Close ad

بعد رفع العلم الفرنسى فوق السفارة فى دمشق.. سوريا تطالب العالم بإلغاء العقوبات

29-12-2024 | 19:59
بعد رفع العلم الفرنسى فوق السفارة فى دمشق سوريا تطالب العالم بإلغاء العقوباتصورة أرشيفية
رشا عامر
الأهرام العربي نقلاً عن

القوى الغربية تزيد اتصالاتها مع السلطة السورية الجديدة

موضوعات مقترحة

بعد مرور أكثر من 12 عاما على إغلاق السفارة الفرنسية فى سوريا فى مارس 2012، تم رفع العلم الفرنسى مرة أخرى على مبنى التمثيل الدبلوماسى فى دمشق فى 17 ديسمبر خلال زيارة الوفد الفرنسى إلى العاصمة السورية، حيث أشارت فرنسا إلى أنها «ستهتم بضمان المصالح الأمنية الجماعية» التى تشمل مواصلة القتال ضد داعش والجماعات الإرهابية الأخرى ومنع نشر الأسلحة الكيميائية للنظام السورى.

فيما طالبت دمشق بضرورة رفع كل العقوبات المفروضة على سوريا من أجل السماح بعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، فعلى مدى ثلاثة عشر عامًا كانت سوريا خاضعة لنظام صارم من العقوبات الدولية من الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة، وأيضًا دول مثل كندا وأستراليا وسويسرا.

من جهته، أعلن الاتحاد الأوروبى يوم الثلاثاء 17 ديسمبر، وبعد 13 عاماً هى تاريخ العقوبات، أنه سيعيد فتح بعثته الدبلوماسية فى دمشق بعد مناقشات “بناءة” مع القادة السوريين الجدد بعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد، حيث اجتمعت عدة بعثات أجنبية فى دمشق مع السلطات السورية الجديدة، التى يهيمن عليها الإسلاميون الذين يحاولون إثبات قدرتهم على تهدئة سوريا الممزقة والمدمرة بسبب الحرب الأهلية المستمرة منذ عام 2011.

وفى مواجهة التحدى المتمثل فى توحيد البلاد وتوقعات العواصم الأجنبية، تعهد رجل سوريا الجديد بحل ودمج الفصائل، التى ساهمت فى سقوط بشار الأسد، حيث أكد أن المجموعات المقاتلة، سيتم حلها وتجهيز مقاتليها للالتحاق بصفوف وزارة الدفاع، وسيخضع الجميع للقانون.

وعلى الرغم من قلقه فإن الغرب، خصوصاً الاتحاد الأوروبى، يسعى إلى إقامة روابط مع القوة الجديدة مع إدراكه لخطر تفتيت البلاد وعودة تنظيم داعش، الذى لم يتم القضاء عليه بشكل كامل فى سوريا. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إن بروكسل بحاجة إلى “تكثيف” علاقتها مع هيئة تحرير الشام. وشددت على أنه لا يمكن السماح بعودة ظهور تنظيم داعش فى سوريا.

واعتبرت كاجا كالاس، الممثلة العليا للاتحاد الأوروبى للشئون الخارجية والسياسة الأمنية، أن إعادة فتح بعثة الاتحاد الأوروبى فى سوريا خطوة مهمة للغاية، إذ لا يمكن ترك فراغ فى سوريا، حيث يجب أن يكون الاتحاد الأوروبى حاضرا، ولذلك سافر مايكل أوهنمات رئيس بعثة الاتحاد الأوروبى إلى سوريا، لإجراء اتصالات أولية بناءة مع القادة الجدد ومختلف المجموعات الأخرى بما فى ذلك المجتمع المدني.

ودعا الاتحاد الأوروبى إلى الانتقال السياسى السلمى فى سوريا، وإن كان يتعين عليه الآن أن يعمل على حل المشكلة الحساسة المتمثلة فى فهم الجهة التى ينبغى التعامل معها فى أعقاب سقوط بشار الأسد. ففى حين أن الاتحاد الأوروبى كان لديه نظام عقوبات صارم ضد دمشق، فقد أعرب عدد متزايد من الدول الأعضاء عن انفتاحه على التفاعل مع مجموعة هيئة تحرير الشام، التى كانت خاضعة للعقوبات لسنوات.

وبعد محادثات مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، قالت كاجا كلاس إنه فى الحوارات المستقبلية مع القادة السوريين الجدد، سيثير الاتحاد إمكانية إغلاق القواعد الروسية فى البلاد.

واستغل العديد من وزراء الخارجية هذه القضية، ليقولوا إن القادة الجدد يجب أن يكون لديهم شرط التخلص من النفوذ الروسى فى هذا البلد، لأن هذه هى القواعد التى يقود منها الروس أنشطتهم فى إفريقيا وغيرها من المناطق الجنوبية.

كما أرسلت ألمانيا والمملكة المتحدة، مبعوثين إلى دمشق، وأجرت واشنطن اتصالات مع هيئة تحرير الشام. وأجرى دبلوماسيون ألمان محادثات أولية مع رئيس هيئة تحرير الشام وأعلن المبعوث الفرنسى جان فرانسوا غيوم أن فرنسا تستعد للوقوف إلى جانب السوريين.

وإذا كانت مسألة مساعدة السوريين، الذين تحرروا للتو من نير الأسد تحظى بإجماع فى العالم العربي، وبين معظم الغربيين، فإن الطريقة التى يجب اتباعها تظل محل جدل كبير. ففى الأيام القليلة الماضية تحدثت عدة دول مع القوة الناشئة فى دمشق، وبعد أن اتصلت الولايات المتحدة بهذه السلطات، توجه ممثل الاتحاد الأوروبى إلى العاصمة السورية.

وقال فولكر بيرثيس، الخبير فى المعهد الألمانى للشئون الدولية والأمنية، إنه إلى جانب التعرف على هؤلاء الأشخاص الجدد فى دمشق، فإن للأوروبيين والدول العربية دوراً داعماً، حيث من الضرورى أن يدعم كل من يريد المساعدة أن يساهم فى العملية السياسية التى تقودها الأمم المتحدة ويدعمها السوريون من أجل التوصل إلى حل عالمى وإطار سياسى شامل.

وقدم أحمد الشرع أول طلب مساعدة من الأوروبيين، وشدد خلال مقابلة مع وفد من الدبلوماسيين البريطانيين على ضرورة رفع كل العقوبات المفروضة على سوريا، ولم يكن هو أول من أثار هذه القضية التى استغلها نظام الأسد منذ فترة طويلة، حيث عبر المبعوث الأممى الخاص إلى سوريا “جير بيدرسن” عن المعنى نفسه عندما أعلن ضرورة رفع العقوبات بسرعة حتى يتمكن العالم من رؤية تعبئة حقيقية حول إعادة إعمار سوريا. خطوة اعتبرها فولكر بيرثيس ضرورية لاستعادة سوريا التى تم تدميرها وهجرها لسنوات.

لكن وراء هذا التعبير “رفع العقوبات” هناك مجموعة كاملة من التدابير الاقتصادية التقييدية التى تستهدف النفط والطاقة والأصول المالية والشركات وما إلى ذلك، التى تفرضها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبى وكندا وأستراليا وسويسرا. لذلك من الضروري، فيما يتعلق بالعقوبات، التمييز بين ما يتعلق بسوريا ككل وبين مختلف المجموعات والأفراد الذين يخضعون أيضًا لنظام العقوبات، حيث سيتعين على أوروبا أن ترى كيف ستتطور مسألة العقوبات هذه حتى تنجح فى جذب المستثمرين دون تجاهل الدور الرئيسى للمغتربين فى حقبة ما بعد الأسد التى سيتم بناؤها. فهناك رغبة لدى جزء من هولاء اللاجئين للمشاركة فى إعادة الإعمار فهم إنه جزء من الأمل السياسى للبلاد.

وبينما يسعى الغرب إلى اتخاذ موقف يتسم بالحذر والتشجيع فى مواجهة السلطة الجديدة، فإن إغراء استخدام رفع هذه العقوبات والمساعدات المالية لإعادة الإعمار كوسيلة لدفع البلاد نحو التطور هو أمر عظيم. وتصر الدبلوماسية الفرنسية على أن هذا التحول السياسى لم يكتمل إذ تأخذ الأمور بشكل منظم وخطوة بخطوة، وستدعو فرنسا إلى عملية انتقالية سلمية وقد تنشأ مسألة رفع العقوبات فى مرحلة لاحقة.

وظلت الدول الغربية حذرة فى انتظار توضيح نيات القادة السوريين الجدد، وأشار زعماء مجموعة السبع إلى أنهم يفكرون فى الاعتراف بالحكومة السورية الجديدة، حيث إن الأشخاص الجدد سيتم الحكم عليهم من خلال أفعالهم، فمن المبكر القول إن الأمر يسير فى الاتجاه الصحيح رغم أن الإشارات الأولى جيدة، لكن هناك خشية فى التعجل فى الترتيبات رغم أن الاتحاد الأوروبى يسعى إلى إقامة اتصالات دبلوماسية “بسرعة” مع القادة السوريين الجدد، وأعدت بعض الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى بالفعل خططًا لإعادة فتح سفاراتها فى دمشق، وطالب الاتحاد الأوروبى بشكل خاص السلطات الجديدة فى العاصمة بحماية الأقليات وتنفيذ عملية انتقالية شاملة وتجنب “الإرهاب”.

ورغم تحذير بعض دبلوماسيى الاتحاد الأوروبى من وصول الإسلاميين إلى السلطة، فإنهم فى الواقع لا يملكون ترف رفض التحاور معهم، فقد وجدوا سبلا للتعامل مع طالبان فى أفغانستان، عندما كان من الممكن تحقيق مصالحهم فى نهاية المطاف.

وأثار القرار الذى اتخذته بعض الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبي، بوقف إجراءات اللجوء للسوريين، بعد سقوط نظام بشار الأسد، تساؤلات حول مستقبل اللاجئين السوريين الموجودين بالفعل فى المنطقة، ويستعد الدبلوماسيون الأوروبيون لأن تمتد المناقشة إلى مصالح أوروبا فى الشرق الأوسط، حيث يجرى إعادة تشكيل ميزان القوى فى عدة أماكن.

وبينما تناقش أوروبا هذه الأزمة تسعى قوى إقليمية أخرى إلى تعزيز نفوذها، حيث بدأت بالفعل فى إقامة روابط مع القادة السوريين الجدد، وقالت روسيا إنها على اتصال مع القادة الجدد بشأن مصير قاعدتين عسكريتين لموسكو (واحدة بحرية وأخرى جوية) فى البلاد وهى القواعد التى تشكل نقطة الدعم الرئيسية للكرملين فى سوريا.

أما بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، فمن غير الواضح ما إذا كانت ستخرج فائزة أم خاسرة من الوضع السياسى الجديد فى الشرق الأوسط، بالنظر إلى أن واشنطن تحتفظ بوجود عسكرى فى شرق البلاد الذى يسيطر عليه الأكراد، وبالتالى فإن مخاطر التحول غير المؤكد تجعل الخطوات التى اتخذتها العديد من البلدان مثل الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبى والمملكة المتحدة فى الأيام الأخيرة، التى تنوى لعب دور فى المنطقة، أصبح ضرورة قصوى. فهذه المبادرات ضرورية للغاية لأن هذه الدول لم يكن لها تمثيل دبلوماسى فى الموقع منذ أكثر من عقد من الزمان، وبالتالى فإن ذلك سيسمح بعودة مئات الآلاف من السوريين الذين طردتهم الفوضى التى سادت البلاد لفترة طويلة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة