من بين كبار شعراء الأغاني في زمن الفن الجميل حفر اسمه، تمكنه من ناصية اللغة أدى لأن يكون متعدد المواهب، فكان شاعرًا وروائيًا وصحفيًا، أمتازت كلماته بالشاعرية والرشاقة والحساسية المفرطة.. إنه الشاعر الكبير عبد العزيز سلام، الذي تحل اليوم ذكرى وفاته، والتي وافقت يوم 7 يناير 1984م.
موضوعات مقترحة
وُلد الشاعر عبد العزيز سلام بقرية وردان التابعة لمنشأة القناطر بمحافظة الجيزة، وذلك في يوم 1 ديسمبر عام 1915م، منذ طفولته أظهر اهتمامًا باللغة والأدب، وكانت له تجاربه الأولى عبارة عن قصائد تفاوتت بين الفصحى والعامية، وكلل هذا بدراسته في مدرسة دار العلوم العليا، والتي تخرج منها عام 1940م.
عمل في بداية حياته أستاذًا للغة العربية، ومنها دخل إلى بلاط صاحبة الجلالة، حيث عمل صحفيًا، حتى وصل إلى منصب رئيس تحرير مجلة "فن السينما"، ومجلة "المساحة"، و"مجلة العروبة".
اشتغاله بالصحافة الفنية، جعلته يكتب القصة والسيناريو والحوار للعديد من الأفلام السينمائية، كما ساهم في تأسيس جمعية المؤلفين والملحنين المصرية.
قدّم للسينما 40 فيلمًا سينمائيًا بدءًا من فيلم «بياعة اليانصيب» عام 1947م، والذى كان أول قصصه إخراج عبدالفتاح حسن، وبطولة رجاء عبده ولولا صدقى ومارى منيب، و«سيجارة وكاس» عام 1955م، و«الدنيا حلوة» و«بنت الجيران» للفنانة شادية، و«أنا الماضي» لفاتن حمامة، و«شاطئ الحب» عام 1961م بطولة فريد الأطرش وسميرة أحمد، وفيلم «الجريمة الضاحكة» سيناريو وحوار عن قصة مقتبسة للكاتبة الأمريكية كاترين كوك إخراج نجدى حافظ، بطولة سعاد حسنى وأحمد مظهر وغيرها من الأفلام، و«خليك مع الله» لمحمد للكحلاوي، و«خالد بن الوليد» مع حسين صدقي.
اختص عبد العزيز سلام بكتابة أغاني ملك العود الموسيقار فريد الأطرش، حيث تعاون معه في العديد من الأغاني التي حققت الذيوع والانتشار بين الجمهور، ولعل أشهرها:(إن حبيتني أحبك أكتر، بيحبني وبحبه، جرى إيه ياعزالنا، حبيب القلب من جوه، خدي قلبي، دايما معاك، قسمة مكتوبه، ليه أنا بحبك، يا جميل يا جميل، مخاصمك يا قلبي، عينيا بتضحك وقلبي بيبكي، يفيد بإيه الأنين، يا فرحة المية، قمر الزمان، كفاية يا عين، وياك، مين يعرف، قدام عينيا، سألني الليل"، وغيرها من الروائع.
لقبه البعض بـ"ترزي الأغاني" لفريد الأطرش؛ لكثرة تعامله مع ملك العود، وكان فريد في بعض الأحيان يضع ألحانًا ليقوم عبد العزيز سلام بكتابة الأغاني لها، مثلما حدث في أغنية "وياك.. الدنيا حلوة وياك"، والتى غناها فريد الأطرش في فيلم "لحن الخلود" عام 1952م، حيث كان سلام يستقل سيارة فريد الأطرش، وبدأ فريد يضرب "كلاكس السيارة" بإيقاع معين، وسأل سلام إذا كان لديه كلمات توافق هذا الإيقاع، بدأ سلام يردد المذهب الأول للأغنية(وياك.. وياك الدنيا حلوة وياك، بصفاك وجفاك أن راضي يا حبيبي برضاك.. تعاندني تكايدني مطرح مطروح وياك)، ونجحت الأغنية نجاحًا منقطع النظير وتغنت بعدة لغات عالمية مثل الفرنسية والروسية.
كما كان عبد العزيز سلام بوابة فريد الأطرش أيضًا للكثير من نجوم الغناء في زمنه الجميل، الذين تغنوا لملك العود، فكتب أغنية "يا واحشني رد عليا" لمحرم فؤاد، "إديني ميعاد وقابلني" لشهرزاد، "بقى عايز تنساني" لسعاد محمد، "ملكش حق" لنور الهدى، "أحبك ياني" لصباح.
ومثلما كان فريد يعتمد في كثير من أغانيه على كلمات عبد العزيز سلام، كذلك كان سابق عصره الموسيقار محمد فوزي، إذ غني من كلمات عبد العزيز سلام العديد من الأغاني الشهيرة، مثل (فين قلبي، يا بختك يا قلبي، داري العيون، أدي الميعاد)، وغيرها من الروائع، لكن سلام كتب لمحمد فوزي العديد من الأغاني التي ارتبطت بالمناسبات، مثل أغنية "هاتوا الفوانيس يا ولاد" والتى ارتبطت بقدوم شهر رمضان المبارك، مُظهرة فرحة الأطفال به، وأغنية "أحن قلب في الدنيا قلبك انت يا أمي" والتي غنتها معه الفنانة نازك، وقد غنت نازك أيضًا من كلمات عبد العزيز سلام وألحان محمد فوزي، أغنيتها الشهيرة "كل دقة في قلبي".
كان عبد العزيز سلام أول من كتب أغنية خاصة بعيد الميلاد، حيث كتب للفنان محمد فوزي أغنية «يا نور جديد في يوم سعيد .زده عيد ميلادك أحلى عيد»، والتي غناها محمد فوزي لمديحة يسري في فيلم «نهاية قصة» عام 1951م.
لكن تعاون عبد العزيز سلام، لم يتوقف عند هذين العملاقين، فقد غنت له صباح أغنية "راحت ليالي" من ألحان الموسيقار رياض السنباطي، وغنت له فايزة أحمد "م الباب للشباك" من ألحان محمد الموجي، أما هاني شاكر الذي اكتشفه عبد العزيز سلام، فقد كتب له "عومني في بحر عينيك" من ألحان بليغ حمدي، وغنى له عبد المطلب أغنية "حبيت كتير، واعطف يا جميل" من ألحان عبد الرؤوف عيسى.
حصل على جائزة الاستحقاق للعلوم والفنون، و يحسب له أن اثنتين من أغنياته، «يا جميل يا جميل» و«وياك وياك»، قد وصلتا للعالمية وتم ترجمتهما للغات مختلفة.