د. علاء التميمى: ضرورة تطوير حلول مبتكرة لمواجهة تلك التهديدات
موضوعات مقترحة
السفير عزت سعد: علينا تحليل كيفية استخدام الجماعات الإرهاربية للذكاء الاصطناعى
د. خالد عكاشة: تعزيز وعى الرأى العام العربى بالاستخدامات السيئة للذكاء الاصطناعى
لا ينكر أحد الدور الفاعل الذى قام به الذكاء الاصطناعى فى الكثير من المجالات الحياتية بمستوياتها المختلفة لكنه، على الصعيد الآخر يشكل تهديدا قويا ووسائل ضغط، عندما تستغله الجماعات الإرهابية بوسائل مختلفة، لتهدد من خلاله الأمن القومى لبعض الدول.
هذه الرؤية المهمة، كانت محور مناقشات أعمال الملتقى السنوى لمراكز الفكر فى الدول العربية فى دورته الثانية، تحت شعار “نحو آلية عربية لمواجهة التهديدات الناتجة عن استخدام الذكاء الاصطناعى”، وذلك بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، بمشاركة العديد من رؤساء وممثلى مؤسسات ومراكز الفكر فى الدول العربية، والذى ناقش عبر جلساته أهم التهديدات الناتجة عن استخدام الذكاء الاصطناعى، وأسبابها وتأثيراتها، وكيفية التعامل معها، وطرح الوسائل المختلفة لتعزيز التعاون الدولى والإقليمى والعربى، بين مراكز الفكر لمواجهتها ومحاولة السيطرة والقضاء عليها.
فى بداية النقاشات، تحدث الوزير مفوض، الدكتور علاء التميمى، مدير إدارة البحوث والدراسات الإستراتيجية بجامعة الدول العربية قائلا، إن العالم يشهد تطورا غير مسبوق فى مجال التكنولوجيا، وعلى وجه الخصوص تقنيات الذكاء الاصطناعى، والتى لديها قدرة فائقة على تغيير شكل العالم، حيث أصبحت تطبيقاته جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية والذى بدوره يشكل ثورة تقنية، تفتح أمامنا آفاقا واسعة من الإمكانيات.
ومع هذه الفرص الكبيرة التى توفرها التكنولوجيا، تبرز أيضا تحديات خطيرة، يجب التعامل معها بحكمة ومسئولية، منها ما يتعلق بالأمن السيبرانى، والخصوصية، والتحكم الأخلاقى، واستغلال الجماعات الإرهابية لهذه التقنيات المتقدمة لزعزعة الأمن والاستقرار، سواء من خلال نشر الدعاية المتطرفة، أم استغلالها فى تضليل الرأى العام عبر تقنيات، مثل التزييف العميق، أو استخدامه فى التخطيط للهجمات واختراق الأنظمة، أو تنفيذ هجمات متقدمة باستغلال الطائرات المسيرة.
وأضاف الدكتور علاء التميمى، أن جسامة هذه التحديات فى زمن متسارع، يمتاز بسمة الرقمنة السائدة، ويعتمد على التكنولوجيات المتقدمة، التى تؤكد بما لا يدع مجالا للشك، أن الترابط والتنسيق الوثيق بين مراكز الفكر فى الدول العربية، بات فرضا وواجبا من أجل وضع أجندة بحثية مشتركة تواكب متطلبات العصر الحالى، وتساعد على تحقيق النهوض التنموى المطلوب، والخروج من نفق الأزمات الراهنة، مستلهمين فى الدفع بهذا المسار الواعد بالرصيد التاريخى، لأمتنا العربية وإسهاماتها المشرقة فى بناء الحضارة.
ووصف الدكتور علاء التميمى الملتقى، بأنه يعد منصة لتبادل الأفكار والخبرات بين الخبراء من مراكز الفكر فى الدول العربية وصانعى القرار، حول كيفية تسخير هذه التكنولوجيا لخدمة البشرية، مع وضع ضوابط ومعايير تقلل من آثارها السلبية، والدعوة لإنشاء آلية بحثية عربية، والذى يعد خطوة إستراتيجية نحو تعزيز الفهم المشترك لطبيعة المخاطر الناتجة عن استخدام الذكاء الاصطناعى من قبل الجماعات الإرهابية، وتطوير حلول مبتكرة تقوم على البحث العلمى لمواجهة تلك التهديدات، والتى تتطلب تعاونا دوليا وإقليميا، وتكاملا بين الحكومات ومراكز الفكر لتطوير أدوات فاعلة لرصد، ومنع هذا الاستخدام الضار للتكنولوجيا، وتعزيز الوعى بخطورة هذه القضية، وبناء أطر قانونية وأخلاقية تضع ضوابط لاستخدام الذكاء الاصطناعى، بما يضمن منع وقوعه فى الأيدى الخاطئة.
وأكد مدير إدارة البحوث والدراسات الإستراتيجية، بجامعة الدول العربية، أن التعاون العلمى والمعرفى هو السلاح الأكثر فاعلية فى هذا العصر، وهو الوسيلة التى تتيح التنبؤ بالمخاطر وبناء إستراتيجيات فاعلة لحماية أمن واستقرار منطقتنا العربية، وثمن الدور الحيوى الذى تلعبه مراكز الفكر فى بناء اقتصاد فكرى عربى مستدام، وثقافة تسهم فى صياغة مفهومه، والعمل على بنائه، ودعم التحول نحو اقتصاد قائم على المعرفة من خلال إنتاجها وتوطينها، وتحفيز الابتكار، وإعداد الكفاءات البشرية، وتعزيز التعاون الإقليمى والدولى، ودمج كل ما تقدم فى النسيج المجتمعى والسياسى والفكرى فى المنطقة العربية، لتصبح مراكز الفكر ركيزة أساسية فى مواجهة التحديات المعاصرة، على حد قوله وصنع القرار المبنى على البحث والدليل، وقطاع متكامل ينتج ويبنى الاقتصاد الفكرى، وهذا النهج لا يعزز أهمية مراكز الفكر فحسب، بل يشجع المجتمعات العربية على النظر إليها، باعتبارها مساهما حيويا فى مستقبل مزدهر قائم على المعرفة.
وفى ختام كلمته تمنى مدير إدارة البحوث والدراسات الإستراتيجية بجامعة الدول العربية، أن يكون الملتقى منبرا لطرح الرؤى المبتكرة والحلول العملية، وأن تثمر النقاشات عن توصيات تحقق التوازن بين الفائدة المرجوة من الذكاء الاصطناعى والحد من مخاطره، وتكون نقطة انطلاق نحو تأسيس آلية عربية بحثية متكاملة، قادرة على مواجهة التحديات وحماية شعوبنا من مخاطر الرقمية المتنامية.
آلية عربية
فى السياق ذاته، أوضح السفير عزت سعد، مدير المجلس العربى للشئون الخارجية، أن الملتقى يسعى فى الوقت الراهن، إلى وضع الخطوط العريضة لما تحتاج إليه الدول العربية، من وسائل دعم لإيجاد آلية عربية لمواجهة كل التهديدات، الناتجة عن استخدام الذكاء الاصطناعى من قبل الجماعات الإرهابية، وذلك عبر توحيد كل الجهود فى المنطقة العربية، لتقديم آلية موحدة للتصدى لتلك التهديدات، والملتقى عبر جلساته يسعى إلى تعزيز التبادل الفكرى والخبرات والمعرفة بين المشاركين، وتشجيعهم على طرح الأفكار والحلول المبتكرة، للتوصل إلى رؤية عربية لمواجهة تلك التهديدات.
وذلك عبر تسليط الضوء على الأنواع المختلفة لهذه التهديدات، وتحديد أخطرها وكيفية مواجهتها، ومناقشة وطرح حلول وإستراتيجيات فاعلة لمواجهة هذه التهديدات، والعمل على تشجيع التعاون بين مختلف الجهات، بما فى ذلك حكومات القطاع الخاص، والمؤسسات الأكاديمية، وتحليل ودراسة حالات لفهم كيفية استغلال الجماعات الإرهابية للذكاء الاصطناعى، واستخلاص الدروس منها، وبيان دور مراكز الفكر العربية فى صياغة الوعى العربى، ودعم وتعزيز آليات التصدى لتلك التهديدات، وبيان التحديات التى تواجه الدول العربية فى مجال التصدى لها.
تهديد الأمن
من جهته أكد الدكتور خالد عكاشة، مدير مركز الفكر والدراسات الإستراتيجية، أن الملتقى يعد خطوة مهمة وجادة، نحو تحديد أبرز التهديدات الناتجة عن الذكاء الاصطناعى، وأسبابها التى تجعل من استغلاله من قبل الجماعات الإرهابية، تهديدا خطيرا على الأمن العالمى والعربى، وكذلك التعرف على التجارب المختلفة لمراكز الفكر فى الدول العربية، وعرض تلك التجارب لتحديد أنسب الوسائل للاستفادة منها لتطوير العمل البحثى العربى، واستثمار مراكز الفكر العربية والاستفادة من إمكانياتها وخبراتها، والتوصل إلى مجموعة من الآليات بهدف محاكاة واقعنا الحالى والتنبؤ بالمستقبل، وتعزيز وعى الرأى العام العربى المرتبط بموضوعات الاستخدامات السيئة للذكاء الاصطناعى، وتقديم رؤى وأفكار مشتركة لتعزيز الاهتمام العربى المشترك ومتعدد الأطراف وإبرام شراكات إستراتيجية، لتحديد أوجه الدعم والتعاون المطلوب على المستوى العربى والدولى فى هذا الصعيد، ووضع آليات متابعة لتنفيذ البرامج والمشروعات البحثية المشتركة، والملائمة لهذا الحدث المهم.