Close ad

رسالة مفتوحة إلى العرب

15-1-2025 | 14:27
الأهرام العربي نقلاً عن

لا تقفوا على الأطلال، لا تبكوا على اللبن المسكوب، انطلقوا الآن إلى الغد، نحو صياغة نظرية عربية، تنبثق من الذات.

لديكم الميراث الحضاري والديني «ورثتم عشر حضارات قديمة على الأقل»، وثلاثة أديان رسمية، وعشرات من الأديان غير الرسمية، وعشرات أخرى من الطوائف والعرقيات»، غير الاستحواذ على قلب الطاقة العالمية.

كان يجب أن يكون ذلك مصدر ثراء وغنى، لا مصدرًا لشقاق وحروب واندفاعات دولية وإقليمية إلى أراضيكم.

لا تزيد عليكم جغرافيا أخرى سوى الجغرافيا الروسية، فأنتم 14 مليون كيلو مترًا مربعًا، بينما روسيا 17 مليون كيلومترًا مربعًا، وتتفوقون عليها بالموقع الإستراتيجى الوسيط بين دول العالم، ومع ذلك كانت واستمرت روسيا قيصرية عظمى، ودولة كبرى الآن، لديها مخزون نووى يتفوق على دول أخرى، غير ما تمتلكه من أدوات وطاقة تجعلها تحافظ على مكانتها العالمية، وحدودها القومية من الأطماع والاحتلال.

ومع ذلك ليس لدى روسيا ما لديكم.

وأنتم أكبر من أوروبا بمساحتها البالغة أكثر من 10 ملايين كيلومتر مربع بقليل، تستوعب 48 دولة حسب الأمم المتحدة، تختلف في العرق والثقافة واللغة أي قارة مزدحمة بالدول الصغيرة، في سياق معين امتلكت الحداثة والقوة والسيطرة على بقية أقاليم العالم ولا تزال.

وإذا طرنا عبر المحيط، فنجد أنكم أكبر من مساحة الولايات المتحدة الأمريكية التى تقترب من عشرة ملايين كيلومتر إلا قليلا، بتنوعها العرقي واللغوي والثقافي، ومع ذلك تحولت إلى إمبراطورية عظمى، دون أن ترث أي تراث فكري أو ثقافي أو تاريخ معروف.

هل ينطبق الأمر على الصين، البالغة تسعة ملايين ونصف المليون من الكيلومترات، وتتنوع في الأقاليم والثقافة، وكيف استطاعت أن تحفر لنفسها مجرى عميقًا من الوجود على المسرح الدولي؟

خلال ربع قرن تحول العالم إلى آخر، تحول مع أحداث 11 سبتمبر الغامضة، ومعه تحولنا نحن العرب إلى أرض رخوة، يتم التجريب على ميادينها المفتوحة، دون أن نعلق الجرس في رقبة القط.

بكذبة سلاح الدمار الشامل، وبفرية نشر الديمقراطية، تم غزو العراق، وهددته مارجريت تاتشر، رئيسة وزراء بريطانيا بإعادته إلى العصر الحجري، وهددته مادلين أولبرايت، وزيرة خارجية أمريكا في عصر كلينتون بقتل أطفاله، حين قالت إن قتل نصف مليون طفل عراقي مبرر كثمن للتحرير من الديكتاتورية!

غزو العراق كان فاتح شهية لاندفاع القوى الدولية، جعل الجغرافيا العربية أرضًا رخوة، ورجل العالم المريض، فيما بعد انقضت بما يسمى الربيع والتغيير؛ لتعيد فك وتركيب الدول، باستخدام أدوات من نفس المكان، تبدو شبيهة بنفس الدين والثقافة واللغة، شاءت أن تكون مخلب القط في استعادة الحنين الغربي إلى المنطقة، التي وصفت ذات مرة بأرض اللبن والعسل.

تجربة الربيع بأدوات وتنظيمات “دينية”، نجحت فى إفراغ القوس المحيط بإسرائيل ”فلسطين، لبنان، سوريا، العراق”، ونجحت في استزراع الحروب الأهلية والدينية، بعد أن حصلت على المكافأة المجزية، نظير خدماتها في مساندة القوى في حروبها التي لا تتوقف.
فهل نحن مكافأة؟ وهل يجب أن نتحرك الآن، ننبثق ذاتيًا، ولا نعتمد على أي قوة عالمية؟

لا أريد هنا أن أشير إلى تجربة بلاد الشام، وتخلي الحلفاء عنها في الأمتار الأخيرة، وقديمًا استخلص الناس المعنى من الحكمة القائلة: ”اسأل مجربًا، ولا تسأل طبيبًا”.

جربنا كل شيء خلال قرنين، فهل حان الوقت أن ننبثق ذاتيًا في كل المجالات؟

الفرصة سانحة أمام العرب، مع إدراك الخطر المحيط بهم كحلقة من النيران.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: