أكد السفير مصطفى الشربيني الخبير الدولي في الاستدامة وتقييم مخاطر المناخ وسفير ميثاق المناخ الأوروبي ورئيس وفد مراقبين في COP29، أن قرار التنفيذ الصادر عن المفوضية الأوروبية (الاتحاد الأوروبي) بتاريخ 19 ديسمبر الحالي، فيما يتعلق بالاعتراف بالنظام الطوعي للاتحاد الأوروبي للاستدامة الدولية وشهادة الكربون - ISCC للكتلة الحيوية للغابات والوقود المتجدد من أصل غير بيولوجي ووقود الكربون المعاد تدويره، عزز أهمية الحصول على شهادة الاستدامة الدولية وتعقب الكربون "International Sustainability and Carbon Certification" التي أصبحت تعد واحدة من أهم الأدوات التي تضمن توافق الشركات مع المعايير البيئية العالمية، حيث تتيح لها الفرصة لدخول الأسواق الأوروبية التي تضع شروطًا صارمة حول تقليل الانبعاثات الكربونية .
موضوعات مقترحة
وقال الشربيني، في تصريحات له اليوم الثلاثاء، إن الطاقة المستدامة أصبحت واحدة من أهم الأدوات لتحقيق تنمية اقتصادية شاملة في ظل التحديات البيئية المتزايدة على مستوى العالم، وتعد شهادة الاستدامة الدولية وتعقب الكربون، بمثابة خطوة محورية لتحقيق هذا الهدف إذ تعكس هذه الشهادة التزام الشركات بتطبيق نظم إنتاج تعتمد على موارد طبيعية مستدامة مع تقليل الانبعاثات الكربونية.
وأضاف أنه منذ 19 ديسمبر الحالي أصبحت شهادة "ISCC" تؤثر بشكل كبير على صادرات الوقود إلى الاتحاد الأوروبي، خصوصًا الوقود الحيوي والوقود المستدام، تشمل هذه الأنواع الوقود النباتي (مثل البيوديزل والإيثانول) والوقود المشتق من النفايات أو المواد العضوية، حيث يفرض الاتحاد الأوروبي قوانين صارمة بشأن استخدام هذه الأنواع من الوقود لتقليل الانبعاثات الكربونية وتحقيق أهداف الاستدامة، مشيرا إلى أن الشركات التي تحمل شهادة "ISCC" تظهر التزامها باستخدام مصادر طاقة متجددة وتطبيق ممارسات بيئية مستدامة، مما يجعل منتجاتها مؤهلة للدخول إلى الأسواق الأوروبية بسهولة، ويعزز قدرتها على التنافس في ظل اللوائح البيئية الجديدة للاتحاد الأوروبي .
ولفت إلى تنوع أنواع الشهادات الصادرة عن نظام الاستدامة الدولية لتعقب الكربون لتلبية احتياجات مختلف القطاعات الاقتصادية وتشمل شهادة ISCC EU التي تركز على الامتثال لتشريعات الاتحاد الأوروبي وشهادة ISCC PLUS التي تهدف إلى تغطية المعايير العالمية للصناعات الزراعية والغذائية بالإضافة إلى شهادة ISCC DE المخصصة للسوق الألمانية التي تتميز بمواصفات خاصة للطاقة الحيوية ويمكن للشركات اختيار النوع الذي يناسب نشاطها لتحقيق أفضل استفادة ممكنة.
وأوضح أن دور الطاقة المتجددة في تحقيق شهادة الاستدامة الدولية وتعقب الكربون يمثل أحد المحاور الرئيسية لهذه الشهادة، حيث تسهم الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والوقود الحيوي في توفير بدائل مستدامة للطاقة التقليدية التي تعتمد على الوقود الأحفوري وتؤدي إلى انبعاثات كربونية مرتفعة وتعد هذه المصادر المتجددة حلاً مثالياً للشركات التي تسعى للامتثال لمتطلبات الشهادة من خلال تخفيف بصمتها الكربونية وتحقيق التوازن بين الإنتاج وحماية البيئة، كما أن الاستثمار في الطاقة المتجددة يفتح آفاقًا جديدة للشركات لتحقيق وفورات اقتصادية على المدى الطويل وتحسين سمعتها البيئية عالميًا.
وقال الشربيني: إن شهادة ISCC تعد واحدة من الشهادات الرائدة التي تساهم في تعزيز الاستدامة البيئية على المستوى العالمي وهي تركز على تتبع الكربون والحد من الانبعاثات الكربونية في قطاعات متعددة مثل الزراعة والطاقة المتجددة والقطاعات الصناعية الأخرى، وتعتبر هذه الشهادة ذات أهمية كبيرة للشركات التي ترغب في دخول الأسواق الأوروبية وتعزيز قدرتها التنافسية في ظل تشريعات الاتحاد الأوروبي البيئية الصارمة وبالأخص التوجيهات المتعلقة بالصفقة الخضراء وآلية تعديل حدود الكربون من خلال الالتزام بالمعايير البيئية التي تفرضها هذه الشهادة يمكن للشركات ضمان تطابق منتجاتها مع معايير الاستدامة الأوروبية وهو ما يعزز القدرة على التصدير لهذه الأسواق.
وأضاف أن البصمة الكربونية للمنتجات تعد من العناصر الأساسية التي تحدد ما إذا كانت الشركات مؤهلة للحصول على شهادة ISCC أم لا فالشهادة تتطلب من الشركات حساب انبعاثاتها الكربونية بدقة عبر سلسلة الإمداد والإنتاج والنقل ويتم حساب الانبعاثات الناتجة عن مختلف الأنشطة الإنتاجية مثل استخراج المواد الخام عمليات التصنيع والنقل وتوزيع المنتجات وتعتبر الشهادة من أدوات القياس الهامة التي تساعد الشركات على تقييم تأثيرها البيئي وتحقيق خفض فعال في الانبعاثات مما يعزز من قدرة الشركات على الامتثال للمعايير الأوروبية ويساعد في تحقيق أهداف الاستدامة العالمية.
كما تسهم الطاقة المستدامة في الحصول على شهادة ISCC من خلال تشجيع استخدام مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والوقود الحيوي فالشهادة تشترط على الشركات الاعتماد على مصادر طاقة متجددة في عمليات الإنتاج لضمان تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة وتحقيق أهداف الاستدامة وهذا يشمل إدخال تقنيات جديدة في الإنتاج تقلل من استهلاك الطاقة التقليدية وتزيد من كفاءة استخدام الطاقة المتجددة لذلك تُعد شهادة ISCC أداة أساسية لضمان انتقال الشركات إلى عمليات إنتاج صديقة للبيئة مما يساهم في تقليل الأثر البيئي بشكل فعال.
وبالنسبة لمتطلبات الحصول على شهادة ISCC المتعلقة بالطاقة المستدامة والبصمة الكربونية ومتابعة مصادر التوريد، نوه الشربيني بأنه يتعين على الشركات أن تلتزم بعدد من الشروط الفنية والإدارية، ومن أهم هذه المتطلبات وجود آلية فعالة لقياس ورصد استهلاك الطاقة ومصادرها في جميع مراحل الإنتاج بالإضافة إلى تحديد وتوثيق انبعاثات الكربون الناجمة عن مختلف العمليات الإنتاجية، كما يجب أن تتوفر برامج وتقنيات للتأكد من أن جميع الموردين يلتزمون بالمعايير البيئية المعتمدة.
وقال إنه يتعين على الشركات أن تقوم بتنفيذ تدابير لخفض الانبعاثات الكربونية في سلسلة التوريد الخاصة بها، بالإضافة إلى أن تتبع مصادر التوريد يعتبر أحد المحاور الحيوية للحصول على شهادة ISCC فالشهادة تتطلب من الشركات أن تكون قادرة على تتبع سلسلة التوريد بالكامل من المواد الخام حتى المنتج النهائي لضمان أن جميع المواد الموردة تتم معالجتها بطرق تحترم المعايير البيئية، لذلك يتعين على الشركات ضمان أن الموردين ملتزمون بتطبيق أسس الاستدامة البيئية في عملياتهم ويشمل ذلك التحقق من أن الموردين يمتثلون لأفضل الممارسات في تقليل الانبعاثات الكربونية واستخدام الطاقة المتجددة في عملياتهم الإنتاجية ويشترط ذلك أيضًا توثيق وتحليل سلسلة التوريد لضمان الشفافية في العمليات.