هم بلا شك ثروة ضخمة يمكن أن تنقل مصر إلى مصاف الدول المتقدمة سريعا.
البحث العلمي في مصر لا يعاني قلة أعداد الباحثين، فعددهم، وفقا لأحدث إحصاء، يزيد على 125 ألفًا؛ منهم نحو 22 ألف باحث بالمراكز البحثية التابعة للوزارات، ونحو 97.331 باحثًا في قطاع التعليم العالى، كما أن نحو %73 من الباحثين بمصر حاصلون على درجة الدكتوراه.
أيضًا لا تعاني منظومة البحث العلمي بمصر نقصًا في البناء الهيكلي؛ حيث يوجد مجلس المراكز والمعاهد والهيئات البحثية الذي تأسس بالقرار الجمهوري 488 لسنة 1991 ليقوم بالتنسيق، والربط بين المراكز والمعاهد والهيئات البحثية، وتوجيهها للمساهمة في تحقيق أهداف التنمية على المستوى القومي.
فيما يتعلق بموازنة البحث العلمي، فإنها ارتفعت خلال العام المالي الحالي لتبلغ 5 مليارات و200 مليون جنيه من إجمالى موازنة وزارة التعليم العالي، والبحث العلمي البالغة 117 مليار جنيه، كما أنه وفقًا لمؤشر الابتكار العالمي لعام 2024، تقدمت مصر عشرة مراكز لتصل إلى المرتبة الـ86 عالميًا من بين 133 دولة.
الكوادر البشرية وفيرة، وكذلك البناء التنظيمي، ومع ذلك فحقيقة الصورة توضح غياب التنسيق بين هذه المراكز وبعضها بعضًا، وكذلك تضاؤل دور الأبحاث التطبيقية التي تمثل عصب التطور الصناعي والإنتاجي لأي دولة.
الباحثون بهذه المراكز والمعاهد يعانون أشد المعاناة نقص التمويل اللازم للإنفاق على أبحاثهم، وتقادم الآلات والتجهيزات الخاصة بالمعامل، بالإضافة إلى عدم وجود خطة وأهداف محددة تتضمن الأولويات المطلوب التركيز عليها بما يدعم الرؤية التنموية للدولة.
تحقيق الارتباط بين رؤية الدولة والبحث العلمى يمكن الاسترشاد به في العديد من التجارب الدولية مثل تجربة الصين التي تعتبر من أكبر الدول في الإنفاق على البحث العلمي خاصة في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعى، والتكنولوجيا الحيوية، بينما تستهدف كوريا الجنوبية تكنولوجيا المعلومات، والهواتف الذكية بالشراكة بين الحكومة، والشركات، وكذلك سنغافورة التي ركزت على القطاع الصحى، واليابان التي اهتمت بالأبحاث المتعلقة بالكوارث الطبيعية.
أظن أن انعكاس البحث العلمى على قطاعات الدولة المختلفة بالدرجة المأمولة يحتاج إلى إعادة نظر في النمط الحالى وامتلاك القدرة على تهيئة المناخ لانطلاقة مطلوبة في هذا القطاع الحيوي تعتمد على تنسيق ثلاثي بين الحكومة والمراكز والمستثمرين مع إعادة تقييم فلسفة وصلاحيات وتشكيل، وموازنة مجلس مراكز الأبحاث أو تأسيس نموذج جديد يكفل تفعيل دور هذه المراكز والمعاهد فكل جنيه يتم إنفاقه على البحث العلمى هو استثمار ناجح ومربح ويستحق الاهتمام.