Close ad

تحديات صعبة أمام الهيئات الثلاث

26-12-2024 | 18:18

تضمن الدستور المصري، الصادر منذ أكثر من عشر سنوات، ثلاث مواد تنص على إنشاء ثلاث هيئات إعلامية: المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام، وحدد الدستور في مواده ٢١١ و٢١٢ و٢١٣ الاختصاصات الرئيسية لهذه الهيئات، ثم صدر قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم ١٨٠ لسنة ٢٠١٨ حاويًا فصلًا كاملًا يتناول تشكيل وأهداف واختصاصات المجلس الأعلى، كما صدر لكل من الهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام، قانون مستقل ينظم تشكيل وأهداف واختصاصات كل منهما. 

وفي هذا المقال نلقي الضوء على بعض جوانب من اختصاصات المجلس الأعلى والتحديات التي تواجهه في الوقت الراهن، خاصة بعد إعادة تشكيله بقرار من السيد رئيس الجمهورية، واختيار وزير الشباب والرياضة السابق السيد خالد عبدالعزيز لتولي رئاسة هذا المجلس.

 بداية نود أن نشير إلى ما أكده القانون ١٨٠ بشأن طبيعة عمل المجلس، إذ نص على أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام هيئة مستقلة ذات شخصية اعتبارية، ولا يجوز التدخل في شئونه، وبالتالي فإنه ليس من حق أي سلطة من سلطات الدولة الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية، التدخل في شئون عمله، مما يحقق له كافة الصلاحيات لاتخاذ ما يراه من إجراءات في مجال العمل الإعلامي المطبوع والمسموع والمرئي والرقمي. 

وإذا كان الدستور، في المادة ٢١١ قد حصر اختصاصات المجلس فيما لا يزيد على أصابع اليد الواحدة، فقد جاء قانون تنظيم الصحافة والإعلام مانحًا له ٢٣ اختصاصًا، مثل: "وضع الضوابط والمعايير اللازمة لضمان التزام الوسائل الإعلامية والصحفية بأصول المهنة وأخلاقياتها، والحفاظ على حقوق الملكية الفكرية المتعلقة بمحتواها".

كما منح القانون المجلس الأعلى كافة السلطات لاتخاذ القرارات اللازمة لرصد الأداء الصحفي والإعلامي ومتابعته، وإعداد تقارير دورية تتناول وضع التعدد والتنوع في هذا الشأن، ورصد الممارسات الاحتكارية، واتخاذ اللازم لمنعها ومكافحتها، وغيرها من الاختصاصات، التي يعد في مقدمتها مراقبة مصادر التمويل، والمنع التام لأي ممارسات احتكارية، حتى لا نفاجأ بظهور شخص طبيعي أو اعتباري يسيطر على شئون الإعلام في مصر!

وقد شاهدنا في الآونة الأخيرة، وعقب إعادة تشكيل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، نشاطًا قويًا وإجراءات نافذة بشأن ما تشهده الساحة الإعلامية من تجاوزات في بعض الأحيان، وتفعيل لائحة الجزاءات التي سبق أن أصدرها المجلس منذ أكثر من ثلاث سنوات، وتحوي ١٩ مادة تتصدى لكافة المخالفات، كالسب والقذف باستخدام ألفاظ واضحة وصريحة، إذ نصت لائحة الجزاءات على معاقبة الوسيلة الإعلامية بغرامة فورية لا تزيد على ٢٥٠ ألف جنيه، واتخاذ إجراءات إحالة الإعلامي والفريق المخالف للتحقيق، ويجوز وقف البث المؤقت للبرامج المخالفة، أو وقف الأبواب الصحفية أو الصفحات التي ارتكبت المخالفة. 

عقوبات مشددة نصت عليها لائحة الجزاءات، لردع كل من تسول له نفسه مخالفة المعايير والمدونات الإعلامية، والتحريض على العنف أو الحض على الكراهية، أو استخدام عبارات سوقية أو غريبة أو تعبيرات أو إيماءات أو إشارات تهين شخصًا أو جهة ما، أو عرض صور أو فيديوهات لمتهمين لم تصدر ضدهم أحكام بالإدانة، وغيرها من التجاوزات التي تتنافى مع الأعراف والتقاليد الاجتماعية، وما نصت عليه مواثيق الشرف الصحفية والإعلامية.

تحديات ضخمة تواجه عمل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام لضبط إيقاع العمل الإعلامي في مصر، بما لا يتنافى مع حرية الرأي والتعبير والنقد المباح، وحق المواطن في المعرفة. 

ونحن على ثقة من أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، في عهده الجديد، سوف ينهض بصناعة الإعلام في مصر، وهو ما يتطلب جهدًا كبيرًا وعملًا دؤوبًا كي تستعيد مصر ريادتها الإعلامية في ظل منافسة قوية بين وسائل الإعلام العربية والدولية.. 

* أستاذ التشريعات الصحفية والإعلامية بجامعة بنها

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة