Close ad

تلاميذ في حضانة.. "شكري سرحان"

13-1-2025 | 15:01

عندما أقيم استفتاء لاختيار أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية عام 1996، وتم تحليله كانت المفاجأة والظاهرة الأهم أن الفنان شكري سرحان شارك وقام ببطولة 16 فيلمًا من بين المائة التي انتهى إليها الاستفتاء.

وقبل رحيله في 19 مارس من عام 1997، كرمه مهرجان القاهرة السينمائي، وفي عقب لوحة استعراضية قدمت في الافتتاح فوجئ به ضيوف المهرجان يطلب الكلمة وهو يصيح بصوت عال: "لم أكن أحب أن تهان السينما بعرض مسرحي لا يفيها حقها"، وكان تفسير الفنان الكبير أن العرض لم يمنح السينما قيمتها التي تستحقها.

هنا تكمن أهمية رؤية الفنان الراحل الكبير جدًا شكري سرحان، وأقول "جدًا جدًا" لأسباب كثيرة، ليست للمبالغة، ولكن لأنه عندما تحدث أراد أن يعقب على تفخيم الفنان الكبير محي إسماعيل له في حوار مع سمير صبري وبحضور الفنانة القديرة أمينة رزق، أرجع "سرحان" ما وصل إليه من نجاحات متعددة بداية من دوره المتواضع في فيلم "لهاليبو" إخراج حسين فوزي، وأشهر أدوار نعيمة عاكف "1949"، وحتى فيلم "الجبلاوي" "1991"، لمن علموه من أساتذة أيضًا من مدرسة الإبراهيمية؛ حيث بدا وهو تلميذ يتعلم فن التمثيل، وحتى معهد الفنون المسرحية "1947".

لست هنا في مرافعة للدفاع عن النجم الكبير شكري سرحان، ضد ما يثار من جدل حاليًا على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب آراء، لتلاميذ عليهم الرجوع إلى تاريخ هذا الفنان أو مشاهدة فيلم أو فيلمين من أفلامه، وقل شخصية مثل "سعيد مهران" في "اللص والكلاب"، أو "علي" في "رد قلبي" أو حسنين فرج الصعيدي في "امرأة في الطريق"، أو "أبوالعلا" أو "الزوجة الثانية" أو.. أو.. ولعل من تابعوا رحلة في الدراما التليفزيونية يعلمون جيدًا كم كان يتقن اللغة العربية الفصحى، ورصيده الكبير جدًا من الأعمال التاريخية، وأيضًا الدرامية وأداءه المتميز في مسلسلات صنعت تاريخًا، وأذكر أن جمهور الصعيد كان ينتظر مسلسل "المشربية" ليتابع كيف ما سيقوم به الأسطى عباس في الحلقات حفاظًا على تراث مصر المتمثل في "المشربية" تأليف أسامة أنور عكاشة، أخرجه فخر الدين صلاح مع عمالقة أمثال سميحة أيوب ومحمود الحديني، وعبد الرحمن أبو زهرة، وفردوس عبدالحميد ونسرين عام 1978، وعشرات الأعمال في الإذاعة والمسرح، لسنا هنا ندافع عن فنان نادر، لكن لتقف الأجيال الجديدة عند حدود معرفتها بمن حولها، وتبدأ في قراءة تاريخ الكبار، لتوسيع قواعد معرفتهم، فالكلام عن الموهبة صعب أن يقيمه ممثل صاعد لم تسند إليه بطولة بعد.

شكري سرحان ليس ممثل فقط، نحتفل به في مهرجان، أو نصدر عنه كتابًا، أو يقيمه ممثل صاعد ويقول فيه رأيه، هو مثل "المشربية" مع الفارق في التشبيه، هو تراث يتطلب الحفاظ عليه أن نحتفي به كل يوم، مع مشاهدة كل عمل فني، بل وأن تتضمن محاضرات المعاهد والأكاديميات تطبيقات عملية في فنون التمثيل على أداء ممثل مثل شكري سرحان وتنوع هذا الأداء من شخصية انفعالية في اللص والكلاب، إلى شخصية وديعة في "التلميذة" أو فلاح في "الزوجة الثانية" إلى رجل المعلم بكري في "جدعان باب الشعرية"، هكذا نحترم رموزنا، نحترم تاريخنا، لأن أزمة بعض من نشأوا في بيوت مشاهير كتابا أو فنانين وأسهمت شهرة آبائهم في سرعة صعودهم أنهم لم يلتفتوا إلى كيف وصل هؤلاء النجوم إلى تلك النجومية، كيف بدأها شكري سرحان من الصفر من مدينة الإسكندرية إلى القاهرة، وكيف قدم ما يقرب من 300 عمل فني هي في الواقع جزء مهم من تاريخنا الفني.

شكري سرحان الذي نحتفل بمرور مائة عام على ميلاده، حيث ولد في 13 مارس من عام 1925، قدم لتاريخ الدراما شخصيات شعراء فى "شعراء المعلقات"، وشخصية "عبدالمطلب" في الكعبة المشرفة، واختتم مسيرته بمسلسل "الدمنهوري وشؤيكه" عام 1995.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: