Close ad

الإصلاح التشريعى يبدأ من "البرلمان"

14-1-2025 | 18:37
الإصلاح التشريعى يبدأ من البرلمانالإصلاح التشريعى يبدأ من البرلمان

"النواب" يحدد مدد الحبس الاحتياطي.. ونهاية الصلاحيات المطلقة لـ"النقض" في التجديد بقضايا الإعدام والمؤبد

موضوعات مقترحة

ضمانات قانونية فى مجال الحقوق والحريات.. ورئيس المجلس: القانون علامة فارقة فى التشريع المصرى

 

حامد محمد حامد:

كشفت المناقشات الموسعة القانونية والدستورية لمجلس النواب خلال جلساته العامة برئاسة المستشار الدكتور حنفى جبالى لمشروع قانون الإجراءات الجنائية عن مجموعة من الحقائق المهمة فى مقدمتها حرص مجلس النواب على متابعة ما ينشر عبر وسائل الإعلام عما يدور من مناقشات حول هذا التشريع تحت قبة البرلمان ولعل أكبر دليل على ذلك التوضيح الواضح والحاسم من رئيس البرلمان بشأنِ مسألةِ إخضاعِ الاتصالاتِ السلكيَّةِ واللاسلكيَّةِ وحساباتِ مواقعِ التواصلِ الاجتماعيِّ للمراقبةِ والذى لقى استحساناً كبيراً من قيادات وأعضاء مجلس النواب فى صفوف الأغلبية والمعارضة والمستقلين ومن النقاد والمراقبين البرلمانيين.

والحقيقة الثانية تتمثل ليس فى تألق وحرص الحكومة ممثلة فى المستشار محمود فوزى وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسى والمستشار عدنان الفنجرى وزير العدل على المتابعة الدقيقة لجميع المناقشات والرد على اقتراحات وتعديلات الأعضاء ولكن فى الالتزام والإشادة بما يتوصل به البرلمان ويقره من تعديلات مهمة على مواد مشروع القانون

والحقيقة الرابعة تتمثل فى المشاركة الإيجابية والفاعلة من نقابة المحامين ممثلة فى نقيب المحامين عبد الحليم علام والأمين العام للنقابة محمود الداخلى فى مناقشات مجلس النواب لمواد هذا التشريع.

وأما الحقيقة الخامسة فتتمثل فى الحرص الشديد من مجلس النواب على الصياغة الدقيقة لمواد مشروع القانون للتوافق تماماً مع الدستور وهذه النقطة تحديداً تحظى بإشادة كبيرة من قيادات وأعضاء مجلس النواب ونقيب المحامين بدور رئيس البرلمان وحرصه على دستورية جميع القوانين التى يقرها المجلس.

ووافق مجلس النواب على تقييد سلطة محكمة النقض في قرارات تجديد الحبس الاحتياطي إذا كان الحكم صادراً بالإعدام أو السجن المؤبد، حيث أصبح لها أن تأمر بحبس المتهم احتياطاً لمدة 45 يوما قابلة للتجديد لمدد أخرى بما لا يجاوز عامين بحد أقصى، بعد أن كانت المدة مطلقة وغير محددة في القانون القائم.

وتأتي هذه الخطوة في ضوء ما أقره مجلس النواب، بالمادة (124) من مشروع قانون الإجراءات الجنائية التي تقضي أنه يجوز لمحكمة الجنايات المستأنفة ولمحكمة النقض إذا كان الحكم صادراً بالإعدام أو السجن المؤبد أن تأمر بحبس المتهم احتياطياً لمدة خمسة وأربعين يوماً قابلة للتجديد لمدد أخرى بما لا يجاوز سنتين.

وحرص "جبالي" رئيس المجلس التأكيد الذي نقطة هامة، بتأكيده أن مدد الحبس الاحتياطي المقررة لمحكمة الجنايات المستأنفة والنقض في المادة (124) ليست جديدة مستقله بذاتها إنما هي امتداد للحد الأقصى المقرر في الفقرة الأخيرة من المادة (123) التى تحدد مدد الحبس الاحتياطى، بالتالي يتعين قراءة المادتين باعتبارهم مكملتان لبعضهما البعض.

وخلال المناقشات ثمنت النائبة أميرة أبو شقة، عضو مجلس النواب عن حزب الوفد، زيادة الضمانات في المحاكمة ومعالجة عواقب الحبس الاحتياطي، بمشروع القانون تضمن العديد من الموارد التي تكتب بسطور من ذهب علي حد وصفها، متسائلة عن فلسفة المادة ( 124) بما تضمنته من مدد.

الأمر الذي علق عليه الدكتور إيهاب رمزي، عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية واستاذ القانون الجنائى بتأكيده أن المادة (123) هي القاعدة والاستثناء الوحيد في المادة (124) لاسيما وأن إجراءات ال يتعلق بأحكام محكمة النقض، لاسيما وأن إجراءات الطعن بالنقض لا تزال طويله، حتى إن محكمة النقض مثقل كاهله بالطعون، والمحكمة بحاجة إلي تطوير كبير، ومدة الفصل في الطعون قد تتجاوز سنة ونصف.

إلا أن إيهاب رمزي، دعا في كلمته إلي حذف "الجنايات المستأنفة" والاكتفاء بمحكمة النقض.

ومن جانبه، علق النائب إيهاب الطماوي، رئيس اللجنة الفرعية لإعداد مشروع قانون الإجراءات الجنائية قائلاً: إن النائب قد طرح أيضا وجهة نظره بشأن حذف الجنايات المستأنفة من المادة خلال مناقشة مشروع القانون في لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، لكنها رأت بعد مناقشات مستفيضة أن النص المعروض على الجلسة العامة "محكم".

وأشار "الطماوي" إلي أن المادة ( 123 ) من مشروع القانون تناولت تفصيل عدد من الأحكام، وتأتي المادة 124 مكملة لها، وقد كان مقصوداً أن تأتي في مادة منفصلة ومستقلة وتعالج مشاكل عملية.

ونوه إلي أن المادة وضعت حدود قصوى لمحكمة النقض في تجديد الحبس الاحتياطي بعدما كان لديها صلاحيات مطلقة.

من جانبه، ثمن وزير العدل المادة القانونية، والتي تأتي مكملة للمادة (123) مشيدا بإيضاحات رئيس مجلس النواب في هذا الصدد.

كما أقر مجلس النواب المواد الخاصة بالحبس الاحتياطى من مشروع قانون الإجراءات الجنائية، وسط حالة كبيرة من المناقشات والمقترحات التى تقدم بها أعضاء المجلس، والتأكيد من قبل رئيس المجلس على الاستماع لكافة الآراء والمقترحات بصدر رحب.

وتضمنت المواد التى تمت الموافقة عليها خلال الجلسة العامة، ضمانات قانونية فى مجال الحقوق والحريات، حيث تم تعديل الحد الأقصى لمدد الحبس الاحتياطى بحيث لا يجوز أن تجاوز فى مرحلة التحقيق الابتدائى وسائر مراحل الدعوى الجنائية، ثلث الحد الأقصى للعقوبة السالبة للحرية، بحيث لا تجاوز أربعة أشهر فى الجنح بعد أن كانت فى القانون القائم ستة أشهر، واثنى عشر شهراً فى الجنايات بعد أن كانت فى القانون القائم ثمانية عشر شهراً، وثمانية عشر شهراً إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هى السجن المؤبد أو الإعدام بعد أن كانت فى القانون القائم سنتين.

فى الوقت الذى قيّد مشروع القانون سلطة محكمة النقض والجنايات المستأنفة، إذا كان الحكم صادراً بالإعدام أو السجن المؤبد، ليكون لها أن تأمر بحبس المتهم احتياطياً لمدة خمسة وأربعين يوماً قابلة للتجديد لمدد أخرى بما لا يجاوز سنتين، بعد أن كانت المدة مطلقة وغير محددة.

ومن الضمانات أيضا قصر الحبس الاحتياطى على الجناية أو الجنحة المعاقب عليها بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وأن يكون أمر الحبس الاحتياطى مسببا وصادرا من وكيل نيابة.

ووفقا للقانون، فى نص المادة 104 من مشروع القانون "لا يجوز لعضو النيابة العامة أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا فى حضور محاميه، فإن لم يكن للمتهم محام، أو لم يحضر محاميه، بعد دعوته، وجب على المحقق من تلقاء نفسه أن يندب له محامياً".

ورفض مجلس النواب مقترح من وزير العدل بإضافة عبارة تجيز استجواب المتهم من النيابة العامة إذا تعذر حضور المحامى الموكل أو المنتدب، حيث أكد أعضاء المجلس أن المادة كما جاءت بتقرير اللجنة المشتركة تتسق مع نص المادة 54 من الدستور التى لا تجيز التحقيق مع المتهم بدون محام.

من جانبهم، أيد نواب المجلس، المادة كما انتهت إليها اللجنة المشتركة دون تعديل، تماشيا مع أحكام الدستور وضمانات حق الدفاع.

وأكد عبد الحليم علام، نقيب المحامين نص المادة 104 كما اقرتها اللجنة المشتركة، رافضا مقترح تعديلها، مشيدا بانفتاح المجلس على كافة الآراء والمقترحات وانتصاره للحقوق والحريات خاصة ضمانات حق الدفاع، مؤكدا أن المخاوف المتعلقة بتعذر حضور المحامى لا مجال لها، مشيرا إلى أن النقابة لديها 400 ألف محامٍ، فى جميع ربوع مصر، مشددا على قيام النقابة بتقديم قوائم للمحاكم وللنيابات الجزئية والكلية، بما فيها ضعف الأعداد المطلوبة من المحامين المنتدبين.

وتقضى المادة 111 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية حسبما انتهى مجلس النواب، بأنه يجب على عضو النيابة العامة أن يستجوب المتهم المقبوض عليه فوراً، وإذا تعذر ذلك يودع أحد مراكز الإصلاح والتأهيل أو أماكن الاحتجاز إلى حين استجوابه، وفيما عدا حالة تعذر استجواب المتهم لعدم وجود محاميه أو وكيله المنتدب فى الجنايات والجنح المعاقب عليها بالحبس الوجوبى، يجب ألا تزيد مدة إيداعه على أربع وعشرين ساعة، فإذا انتهت هذه المدة وجب على القائم على إدارة مراكز الإصلاح والتأهيل أو أماكن الاحتجاز إرساله إلى النيابة العامة لاستجوابه فى الحال وإلا أمرت بإخلاء سبيله.

وتأتى الصياغة السابقة، بعد الموافقة على مقترح النائب إيهاب الطماوى، بإضافة العبارة "وفيما عدا حالة تعذر استجواب المتهم لعدم وجود محاميه أو وكيله المنتدب فى الجنايات والجنح المعاقب عليها بالحبس الوجوبي"، والتى تأتى لمعالجة الإشكالية التى سبق وتحدث عنها وزير العدل المستشار عدنان فنجرى خلال مناقشات المادة (104).

 ونصت المادة المتعلقة بالحبس الاحتياطى، التى أقرها المجلس على أنه لا يجوز أن تزيد مدة الحبس الاحتياطى أو التدبير على ثلاثة أشهر فى مواد الجنح ما لم يكن المتهم قد أعلن بإحالته إلى المحكمة المختصة قبل انتهاء هذه المدة، ويجب على النيابة العامة فى هذه الحالة أن تعرض أمر الحبس أو التدبير خلال خمسة أيام على الأكثر من تاريخ الإعلان بالإحالة إلى المحكمة المختصة وفقاً لأحكام الفقرة الأولى من المادة 132من هذا القانون لإعمال مقتضى هذه الأحكام، وإلا وجب الإفراج عن المتهم أو إنهاء التدبير بحسب الأحوال.

وقال المستشار محمود فوزى وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي: هذه المادة من أهم المواد وتتفق مع مخرجات الحوار التى اعتمدها رئيس الجمهورية، مضيفا: باسمى واسم الحكومة أتقدم بالشكر على وضع حد أقصى لمدد الحبس الاحتياطى، وهذا من ضمن حسنات مشروع القانون العديدة والكثيرة.

وقال المستشار عدنان الفنجرى وزير العدل أن هذه المادة منضبطة جدا فى شأن الحد الأقصى لمدد الحبس فى الجنح والجنايات، وهى ميزة كبرى للمتهم كضمانة له.

وأكد  "جبالى" أن ما أُنجز اليوم من إقرار مواد أوامر الحبس الاحتياطى ليُعد علامةً فارقةً فى مسيرة التشريع المصرى، إذ أعدنا هذا الإجراء إلى موقعه الطبيعى كوسيلةٍ احترازية تُصان بها العدالة وتُحفظ بها الحقوق، وإن تحديد سقف زمنى للحبس الاحتياطى، لا سيما أمام محكمة النقض بعد أن كان بلا قيد زمنى، ليؤكد حرصنا على ضمان ألا يتحول هذا الإجراء إلى عقوبة مقنّعة، بل يبقى أداةً مؤقتةً تُوظَّف بقدر ما تستوجبه الضرورة.

 

اقرأ أيضًا: