Close ad

مع رحيل جو بايدن وتنصيب دونالد ترامب.. أخطر عشرة أيام في البيت الأبيض

15-1-2025 | 03:43
مع رحيل جو بايدن وتنصيب دونالد ترامب أخطر عشرة أيام في البيت الأبيضبايدن وترامب
إيمان عمر الفاروق
الأهرام العربي نقلاً عن

فترة «البطة العرجاء» ما بين انتخاب رئيس جديد وقديم ما زال فى السلطة لحين موعد تنصيب الرئيس الجديد

موضوعات مقترحة

يخشى كل رئيس أمريكى جديد تلك الفترة التى يتخذ فيها سابقه قرارات خطيرة تظهر تأثيراتها مع توليه الحكم

قرار بايدن السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى يعكس فكرة أنه جو بايدن غير راغب فى التلاشى بهدوء ويأمل فى تحصين إرثه ضد ترامب

يقول السياسى الأمريكى الشهير، ماركو روبيو «رئاسة البطة العرجاء ترتكب أسوأ الأمور»، قد لا نلتف إلى الرئيس الحالى، حيث تتوجه الأنظار بطبيعة الحال إلى الرئيس المنتخب وفريقه الرئاسى وحفل التنصيب، مما يخلق أجواء من الراحة، وتلاشى المخاوف من عواقب المساءلة لدى الرئيس الذى يهم بالمغادرة، مما يخلق لديه نوعًا من «اللامبالاة» الذى قد يصل إلى حد المجازفة. لعل أشهر قرارات «البطة العرجاء»، تدور فى فلك «العفو»، وقد أصدر الرئيس الأمريكى جو بايدن عفوًا غير مشروط عن نجله هانتر بايدن، المدان بحيازة سلاح والتهرب الضريبى، فإن سماح الولايات المتحدة أخيرا لأوكرانيا باستخدام صواريخ طويلة المدى، لضرب أهداف داخل روسيا، يعد من وجهة نظر كثير من الخبراء بمثابة «إعادة صياغة»، لمفهوم «البطة العرجاء»، والتى تعكس فى حقيقة الأمر أن الرئيس جو بايدن غير راغب فى التلاشى بهدوء بعد انتهاء فترة حكمه، ويحاول بهذا القرار تحديدًا أن يحصن إرثه ضد خلفه الرئيس القادم دونالد ترامب.

الفترة الزمنية التى يخشاها كل رئيس أمريكى، هى فترة ما بعد الانتخابات التى تنتهى بمحاولة حسم الرئيس، الذى سيرحل لأمور عالقة بقرارات كان يخشى اتخاذها فى بداية فترة حكمه، وتلك الفترة معروفة باسم "البطة العرجاء"، ومن المعروف أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية تعقد فى شهر نوفمبر، لكن الفائز فى الانتخابات لا يتولى منصبه حتى أواخر شهر يناير من العام التالى، وبالتحديد فى العشرين منه، تعد تلك الفترة الانتقالية سمة فريدة للسياسة، والعملية الديمقراطية بالولايات المتحدة الأمريكية، لكنها قد تفرز قرارات فى غاية الأهمية والخطورة من التعيينات الفيدرالية إلى العفو المثير للجدل.

يرى كثير من المحللين، أنه مع استعداد الرئيس الأمريكى جو بايدن لمغادرة البيت الأبيض، فإن قراره بالسماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى، زودتها بها الولايات المتحدة الأمريكية لضرب الأراضى الروسية، يعزز دوره كرئيس غير راغب فى التلاشى بهدوء إلى الخلفية، سواء على الجبهة الداخلية أم الخارجية، فهناك أمر واحد شديد الوضوح، ألا وهو أن جو بايدن يعيد صياغة القواعد التى تعنيها أن تكون رئيسا "عاجزا".
ويأمل بايدن أن يتمكن من تحصين إرثه فى مواجهة ترامب، الأمر الذى يستدعى الانتهاء من اللوائح التنظيمية الكبرى قيد الإعداد، حيث إن بعض القواعد تم تنفيذها الآن، لكنها لن تدخل حيز التنفيذ حتى العام المقبل، وهناك قواعد أخرى يتعين إنجازها، وقد لا تنتهى قبل العشرين من يناير الجارى، عندما يكون الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترمب قد دخل المكتب البيضاوى، وإن يكن من الأسهل على الرئيس الجديد أن ينسحب من القواعد غير المكتملة أو أن يبدأ من الصفر، وأغلب تلك القواعد يتعلق بأمور داخلية خاصة بالبنية الأساسية، ومشاريع تمويلها مثل تحسين خدمة السكك الحديدية، والموانئ والطرق الحضرية والريفية، مع التركيز بشكل أكبر على الطاقة النظيفة، استباقا لرغبة ترامب فى خفض أولوية مثل تلك المشاريع، وعلى نحو مماثل تهدف وزارة التجارة إلى صرف المزيد من إعاناتها البالغة 53 مليار دولار، لصانعى الرقائق، والتى لم يصرف منها سوى القليل جدا حتى الآن.
أما خارجيا، فتظل أوكرانيا هى التحدى والعقدة الأكبر، حيث توقع العديد من الخبراء إنفاق البيت الأبيض، أكبر قدر ممكن من المال على المساعدات المقدمة لأوكرانيا، وهى أولوية يعارضها ترامب، وخصص البنتاجون ما يقدر بنحو 7.1 مليار دولار، من المعدات والأسلحة ومليارين أخرين لعقود الأسلحة طويلة الأجل، التى يمكن أن تساعد أوكرانيا فى مواجهة روسيا.
هناك الكثير الذى بإمكان بايدن أن يفعله لاستباق خليفته، على الصعيد التنظيمى، لا يمكن لاستكمال القواعد منع ترامب من إلغائها لاحقا، على الرغم من أنها قد تبطئ عمل الإدارة الجديدة، كذلك سيكون من الصعب أيضا على ترامب رفض إنفاق الأموال التى خصصها الكونجرس بالفعل، وإن يكن سيظل له الرأى فى تحديد مقدار المبالغ الضخمة التى يتم إنفاقها. وفقا لبعض التقديرات، مازال هناك ما يقرب من 300 مليار دولار من تمويل البنية التحتية المتبقية لمنحها، مقابل 570 مليار دولار، أنفقتها إدارة بايدن لآلاف المشاريع لتحسين السكك الحديدية، والموانئ والطرق، هذا فضلا عن السماح لمقاولى الدفاع الأمريكيين بالعمل فى أوكرانيا لإصلاح أنظمة الدفاع والطائرات.
وأمام ذلك، يرى كثير من الخبراء أن قرارات الرئيس الأمريكى جو بايدن، فى ظل مرحلة "البطة العرجاء"، قرارات ذات طابع عسكرى ذات صلة رئيسية بالمجمع "الصناعى - العسكرى"، وفى إطار السياسة الخارجية لإدارته، وتأتى استباقا أو إجهاضا لرؤية ترامب التى تمثل الطرف النقيض، فضلا عن القرارات والمخصصات المالية لحزمة من مشاريع البنية الأساسية، وهو ما يتسق مع رغبة بايدن التى عبر عنها صراحة قائلا:"سأظل منخرطا حتى آخر لحظة"، وهو بهذا "الانخراط" يدشن مفهوما جديدا، محاولا إثبات أن البطة يمكن ألا تكون "عرجاء" أو فى عرف آخرين "هوجاء".
لقد استعار الأمريكيون مصطلح "البطة العرجاء"، من البريطانيين، الذين أطلقوه لأول مرة على رجال الأعمال المفلسين فى القرن الثامن عشر، ثم على الساسة فى القرن التاسع عشر، الذين كانت فترة ولايتهم تقترب من نهايتها بسرعة، وقبل التصديق على التعديل العشرين فى عام 1933، كان الرؤساء وأعضاء الكونجرس الذين أصبحوا "بطة عرجاء" يشغلون مناصبهم لفترات طويلة بعد الانتخابات، ولم يكن الرؤساء الجدد يتم تنصيبهم إلا فى الرابع من مارس، أى بعد أربعة أشهر كاملة من الانتخابات، وكان الكونجرس الجديد لا يجتمع عادة إلا بعد ثلاثة عشر شهرا من الانتخابات، وعقب التعديل العشرين تم تقصير فترة البطة العرجاء إلى حد كبير، ولكن هذا لم يمنع السياسيين فى مرحلة البطة العرجاء من ملء أسابيعهم المتبقية فى مناصبهم، بالعفو فى اللحظة الأخيرة وأعمال التخريب السياسى.
وبينما يستعد الرئيس الأمريكى، جوبايدن، لمغادرة البيت الأبيض، يتساءل كثيرون عن الإجراءات النهائية التى قد يتبناها، قبل مراسم تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب؟ جوردان كاش، أستاذ مساعد للنظريات السياسية والقوانين الدستورية، بكلية جيمس ماديسون بجامعة ولاية ميتشجان، يجيب على سؤال محورى جذاب، حول تاريخ الرؤساء الذين لم يتمكنوا من الاستمرار فى مناصبهم فى الولايات المتحدة الأمريكية، وما يشير إليه ذلك حول كيفية قضاء الرئيس بايدن لأيامه الأخيرة التى باتت معدودة، وهل يمكن لفترات البطة العرجاء أن تجعل البلاد معرضة للمخاطر؟ يخبرنا التاريخ أن فترات البطة العرجاء الطويلة يمكن بالفعل أن تكون مصدر خطر، ففى الفترة ما بين انتخاب إبراهام لينكولن فى نوفمبر 1860، وتنصيبه فى مارس 1861، انفصلت سبع ولايات جنوبية عن الاتحاد، وأثبت حينها جيمس بيوكانان الرئيس الخامس عشر للولايات المتحدة، والذى حكم قبل الحرب الأهلية الأمريكية مباشرة، عدم رغبته فى اتخاذ موقف قوى ضد الانفصاليين، مما سمح للأزمة بالنمو حتى تولى أبراهام لينكون، الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة منصبه، مما أدى فى النهاية إلى الحرب الأهلية. واتخذ جيمس بيوكانان خيار إلقاء اللوم على لينكولن بدلا من اتخاذ موقف صارم ضد انفصال الجنوب.
إن الرؤساء الذين يفشلون فى أداء مهامهم، قد يكونون قادرين على الاستفادة من الافتقار النسبى للمساءلة الذى توفره حقيقة، أنهم سيغادرون مناصبهم قريبا، وكان جو آدامز الرئيس الثانى للولايات المتحدة هو المثال الأكثر شهرة على ذلك.
بنيامين هاريسون، الرئيس الثالث والعشرون للولايات المتحدة، مثال آخر على البطة العرجاء التى حاولت تدمير الاقتصاد لمعاقبة كليفلاند، فبعد أن نجح بنيامين هاريسون، فى انتزاع فوز ضئيل فى المجمع الانتخابى ضد منافسه جروفر كليفلاند، الرئيس الثانى والعشرين، والرابع والعشرين، فى عام 1888، سارع هاريسون وأنصاره الجمهوريون فى الكونجرس إلى إضافة ست ولايات غربية جديدة، إلى الاتحاد وحشدها بالموالين الجمهوريين، ولكن بدلا من ضمان فوز الجمهوريين فى انتخابات 1892، حدثت ردة فعل عنيفة, حيث أعاد الناخبون بأغلبية ساحقة كليفلاند إلى البيت الأبيض، كان هاريسون والجمهوريون قد خاضوا حملتهم الانتخابية على أساس التهديد بأن انتخاب جروفر كليفلاند والديمقراطيين، من شأنه أن يؤدى إلى إغراق الاقتصاد الأمريكى.
وبعد أربعة أشهر فقط من انتهاء فترة رئاسته العرجاء، قرر هاريسون تدمير الاقتصاد بنفسه، حتى يبدو الأمر وكأن كليفلاند هو المسئول عن ذلك، وسرعان ما تحول الانهيار إلى حالة من الذعر فى عام 1893، وهى حالة من الكساد الاقتصادى الكبير الذى استمر حتى عام 1897، وكما كان كليفلاند يأمل تحمل هو اللوم إلى حد كبير.
أما جورج بوش الأب، الذى أصدر عفوا عن مخططى عملية "إيران كونترا" فيتصدر قصص الرئاسة العرجاء، ويجب أن تروى. كانت قضية إيران كونترا، وهى مؤامرة سرية لبيع الأسلحة لإيران واستخدام العائدات لتمويل متمردى الكونترا فى نيكارجوا، واحدة من أكثر البقع قتامة فى عهد إدارة رونالد ريجان التى استمرت لفترتين، وكان جورج بوش الأب نائبا للرئيس ريجان، وكان يدعى هو الآخر جهله بتلك المؤامرة. وفى الرابع والعشرين من ديسمبر عام 1992، أصدر بوش الأب عفوًا عن ستة من المخططين لمؤامرة إيران - كونترا المتهمين أو المدانين.
ومن أشهر وقائع العفو للبطة العرجاء، عفو الرئيس الأمريكى بيل كلينتون، عن أحد المليارديرات الهاربين، ويدعى مارك ريتش، وهو محتال ضريبى مدان فر هاربا إلى سويسرا، فى ثمانينات القرن العشرين لتجنب السجن، وفى اليوم الأخير من ولاية بيل كلينتون قبل تسليم البيت الأبيض لجورج دبليو بوش، فى عام 2001, أصدر كلينتون 140عفوا رئاسيا و36 تخفيفا للأحكام.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: