الأوروبى، سوف تزيد نسبتها إلى إفريقيا فيما يخص أنابيب الغاز، فإنه وفى المقابل لن يكون غاز الاتحاد الإفريقى كبديل كاف لغاز الاتحاد الروسى، والحديث على لسانه قائلا: أعتقد أن الاتحاد الأوروبى سوف يحاول الحصول على كمية من الغاز سواء من الشرق الأوسط أم إضافة كميات أخرى من الاتحاد الإفريقي، أى أننا سوف نشهد كذلك ارتفاع الطلب على الغاز، وهذا ما سيؤثر على ميزانية دول الاتحاد الأوروبى وسيشهد ارتفاع استهلاك الغاز فى الدول الأوروبية، وسيؤثر على المصانع التى تشتغل بالغاز ومن هنا ستكون التكلفة مرتفعة، وذلك لأن اليوم الاتحاد الروسى يعامل الاتحاد الأوروبى بمعاملة المثل، لأنه سبق وأن تعرض لعقوبات أحادية الطرف سواء من الاتحاد الأوروبى أم من الولايات المتحدة الأمريكية، فى تصورى سوف يكون هناك حل مستقبليا لهذه الإشكالية لتزويد أوروبا بالغاز والاتحاد الروسى للحفاظ على الأسعار والسوق الأوروبية.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: