في ذكرى رحيل العالم المصري العبقري مصطفى مشرفة، الذي لقب بـ "أينشتاين العرب"، نتوقف عند جانب مختلف من حياته؛ جانب يبرز شغفه بالموسيقى والثقافة، وكيف أضاءت حياته الفكرية والفنية الساحة الثقافية في مصر بجانب إنجازاته العلمية البارزة.
موضوعات مقترحة
- العلم والثقافة: ركيزتان في حياة مشرفة
لم يكن مصطفى مشرفة مجرد عالم فيزياء بارع أسهم في تطوير النظرية النسبية والطاقة الذرية، بل كان أيضا شخصية متعددة الأبعاد، تعشق الموسيقى والفنون وتعتبرهما جزءا من مسيرة الإنسان نحو الإبداع. كان مشرفة أول من قام بدراسة مقارنة بين السلم الموسيقي الشرقي والغربي، وقدم شرحا موسعا لمعنى "الأوكتاف" في نظرية الموسيقى، مما أظهر فهمه العميق لتداخل العلم والفن.
لم تتوقف إسهاماته عند الدراسات الموسيقية فقط، بل كان رئيسا لجمعية الموسيقى المصرية وعضوا في المجلس الأعلى لشؤون الموسيقى. اعتبر أن العلم والموسيقى يشتركان في كونهما وسيلتين لفهم الكون، حيث قال: "العلم فن كما الفيزياء، والموسيقى علم كما الرياضيات".
- مشرفة والمشهد الثقافي المصري
برز مصطفى مشرفة كوجه ثقافي بارز خلال فترة زاخرة بالأنشطة الفكرية في مصر. كان من الحضور المنتظمين في صالون الدكتور طه حسين الشهري، حيث شارك في نقاشات ثقافية وفكرية مع رموز المجتمع المصري مثل مصطفى النحاس وكوكب الشرق أم كلثوم. في أحد اللقاءات، قال طه حسين لمصطفى مشرفة: "تراني لا أعرف صوتك يا مشرفة؟ أنت أعز تلاميذي وأنجبهم"، ما يبرز التقدير الكبير الذي حظي به بين كبار المفكرين.
كان مشرفة أيضا كاتبا ومفكرا مؤرخا، أسهم بمقالات وكتب تجمع بين العلم والثقافة، مثل كتابه الشهير "العلم والحياة"، حيث أكد فيه دور العلم في الارتقاء بالمجتمع، وضرورة ربطه بالثقافة لتوسيع آفاق الأفراد.
- الموسيقى كملاذ للعالم العبقري
في حياته اليومية، لم يكن مصطفى مشرفة بعيدا عن الموسيقى. خلال دراسته في لندن، اصطحب معه أسطوانات لأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، معتبرا أن هذه الموسيقى تربطه بجذوره. كان يرى أن النغمات تتشابه مع حركة الذرات، حيث كان يقارن بين إيقاعات الموسيقى ودقة الحسابات الفيزيائية.
- موقف خالد: مناقشة الفن في أروقة العلم
خلال أحد اللقاءات التي جمعته بكبار المثقفين والفنانين، سأل مشرفة عن تطور الموسيقى المصرية، وأجاب قائلا: "أغنياتنا تسير في طريق التطور، ولدينا صوت عالمي هو صوت أم كلثوم"، هذه الكلمات أظهرت تذوقه الفني العميق وقدرته على تقييم الفن المصري في سياق عالمي.
- رؤية شاملة للعلم والفن
اعتقد مصطفى مشرفة أن تطور العلم لا يمكن أن يكتمل دون تطور الفنون. كتب يقول: "في أعماق كل عالم، هناك فنان، وفي كل فن عظيم، تجد قواعد علمية"، هذه الفلسفة هي التي جعلت منه ليس فقط عالما فيزيائيا بارزا، بل أيضا نموذجا للمثقف الشامل الذي يدرك تكامل المعارف الإنسانية.
- نهاية حزينة وإرث خالد
رغم إنجازاته العلمية والثقافية، عاش مصطفى مشرفة نهاية مأساوية، توفي في 16 يناير 1950 في ظروف غامضة، تاركا وراءه إرثا غنيا في العلم والفكر والثقافة. حتى اليوم، تظل ذكراه تلهم الأجيال الجديدة في السعي نحو الإبداع والتكامل بين العلوم والفنون.
مصطفى مشرفة لم يكن مجرد عالم، بل كان جسرا بين الفيزياء والموسيقى، بين المنطق والإبداع.
مصطفى مشرفة
مصطفى مشرفة
مصطفى مشرفة
مصطفى مشرفة
مصطفى مشرفة
مصطفى مشرفة
مصطفى مشرفة