منحها النادى العضوية الشرفية مدى الحياة
موضوعات مقترحة
رفضت الحصول على أجر مقابل إحياء حفلتين فى القلعة الحمراء
تدفع 5 جنيهات مكافأة لمن يبلغها بفوز الأهلى فى أية مباراة
قلة من نجوم الفن والغناء، من اعترفوا وكشفوا عن انتماءاتهم الكروية، وهناك من وثق هذا الانتماء والحب الكبير، بأحداث وذكريات تاريخية، وعلى رأس هؤلاء، سيدة الغناء العربى، أم كلثوم، التى اعترفت فى سجلات موثقة بالصوت والصورة بحب النادى الأهلى، حتى أنها نالت لقب « كوكب الأهلى» وهى كوكب الشرق.
وعلى الرغم أن البعض أنكر عليها هذا الانتماء، لكن الفنان الراحل سمير صبرى، قد خرج من جديد فى فبراير من العام 2019 ، يروى علاقة أم كلثوم بالنادى الأهلى فى ذكرى رحليها، وقبلها كان قد روى تلك القصة فى عدد من اللقاءات التليفزيونية، التى لا تزال موجودة وحاضرة.
كما قال سمير صبرى فى مداخلة هاتفية، مع إحدى الإذاعات المصرية إن أم كلثوم كانت تحب النادى الأهلى لدرجة العشق والجنون، مؤكدا أنها ذات مرة التقى سيدة الغناء العربى فى مطار القاهرة، قبل سفرها للخارج من أجل العلاج، وسألها عن الشىء الذى كانت تتمنى أن تفعله، إن لم تكن سيدة الغناء العربى، قبل أن يفاجأ بالإجابة، حيث قالت له أم كلثوم: «لو لم أكن مطربة لوددت أن أكون حارس مرمى فريق الكرة بالنادى الأهلى»، وشدد الفنان القدير خلال مداخلته الهاتفية أنه اندهش كثيرا من تلك الإجابة الغريبة جدا.
وعاد ليسأل كوكب الشرق مجددا عن السر فى هذا الأمر العجيب، قبل أن تخبره أنها تعشق وتشجع النادى الأهلى، وأنها طيلة حياتها وهى تشاهد مباريات الأهلى كانت تتمنى أن يكون لها دور فى انتصارات وبطولات النادى الأهلى، لافتة النظر إلى أن حارس المرمى هو أكثر اللاعبين الذين يتحملون العبء من أجل الدفاع ناديه، وتكون مهمته حراسة الانتصار والاحتفاظ به، ولأن حارس المرمى هو المدافع، وأنا فلاحة، اللى يدافع عن المرمى يدافع عن الأرض، والعرض والشرف والبلد، وأنا كنت أحب أبقى مدافع فى النادى الأهلى اللى بحبه».
يذكر أن أم كلثوم التى ولدت فى 31 ديسمبر 1898 وتوفيت فى 5 فبراير 1975، حصلت على عضوية النادى الأهلى العام 1916 ، أى بعد 11 عاما فقط من تأسيس النادى، بعد أن قرر النادى، فتح العضويات للسيدات بعد مواقفهن المشرفة، ويحكى على لسان الأستاذ فكرى أباظة، رئيس شرف النادى الأهلى أن كوكب الشرق كانت أهلاوية متحمسة، وكانت حريصة على المساهمة فى إحياء حفلات النادى الأهلى سنويا فى الفترة من دخولها النادى 1916، عندما أحيت حفلاً كبيراً لعام 1956 تغنى للنادى الأهلى، وكانت تحرص على ارتداء الفستان الأحمر أو تمسك بالمنديل الأحمر فى كل حفلاته فى النادى وفى عام 1953، قرر النادى فى جلساته « منح أم كلثوم العضوية الشرفية مدى الحياة بسبب تمويلها بناء حمام السباحة من إيراد حفلتين لها على مسرح النادى الأهلى «، وكان إيراد الحفلتين 15 ألف جنيه، وكانت ترفض أن تتقاضى أى أجر مقابل إحياء أى حفل فنى لها داخل النادى، وحصلت على وسام الكمال من الملك فاروق العام 1934، فى حديقة النادى بجوار صالة راتب.
فى عام 1944 فرض الإنجليز حصارا إعلاميا على الملك فاروق، ملك مصر والسودان، وطالب بعدم ذكر اسمه، وهو ما رفضه النادى الأهلى، بل تحدى الفرمان الإنجليزى بإقامة الحفل على مسرح النادى، يا ليلة العيد: ولأن الأهلى هو نادى الوطنية، فقد وجهت اللجنة الفنية بالنادى برئاسة فكرى باشا أباظة، ونائبه مصطفى أمين حينها وجهت الدعوة للملك فاروق لحضور حفل ليلة عيد الفطر يوم 17 سبتمبر 1944، وعند دخوله للحفل هتف المصريون له فى رسالة واضحة للإنجليز، بأن ملك مصر لا يحجب اسمه ولا يحاصر إعلاميا، والجميع يردد اسمه فى كل مكان لينجح الأهلى فى كسر الحصار الإعلامى المفروض على ملك مصر.
حصدت كوكب الشرق لقب «صاحبة العصمة»، من داخل النادى الأهلى، حيث كانت تغنى أغنيتها الشهيرة «يا ليلة العيد»، فى حفل بالقلعة الحمراء يوم 17 سبتمبر 1944، وفى ليلة عيد الفطر الموافقة 29 رمضان 1363هـ. وأثناء الحفل، دخل الملك فاروق إلى النادى الأهلى وهو يقود سيارته بنفسه، ولم يعلم أحد بوصوله إلا عندما رأوه، وفى بداية غناء أم كلثوم أغنية «يا ليلة العيد»، ولدى دخوله، رفض أن يتوقف الحفل، ومضى يجلس فى هدوء، وواصلت أم كلثوم غناءها وأبدعت هى وفرقتها، ثم ارتجلت أثناء أدائها لتضيف كلمات جديدة للأغنية وهى «يا نيلنا ميتك سكر وزرعك فى الغيطان نور، يعيش فاروق ويتهنى ونحيى له ليالى العيد»، وبحسن لباقة انتقلت أم كلثوم وانتقل معها التخت سريعا إلى الكوبليه الأخير من أغنية «حبيبى يسعد أوقاته»، فغنت «حبيبى زى القمر قبل ظهوره يحسبوا المواعيد، حبيبى زى القمر يبعث نوره من بعيد لبعيد، والليلة عيد على الدنيا سعيد، عز وتمجيد لك يا مليكى.
واستدعى جلالة الملك أم كلثوم بعد نهاية الوصلة، وعندما أقبلت وقف جلالته وصافحها، فقبلت يده ودعاها للجلوس إلى جانبه، ثم قال لها حسنين باشا إن جلالة الملك تفضل وأنعم عليها بنيشان الكمال من الدرجة الثالثة، وهو وسام رفيع يُنعم به على جلالة الملكة، وأميرات البيت الملكى والبيوت المالكة، وتناقلت الصحافة العربية هذا الخبر، وقيل يومها إن الإنعام على أم كلثوم هو أول إنعام ملكى تحظى به فنانة مصرية فى تاريخ مصر القديم والحديث، ليصبح لقبها هو صاحبة العصمة.
وتعرض الناقد الرياضى والكاتب الصحفى الكبير حسن المستكاوى فى كتابه الوثائقى «النادى الأهلى» عن علاقة أم كلثوم بالنادي، فقد كانت نجمة حفلات الأهلى فى الأربعينيات والخمسينيات وكانت هى سيدة الغناء، ورغم أن النادى يستفيد بالدخل للصرف على بعض أوجه نشاطه، فإنه كان أحيانا يسهم بهذا الدخل فى مشروعات خيرية، مثل مشروع يوم المستشفيات عام 1943، حيث تبرع بدخل حفلة أم كلثوم، بعد استقطاع المصروفات، وكان 200 جنيه، وكان دخل حفلات أم كلثوم يتجاوز الألف جنيه فى الخمسينيات، وكانت تحصل على أجر قدره 500 جنيه فى ذلك الوقت، ونظرا لمكانة الأهلى ومكانة أم كلثوم، كان الملك فاروق يحضر حفلات النادى، وتقول سيدة الغناء العربى فى واحد من أحاديثها الإذاعية ردا على السؤال: هل من الممكن أن نعرف أسعد ليلة مرت بك فى حياتك الفنية؟»، فأجابت أم كلثوم: «الحمد الله وأشكر فضله ونعمته، فقد مر بى فى حياتى كثير من الليالى السعيدة، لكن واحدة من هذه الليالى طغت على كل ما سبقها وهى حين كنت أغنى فى حفلة الإذاعة بالنادى الأهلى ليلة عيد الفطر المبارك، وإذا طلعة الفاروق تشرق على المكان فتشيع فى الجميع فرحة جعلت العيد عيدين»، وتابع المستكاوى: «والواقع أن حضور الملك فاروق لحفلة أم كلثوم بالنادى الأهلى فى سبتمبر عام 1944، كان مفاجأة وقد أقنعه الكاتب الصحفى الكبير مصطفى أمين، بالحضور لأنه كان عضوا بالنادى وأحد مسئولى لجنة الحفلات.
خلال هذا الوقت كانت سلطات الاحتلال قد أصدرت أمرًا إلى كل الصحف والمطبوعات الصادرة فى مصر بعدم ذكر اسم الملك أو أخباره، لأن فاروق أثناء الحرب العالمية الثانية كان مواليًا لقوات المحور، ولأن حفل أم كلثوم كان مذاعًا على الهواء بالإذاعة، فقد نجح مصطفى أمين فى إقناع الملك بأن حضوره سوف ينقل على الهواء مباشرة عبر الأثير، وأن ذلك سوف يغيظ الإنجليز».
واستطرد: «عندما دخل الملك إلى النادى الأهلى استقبله الأعضاء بترحاب وبعاصفة من التصفيق، نكاية فى الإنجليز، وتعالت الهتافات باسمه، وشعر الملك فاروق بسعادة غامرة، فكان أن أنعم على أم كلثوم بنيشان الكمال فى هذا الحفل، وقام مصطفى أمين بإبلاغ أم كلثوم فى نفس الليلة، وكانت سعادتها بالغة». والطريف أن كل المقربين منها كان يتسابقون فى إبلاغها بفوز الأهلى بعد أية مباراة يخوضها لأنها كانت تمنح أى شخص يبلغها مكافأة مالية قدرها خمسة جنيهات، والطريف أنها سبق لها وأن حكمت مباراة بين لاعبى الأهلى القدامى والفنانين أقيمت وقتها داخل ملعب « التتش « بمقر النادى الأهلى بالجزيرة، أم كلثوم والتتش وتأكيد على علاقة كوكب الشرق وحبها للأهلى، فمع حلول عام 1940، قرر مختار التتش نجم الأهلى ومصر تعليق حذائه وإعلان اعتزاله، وهو فى كامل لياقته وأعلى مستوى، الأمر الذى كان بمثابة صدمة لملايين الجماهير المصرية.. طالبه الكثيرون بالبقاء والاستمرار، ولجأ أصدقاؤه إلى سيدة الغناء العربى أم كلثوم لتثنيه عن قراره، لصلتها القوية به، وما بينهما من ود وتقدير واحترام، لكن التتش تمكن من إقناع سيدة الغناء العربى بوجهة نظره، ورغبته فى الاعتزال وهو فى أوج مجده واسمه يتردد هتافا على ألسنة الجماهير.