Close ad

فكرة خارج الصندوق تمثل طوق النجاة للجميع.. تخفيض ديون الدول النامية مقابل شهادات الكربون

29-12-2024 | 19:32
فكرة خارج الصندوق تمثل طوق النجاة للجميع تخفيض ديون الدول النامية مقابل شهادات الكربونصورة أرشيفية
سوزى الجنيدى
الأهرام العربي نقلاً عن

أظهرت النتائج المخيبة للآمال لمؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخى، الذى عقد فى نوفمبر الماضى فى أذربيجان “‪”Cop-29‬، أن الدول النامية عليها التفكير خارج الصندوق، لمواجهة المراوغات المستمرة للدول الصناعية الكبرى، فيما يتعلق بتحقيق التزاماتها بالنسبة لهدف خفض الانبعاثات الكربونية، أو لهدف زيادة التمويل لمساعدة الدول النامية، والدول الجزرية، لتجنب تداعيات التغير المناخى، الذى تسببت فيه الدول الصناعية، وبالتالى أصبح غياب العدالة المناخية هو الخطر الحقيقى الذى يجعل التقدم محدود، والعائق الأساسى للوصول لصفر انبعاثات فى عام 2050، لأنه بالتأكيد كل زيادة فى الضغط لخفض الانبعاثات دون أن يصاحبها تمويل، لن يكتب لها النجاح، كما أن الدول النامية الصغيرة لن تخفض ميزانيتها للتعليم والصحة، من أجل تمويل خفض الانبعاثات، فالتمويل يجب أن يأتى من الدول الصناعية الغنية، التى تسببت فى الأساس فى زيادة الانبعاثات.

موضوعات مقترحة

بداية ليس مطلوبا من الدول النامية، أن تستدين مجددا لمعالجة مشكلة لم تتسبب بها من الأساس، ومع الأسف نجحت الدول المتقدمة فى محو مبدأ المسئوليات المشتركة، لكن المتباينة الذى كان يشير إلى مراعاة، أن الدول المتقدمة عليها مسئولية أكبر، وكل ما يصدر من قرارات حاليًا يدعو كل الدول على قدم المساواة، وبالتالى أصبحت محاولة إنقاذ الكرة الأرضية كلها فى خطر، لأن الإمعان فى الظلم سيؤدى إلى استحالة التنفيذ، فالدول الصناعية، لا تريد دفع أى أثمان حقيقية لما فعلته من تلويث البيئة وانبعاثات كربونية على مدار سنوات عديدة، وتكتفى بدفع الفتات، وهو ما ظهر واضحا فى نتائج مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخى فى أذربيجان، نوفمبر الماضى، حيث اكتفت بالتعهد بدفع 300 مليار دولار سنويا، تبدأ بعد عشر سنوات من الآن، وحتى مبلغ الـ100 مليار دولار سنويا، الذى تعهدت به منذ عشر سنوات، لم يحدث على أرض الواقع، على الرغم من أن الدول الصناعية الكبرى مثل الـ‪G20‬، لوحدها نصيبها أكثر من 80 %، من إجمالى الانبعاثات وعددها 20 دولة فقط، ومن المفروض أن يتم مطالبتهم بخفض الانبعاثات، وليست الدول النامية.


وأمام تلك الحقائق، نجد أن العدالة المناخية غير موجودة أساسا، برغم كل المؤتمرات التى تعقد منذ سنوات، لهذا، فإن على الدول النامية التى تعانى بشكل كبير من آثار التغير المناخى، التى لم تسهم فى إحداثها فى التفكير خارج الصندوق الذى وضعته، وتصر عليه الدول الصناعية الكبرى.

على سبيل المثال، تعانى الدول النامية من مشكلة الديون وفوائدها التى تكبل اقتصادها بشكل مستمر، وتمنعها من اتخاذ مزيد من الإجراءات فى إطار التكييف والتخفيف من آثار التغير المناخى والانبعاثات الكربونية، لكن يمكنها عن طريق تبادل شهادات الكربون الإلزامية مع الدول الصناعية، أن تطالب بتخفيض بعض ديونها، أو فوائدها لدى تلك الدول الصناعية، أو لصندوق النقد الدولى، المشاركة فيه تلك الدول الكبرى، لكن المشكلة أن الدول الصناعية، لن تقبل بسهولة التنازل عن تلك الديون، التى تستخدمها كأداة سياسية واقتصادية ضد الدول النامية، ولهذا، فلماذا لا يلعب الطرفان فى إطار أفكار خارج الصندوق تحقق المكاسب للجميع، وتقنع الدول الصناعية على تقديم تنازلات، خصوصا أنه لا توجد أى وسيلة للضغط على الدول الصناعية على أرض الواقع، وحتى القضية الرئيسية المتعلقة بتغير المناخ، التى تنظرها محكمة العدل الدولية فى لاهاى - الجهاز القضائى الرئيسى لمنظمة الأمم المتحدة - فلن تمثل ورقة ضغط قوية على الدول الصناعية، وقد قدمت 98 دولة، و12 منظمة شهاداتها أمام المحكمة، حول تأثير تغير المناخ على البلدان المعرضة للخطر بشكل خاص، مثل دولة فانواتو الجزرية فى المحيط الهادئ، والتى بدأت القضية، إذ تتعرض هذه الدولة لتهديد متزايد بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر، والمخاوف من أن حقوق الإنسان للسكان قد تكون على المحك، ومن غير المتوقع صدور الرأى الاستشارى لمحكمة العدل الدولية، إلا بعد صيف عام 2025.

استبدال الديون بشهادات الكربون


إذن، الحل فى تقديم شهادات كربون واستبدال الديون، حيث يعتبر استبدال الديون أحد الحلول المطروحة للتعامل مع أزمة التمويل، لأن الدول النامية الكثير منها محملة بالفعل بديون، بعيدًا عن موضوع المناخ، فلابد لدى الحديث عن موضوع تمويل المناخ، أن يراعى أن يكون النسبة الغالبة من الأموال، إما فى شكل منح أو فى شكل قروض بالغة التيسير، أى بسعر فائدة بعيدة تماما عن السعر التجارى، فهنا يأتى النقاش على مسألة الديون، وإمكانية النظر فى مبادلة الديون، وعدم الاكتفاء بأن تقوم دولة صناعية بمشروع فى دولة نامية، يحدث به خفضا للانبعاثات الكربونية، وتحتفظ الدولة الصناعية بشهادات كربونية، وتقوم ببيعها فى الأسواق، لأنها مولت مشروع خفض انبعاثات فى بلد نام، واستطاعت إحداث تخفيض بنسبة معينة، كما يمكن تخفيض الديون لدول نامية، فى مقابل أن تنشئ مشروعات صديقة للبيئة، وتخفض الانبعاثات الكربونية، وتحصل فى مقابلها على شهادات، تستطيع بيعها للدول الصناعية فى مقابل خفض بعض الديون، وهناك بالفعل مناقشات حول ذلك، لكن حتى الآن لا توجد مفاوضات تسفر عن قرار نهائى يتعلق بمبادلة الديون، وهناك حديث عن إمكانية مبادلة الديون فى قرار الهدف الكمى الجديد، كإحدى الأفكار التى يمكن النظر إليها لتوفير التمويل الأكبر الذى تحتاجه دول نامية بعيدا عن تمويل الـ300 مليار، حيث من المفروض أن تكون هناك سوق دولية للكربون، تباع وتشترى فيها شهادات سوق الكربون، والتى ستصبح لها قيمة، ويحتاج الأمر إلى أن توفّق الدول أوضاعها، حتى تستطيع الدخول فى سوق الكربون، وقد قطعت دول الإمارات والسعودية وقطر والمغرب أشواطا جيدة للغاية فى ملف أسواق الكربون”، وهناك محاولات مصرية تجرى حاليا من عدة جهات متخصصة، وأن تكون هناك ضوابط، تضفى مصداقية على الإجراءات التى يتم اتباعها لاستصدار شهادة كربون دقيقة وصحيحة حتى تكون لها مصداقية.

ويشير السفير وائل أبو المجد مساعد، وزير الخارجية لشئون البيئة والمناخ والتنمية المستدامة، إلى أن مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخى فى أذربيجان ‪Cop-29”‬”، تمت فيه بلورة كيفية تنفيذ المادة السادسة فى اتفاق باريس، والمتعلق جزء منها بأسواق الكربون، التى لم تتم بلورة كيفية تنفيذها منذ اعتماد اتفاقية باريس، أى منذ عشر سنوات، وقد تم ذلك فى هذا المؤتمر، بعد محاولات سابقة فى كل المؤتمرات السابقة، حيث كانت دائما ما تبقى جزءا، وقد نجح المؤتمر من بلورة موضوع أسواق الكربون واللوائح المنظمة له تقريبا.

وحول ما إذا كانت شهادات الكربون قد تصلح فى موضوع استبدال الديون للدول النامية، يقول السفير وائل أبو المجد: إن استبدال الديون يعتبر أحد الحلول المطروحة للتعامل مع أزمة التمويل، لأن جزءا كبيرا من أزمة التمويل يتمثل فى أن كثيرا من الدول النامية محملة بالفعل بديون، بعيدا عن موضوع المناخ، فلابد عند الحديث عن موضوع تمويل المناخ، أن تكون النسبة الغالبة من الأموال، إما فى شكل منح أو فى شكل قروض بالغة التيسير، أى بسعر فائدة بعيدة تماما عن السعر التجارى، فهنا يأتى النقاش حول مسألة الديون، وإمكانية النظر فى مبادلتها، لكنه ليس الحل الجوهرى لكل قضية التمويل، ولا يزال خلافيا، لأن الدول صاحبة الديون لن تتخلى عنها بسهولة للدول المدينة، لكن من الممكن تنفيذ فكرة المبادلة فى إطارات محدودة، فمن الممكن أن تقوم دولة صناعية بمشروع فى دولة نامية، يحدث به خفض للانبعاثات الكربونية، وتحتفظ الدولة الصناعية بتلك الشهادات، وتقوم ببيعها فى الأسواق، لأن لها قيمة لأنها مولت مشروع خفض انبعاثات فى بلد نام، واستطاعت إحداث تخفيض بنسبة معينة، لكن تلك الدولة الصناعية لن تستطيع فعل أكثر من ذلك بالنسبة للمشروعات التى لديها، حتى لا يتأثر اقتصادها، أى إنها تمول مشروعات صديقة للبيئة فى بلد آخر، ويحدث تخفيض للانبعاثات فى هذا البلد الآخر، وتحتفظ تلك الدولة الصناعية بالشهادة الكربونية، وبالتالى فموضوع خفض الديون مطروح، لكن لم يتم إدراجه بشكل كبير بعد فى مسألة الشهادات الكربونية، وهناك مناقشات حول ذلك، لكن حتى الآن لا توجد مفاوضات تسفر عن قرار نهائى يتعلق بمبادلة الديون.


وهناك حديث عن إمكانية مبادلة الديون فى قرار الهدف الكمى الجديد، كإحدى الأفكار التى يمكن النظر إليها لتوفير التمويل الأكبر الذى تحتاجه دول نامية بعيدا عن تمويل الـ300 مليار، حيث من المفروض أن تكون هناك سوق دولية للكربون.

آلية سوق الكربون

تقوم أسواق الكربون بتحويل انبعاثات ثانى أكسيد الكربون إلى سلعة، عن طريق تحديد سعر لها.


وتندرج هذه الانبعاثات تحت فئتين: وحدات الكربون أو تعويضات الكربون، ويمكن شراؤها وبيعها فى سوق الكربون.

أصبح من حق أى دولة نامية تنفذ مشروعا يؤدى لخفض الانبعاثات، يمكنها توثيق تلك الكميات المخفضة، وإصدارها بشكل شهادات، يمكن بيعها لتوفر عائد مادى، ومن المتوقع أن يكون هناك تبادل لـ”شهادات الكربون”، بين الدول وبعضها فى الفترة المقبلة، بعد تفعيل المادة السادسة من اتفاق باريس للمناخ.


وتُعرف أسواق الكربون على أنها نظام تجارى، يمكن من خلاله للدول بيع أو شراء وحدات من انبعاثات الاحتباس الحرارى التى تطلقها الدول بهدف الالتزام بالحدود الوطنية المسموح بها لهذه الانبعاثات.


ويرجع استخدام مصطلح الكربون، إلى أن غاز ثانى أكسيد الكربون هو غاز الاحتباس الحرارى الأكثر شيوعاً، ويتم قياس انبعاثات الغازات الأخرى بوحدات تُسمى مكافئات ثانى أكسيد الكربون.

 وتعود نشأة أسواق الكربون فى الأساس كمقترح لاتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخى عام 1992، التى وضعت إطاراً للعمل الدولى للتعامل مع تحديات التغير المناخى، وهو الهدف الذى تم تأكيده فى إطار بروتوكول كيوتو عام 1997، والذى حدد أهدافاً للدول للحد من الانبعاثات من خلال مجموعة من الأدوات، من أبرزها نظام تداول حقوق انبعاثات الكربون، وأشارت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية، بشأن تغير المناخ إلى آلية السوق التى يمكن استخدامها فى مكافحة الانبعاثات، ووافقت الدول المشاركة فى مؤتمر المناخ ‪Cop-26”‬”، الذى عُقد فى جلاسكو عام 2021، على المادة 6 من اتفاق باريس، والخاصة بالقواعد المنظمة لأسواق الكربون الدولية.

وتقوم فكرة أسواق الكربون انطلاقا من هذا الهدف، حيث يجرى تحديد حصص محددة من الانبعاثات الكربونية لكل دولة، ويمكن للدول التى تتجاوز حصتها المحددة من الانبعاثات، شراء حصص إضافية من الدول التى لديها فائض من حقوق الانبعاثات، بينما يمكن للدول التى تحقق تخفيضات فى انبعاثاتها، أن تبيع حصصها الزائدة للدول الأخرى التى تحتاج إليها.

وتُصنف أسواق الكربون إلى نوعين وفقاً للمنظور التشريعى، أولها أسواق الكربون الإلزامية، التى تهدف إلى ضرورة أن يفى المشارك بالأهداف الصارمة التى تضعها الحكومات، ويتم تنظيمها من خلال خطط دولية أو إقليمية لخفض الانبعاثات. أما عن النوع الثانى فهو أسواق الكربون الطوعية، التى تسمح للشركات والأفراد بتعويض انبعاثاتهم على أساس طوعى من حيث أرصدة الكربون.

نمو مطرد

تشهد سوق الكربون نموًا مطردًا خلال السنوات الخمس الماضية، على المستوى العالمى، حيث بلغ حجمه فى عام 2022 نحو 364.03 مليار دولار، واستمر هذا النمو، حتى تخطى الـ479.41 مليار دولار، وتهدف أسواق الكربون الدولية المنصوص عليها فى المادة 6، إلى السماح بتعزيز طموح الإجراءات المناخية، لتنفيذ المساهمات المحددة وطنيا، وتعزيز التنمية المستدامة والسلامة البيئية.

تستطيع الأطراف التى نجحت فى تحقيق أهدافها الخاصة، بخفض الانبعاثات بيع أرصدة الخفض الإضافية لتمويل العمل المناخى المعزز، ومن شأن هذا أن يحرك الاستثمارات إلى المناطق والقطاعات التى يمكن فيها تحقيق خفض الانبعاثات بأكبر قدر ممكن من الكفاءة، وتنص المادة 6 على إنشاء سوق دولية للكربون، ذات حوكمة متعددة الأطراف، فى إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، التى تحدد المعايير العالمية المشتركة، والتوجيه من أجل التنمية والتجارة فى خفض الانبعاثات، ونتائج التخفيف المنقولة دوليا.

أنواع شهادات الكربون

هناك ثلاثة أنواع من شهادات، أو أرصدة الكربون التى يمكن التداول عليها هى: أرصدة تجنب انبعاثات الكربون: تهدف تلك الأرصدة إلى منع حدوث نشاط يسبب زيادة فى الانبعاثات الكربونية، وأرصدة تقليل انبعاثات الكربون: تهدف تلك الأرصدة إلى تقليل انبعاثات الكربون التى تسبب الاحتباس الحرارى، وأرصدة إزالة انبعاثات الكربون: تهدف تلك الأرصدة إلى إزالة ثانى أكسيد الكربون من الغلاف الجوى، من خلال احتجاز الكربون من الهواء بشكل مباشر.

ويرى البعض أن سوق الكربون مهمة (خصوصا مع عدم قدرة الدول الصناعية على الوفاء بدفع بليون دولار سنويا، والتى تم التعهد بها منذ عام 2009 ولم يتم الوفاء به فى أى سنة)، وبالتالى فسوق الكربون ممكنة أن تكون مسارا موازيا لحصول الدول- غير الصناعية المتضررة من الانبعاث الحرارة والتغير المناخى- على فوائد، من خلال تمويل مشروعات بها، بينما يرفض البعض الآخر فكرة سوق الكربون، لأنه فى النهاية ستظل الانبعاثات لثانى أكسيد الكربون، موجودة بدون تقليل نسبتها على المستوى العالمى.

بينما يرى فريق ثالث، أنه يمكن استخدام فكرة سوق الكربون بطريقة مختلفة، فبدلا من تمويل الدول الصناعية لمشروعات، يمكنها إزالة ديون أو إعادة جدولتها لدول متضررة، فى مقابل شراء جزء من حصتها من الانبعاثات، بجانب نقل تكنولوجيا تساعدها فى مجال البيئة والتكيف مع التغير المناخى، وهى فكرة بدأت تجد رواجا حاليا.

بدايات التغير المناخى

قبل أن نتطرق لتفاصيل سوق الكربون، علينا أن نفهم بدايات اكتشاف التغير المناخى وارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية، بسبب انبعاثات الغازات التى يسببها بشكل كبير الاعتماد على الوقود الأحفورى، مثل النفط والفحم، وبدرجة أقل الغاز الطبيعى، ففى عام 1980، ظهرت دعاوى التغير المناخى على المستوى الدولى، حيث قدم العالم جيمس هانسين فى 22 يونيو 1988، شهادته فى الكونجرس الأمريكى، ليؤكد أن درجة حرارة الكرة الأرضية، ترتفع بسبب الانبعاثات الحرارية، لكن لم يتحرك أحد وقتها، وبعدها فى 1992، عقدت قمة الأرض فى ريو دى جانيرو بالبرازيل، حيث تم التوصل لثلاث اتفاقيات، وافقت عليها كل الدول لمعادلة تركيز الغازات، للتأكد أنها لا تخرج الانبعاثات ضارة المناخ.

وفى عام 1997، تم عقد قمة كيتو باليابان، والتى بدأت فى وضع هذا الهدف للتنفيذ، لكن الولايات المتحدة رفضت الاعتراف أو التنفيذ، وفى قمة كوبنهاجن 2009، تم التأكيد على أن الوقت يمر بسرعة، ولابد من تقليل الانبعاثات، واستغرق الأمر سنوات أخرى قبل أن تتفق الدول فى مؤتمر "‪"Cop-21‬، فى باريس 2015، على ضرورة العمل لخفض درجة حرارة الأرض، أقل من 2 درجة مئوية أو 1.5درجة مئوية، لكن اتفاقية باريس مع الأسف، لم تتطرق بشكل قوى إلى المسئولية التاريخية للدول الصناعية، ولهذا اعتبرها البعض غير عملية، وتحدثت الاتفاقية فقط عن التأقلم والحد من آثار التغير المناخى والتمويل، ولم تتطرق إلى ضرورة منع الانبعاثات الحرارية والجدول الزمنى لذلك.

وهناك إدراك متزايد بالحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ، وإذا لم تقم الجهات المسئولة عن انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى، باتخاذ إجراء، فإن درجة حرارة العالم يمكن أن ترتفع بحلول نهاية القرن 4 درجات مئوية، عما كانت عليه فى بداية الثورة الصناعية، وستؤدى تأثيرات ذلك على الزراعة والأمن المائى، وارتفاع مستوى سطح البحر،  إلى عواقب وخيمة على المجتمعات فى جميع أنحاء العالم.

ويعتبر العلماء، أن ارتفاع درجة الحرارة بمقدار درجتين مئويتين هو الحد الأقصى، الذى يمكن معه توفير السلامة، وهو ما يتجه إليه العالم إذا التزمت البلدان بتعهداتها بشأن خفض انبعاثاتها الحالية، وسيعتمد تحقيق ذلك على الإجراءات التى تتخذها بلدان، مثل البلدان الأعضاء فى شراكة تجهيز الأسواق، والإجراءات التى ستتخذها البلدان التى ستنجح فى أن تحذو حذوها.

تسعير الكربون

أكد صندوق النقد أخيرا، ضرورة وجود نظام دولى لتسعير الكربون، وتحديد حد أدنى للسعر عند 75 دولارًا للطن، بحلول 2030، إذ توفر عملية تداول الكربون، ما يقرب من 250 مليار دولار سنويا، من تكلفة معالجة الأضرار البيئية، فى أسواق الكربون الإلزامية، يختلف سعر الكربون حسب نظام تداول الانبعاثات فى الدولة، فأسعار الكربون فى أوروبا تختلف عن الصين وكندا على سبيل المثال.

ويدعو صندوق النقد الدولى، إلى وضع سعر عالمى للكربون من أجل مساهمة أكبر فى خفض الانبعاثات، مع الأخذ فى الاعتبار طبيعة كل دولة. وفى هذا النوع، وبرغم أن السعر يتحرك بناءً على العرض والطلب، فإنه يمكن للحكومة أن ترفع أو تخفض متوسط أسعار الكربون، على الأسواق الطوعية التى تبتعد عن تدخلات الأسعار.

وارتفع حجم تعويضات الكربون المبيعة، ضمن الأسواق الطوعية إلى أكثر من مليار دولار، لأول مرة فى عام 2021، ويمكن أن يزيد الطلب على تعويضات الكربون 15 مرة، أو أكثر بحلول عام 2030، ونحو 100 مرة منتصف القرن الحالى، وبصفة عامة، يمكن أن تزيد قيمة سوق ائتمانات الكربون على 50 مليار دولار فى عام 2030.

ومع ذلك، من غير المرجح أن تحل الأسواق الإلزامية محل نظيراتها الطوعية، بل سيستمر الاثنان فى النمو معًا، وسيشهد كلاهما زيادات كبيرة فى الأسعار والنطاق، وبالتالى يمكن استخدامها خاصة الشهادات الإلزامية فى مسألة تخفيض الديون وفوائدها.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة