Close ad

حكايات من الواقع: امرأة سقطت.. وكابوس مرعب!

12-1-2025 | 13:44
حكايات من الواقع امرأة سقطت وكابوس مرعبأرشيفية
خالد حسن النقيب

ما أن تفتحت عيناى على الدنيا و غادرت براءة الطفولة حتى تشكل وعيى و نمت تطلعاتى فى الدنيا إلى آفاق لا حدود لها فلم أكن ابدا أقبل إلا أن أكون فى الصدارة دائما ما جعلنى أتفوق فى دراستى محققة المكانة التى أريدها حتى تخرجت فى الجامعة و كنت مؤهلة للسلك الجامعى معيدة فمدرسة فأستاذا إلا أننى أبيت على نفسى أن لا أكون حبيسة إطار مغلق حتى و لو كان إطار العلم و النبوغ فيه، انطلقت إلى آفاق الدنيا الواسعة طائر فى السماء أحلق وحدى، أغرد أنشودة ليست لغيرى، أريد كل شئ، أبحث عن كل شئ، المال،الجمال،الرفعة، المكانة، الحب والسعادة، كل شئ، كل شئ، لكن هل يمكن هذا؟

موضوعات مقترحة

ألا تدمينى تلك الصراعات الدامية فى الدنيا أو توقع بى فى مداركها المظلمة؟ ربما لكنى مشيت فى طريقى لا ألوى على شئ حتى أنى فقدت إحساسى بنفسى و بغيرى أيضا، بت كيانا أجوفا لا يشعر ولا يعى غير أهداف محددة اخترت على أساسها زوجا بمواصفات خاصة تدعم طموحاتى و كانت فنون المشاعر و الأحاسيس أدواتى احترف التلاعب بها و تحقيق ما أريد حتى إبنى الذى رزقت به لم أكن أما حقيقية له بقدر ما كنت أخلق صورة جمالية لأمومتى معه أمام المجتمع لا أعرف عنه شيئا، يكبر، يتشكل وعيه بعيدا عنى فتأخذه متاهة الدنيا كما أخذتنى من قبله، حتى زوجى وجوده فى حياتى كان هامشيا لكن وجوده فى حياة آخرين لم يكن كذلك، لعله كان يبحث عنى فى كل امرأة يعرفها و يمضى معها وقتا ثم يغادرها لأخرى و أبعده هذا عن البيت و ابننا الوحيد إلى حد أننا كنا نعيش غرباء فى مكان واحد كل منا ناجح فى الحياة بطريقته، تبدو صورته الذهنية أمام الناس راقية و متحضرة، لكن الحقيقة غير ذلك إلى منتهى الضياع و الكارثة أن إبنى الذى كان فى بدايات دراسته الجامعية لم يجد ما يسريه فى عزلته عنا غير ما يخدره و يغيب عقله و المال فى يده لا حساب له، تتهاوى قدرته على العيش و الحياة شيئا فشيئا و لا ندر عنه شيئا.

على تلك الصورة متناقضة الملامح السمات كانت حياتى حتى عملى لم يكن إلا أداء باهتا خلا من أى مضمون أو معنى حقيقى و لعل طريقى هذا الذى مشيته عمرا إنتهى بى فجأة على كارثة فى نفسى و ابنى وزوجى، ضياع لا حدود له وكأن الأقدار وضعتنى أمام نفسى فجأة أدرك لأول مرة ماذا فعلت فيها عمرى كله، أشاهد ابنى يموت أمام عينى لا أعرف ماذا أفعل له، زوجى يمتهن كرامتى كل يوم و يعلن ذلك لا يخجل منه ثأرا لنفسه منى، أما أنا أتخبط بلا وعى أو قدرة على ضبط نفسى،  أنا من كنت أمتلك شخصية قوية و إرادة حديدية، لا أضعف و تعجز الصعاب المستحيلة أن توقع بى.

أكتب لك سيدى بحروف مرتعشة، ضعيفة، متخاذلة لامرأة سقطت فى هوة عميقة مظلمة لعل طوق نجاة ينتشلها من لجة الضياع و أستيقظ من هذا الكابوس المرعب.

هل يمكن لمن استهلك حياته عمرا تائها، بوهيميا أن يستفيق و يحظى ببداية جديدة أم انها النهاية الحتمية لا محالة منها؟

ك . ج

ربما كانت الأمانة التى عرضها الله عز وجل على السماوات و الأرض و أبين أن يحملنها و حملها الإنسان ظالما بها نفسة ليست إلا حق الإختيار فيما يقدم عليه فى حياته إما يمينا أو يسارا و سوف يحاسب عليه يوم المشهد الأعظم و لعله يحاسب فى الدنيا وفقا لما جاء بسورة الأحزاب (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا)

و أنت يا سيدتى اخترتى لنفسك طريقا سلكتيه باختيارك و ما وجدتيه فى حياتك ليس إلا جرس إنذار هو فى الأساس رحمة من الله و رأفة بك كى تفيقى من غفلة الدنيا و زهوها الزائف وكونك تواجهين نفسك بهذا الوعى وهذه العقلانية فهذا يعنى أن الله سبحانه تجلت قدرته وهبك فرصة لتصحيح أوضاع حياتك و بداية جديدة ولسوف يعينك عليها كى تصلحى ما أفسدته أيامك الضائعة و تستردين زوجا أخذته الدنيا مثلك بذخرفها و ابنا لم يجد من يسوسه اخلاقيا إلا أن الفرصة مازالت قائمة للحاق به و إفاقته من إدمانه و إفاقتك أنتى أيضا من إدمان الدنيا التى لا تساوى شيئا غير أنها موضع اختبار لنا و تجربة نتعايشها و نسأل عنها امام المولى جلت قدرته وصدق المولى عز و جل عندما قال فى سورة آل عمران

(مَثَلُ مَا يُنفِقُونَ فِي هذه الْحَيَاة الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْم ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ ۚوَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) صدق الله العظيم

من هنا تكمن البداية الجديدة فى إعادة رؤيتك للحياة و صياغة اهتماماتك بشكل مختلف تجاه زوجك و ابنك وأيضا تجاه عملك و حياتك بشكل عام فالدنيا هى فقط إطار لتجربتنا فى الحياة لا هدفا فى حد ذاته و إلا تاهت بنا السبل و ضللنا الطريق.

كونى على يقين بالله هو المعين القادر على كل شئ وعلى ثقة فى شخصيتك الجديدة تتكئين عليها فى تجاوز ضلالات الطريق و متاهاته إلى صوابه حتى لو كانت المهمة صعبة أو تبدو مستحيلة أنتى قادرة عليها و ما كان الله يدفعك أن تفيقى من غفلتك إلا ليعينك على البداية الجديدة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة