Close ad

الاحتباس الحراري تجاوز اليابسة ورفع حمضية المحيطات.. الحياة البحرية في خطر

25-12-2024 | 22:18
الاحتباس الحراري تجاوز اليابسة ورفع حمضية المحيطات الحياة البحرية في خطرصورة أرشيفية
ميرفت فهد
الأهرام العربي نقلاً عن

 

موضوعات مقترحة

المحيطات تمتص %29 من غاز ثانى أكسيد الكربون الموجود فى الغلاف الجوى

 

المياه السطحية للمحيطات أصبحت أكثر حمضية بنسبة %30 مما كانت عليه فى بداية العصر الصناعى

تحمض المحيطات يؤدى إلى عدم قدرة الكائنات البحرية على إعادة بناء سلامتها

المناطق القطبية أكثر امتصاصا لغاز ثانى أكسيد الكربون من المناطق الأكثر دفئاً

منذ انطلاقة عصر الثورة الصناعة، امتصت المحيطات نحو %29 من انبعاثات غاز ثانى أكسيد الكربون، وخلال العشر سنوات الماضية أطلقت البشرية فى الغلاف الجوى، أكثر من 40 جيجا طن، من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحرارى، نتيجة لتزايد استخدام وحرق الوقود الأحفورى وتغيير استخدام الأراضى، حيث تجريف الكثير من الغابات وتحويلها إلى مدن سكنية.

تأثير تلك الغازات المسببة للاحتباس الحرارى تجاوز اليابسة، وامتدت إلى المياه وتسبب هذا التلوث إلى تغيير كيمياء مياه المحيطات، مما تسبب فى إبطاء قدرتها على امتصاص غاز ثانى أكسيد الكربون، وجعلها أكثر حمضية وضررا بالحياة البحرية بشكل عام.

عندما يدخل ثانى أكسيد الكربون إلى المحيط، فإنه يذوب فى المياه المالحة، ويشكل حمض الكربونيك، الذى يتفكك فيما بعد يتفكك وينتج أيونات البيكربونات وأيونات الهيدروجين، ومن المعروف أن تحمض مياه المحيطات، ينجم عن زيادة تركيز أيونات الهيدروجين، وانخفاض أيونات الكربونات، بسبب امتصاص كميات متزايدة من ثانى أكسيد الكربون. ويعتمد المحار، وبلح البحر وسرطان البحر، والشعاب المرجانية، وغيرها من الكائنات البحرية، على أيونات الكربونات لتنمية أصدافها والازدهار.

وعبر ملايين السنين، ظل تبادل ثانى أكسيد الكربون بين سطح المحيط والغلاف الجوى ثابتا، لكن خلال الـ150 عاماً الماضية، ارتفعت نسبة ثانى أكسيد الكربون فى الغلاف الجوى، بسبب حرق الوقود الأحفورى وتغيير ممارسات استخدام الأراضى، ونتيجة لذلك، امتصت المحيطات نحو ٪29 من هذا الكربون الإضافى.

وتمتص المحيطات، ما يقرب من ربع انبعاثات ثانى أكسيد الكربون التى يسببها الإنسان، مما يؤدى إلى زيادة تحمض المحيطات بسرعة كبيرة، ومن المتوقع حدوث مزيد من تحمض المحيطات، ومزيد من التأثيرات السلبية على الحياة البحرية، وعلى مدار المليون سنة الماضية، كان متوسط ​​الرقم الهيدروجينى لمياه البحر السطحية مستقرا نسبيا، تتأرجح بين 8.3، خلال الفترات الباردة، و8.2 خلال الفترات الدافئة، وشكلت الزيادات السريعة فى مستويات ثانى أكسيد الكربون، فى الغلاف الجوى استقرار الحياة البحرية.

وتجاوز المتوسط ​​السنوى العالمى لتركيز ثانى أكسيد الكربون، فى الغلاف الجوى 417، جزءا فى المليون فى عام 2022، أى أكثر من ٪40، عن مستوى ما قبل الصناعة، وقد حدث نصف هذه الزيادة منذ الثمانينيات، خلال الفترة نفسها، انخفض المتوسط ​​السنوى العالمى لدرجة الحموضة لمياه البحر السطحية من 8.11، إلى أقل من 8.05 فى عام 2021، وهو ما يتوافق مع زيادة الحموضة بنسبة ٪15، منذ عام 1985، وزيادة بنسبة ٪40، منذ مستويات ما قبل الصناعة.

ويبحث هذا المؤشر فى أطول سلسلة زمنية لقيم الأس الهيدروجينى، ويعرض البيانات المحسوبة عن المتوسط ​​العالمى لدرجة الحموضة السطحية للمحيطات من خدمة مراقبة البيئة البحرية، وشهدت البحار الواقعة فى أقصى الشمال، أى بحر النرويج وبحر جرينلاند، انخفاضات أكبر بكثير فى الرقم الهيدروجينى مقارنة بالمتوسط ​​العالمى.

ومن المتوقع، أن ينخفض ​​متوسط ​​الرقم الهيدروجينى لسطح المحيط، بشكل أكبر بين نحو 0.15 و0.5، وحدة هيدروجينية، بحلول عام 2100، اعتمادا على سيناريو الانبعاثات، وسيؤثر هذا على العديد من الكائنات البحرية، ويمكن أن يغير النظم البيئية البحرية، وفى شمال المحيط الأطلسى، من المتوقع أن تواجه الشعاب المرجانية فى المياه الباردة، تأثيرات شديدة بسبب التحمض وفقدان الهيكل الكربونى.

تأثير الحمضية

يؤدى تحمض المحيطات، إلى تقليل توافر كربونات الكالسيوم، مما يجعل من الصعب على الكائنات الحية، مثل المرجان والرخويات، وبعض العوالق، بناء سلامتها الهيكلية والحفاظ عليها، وتشكل مثل هذه التغيرات الكيميائية السريعة، ضغطا إضافيا على المكلسات البحرية والأنظمة البيئية البحرية فى أوروبا.

ومن شأن التخفيضات الكبيرة فى انبعاثات ثانى أكسيد الكربون، أن تسمح لنظام الأرض، بإعادة إنشاء الظروف الكيميائية المتوازنة للمحيطات، والتعافى من التحمض الناجم عن الإنسان، على مدى فترة زمنية طويلة جدا، استنادا إلى سجلات أحداث انقراض الشعاب المرجانية الطبيعية.

وتهدف سياسات الاتحاد الأوروبى، مثل الصفقة الخضراء الأوروبية وتوجيه إطار الإستراتيجية البحرية، وإستراتيجية الاتحاد الأوروبى، للتنوع البيولوجى لعام 2030، وسياسات الاتحاد الأوروبى للتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه، إلى معالجة تحمض المحيطات، واستعادة النظم البيئية البحرية.

ارتفاع  التركيزات

وكان لثانى أكسيد الكربون الإضافى، تأثيرات كبيرة على المحيط. أصبحت المياه السطحية الآن، أكثر حمضية بنسبة ٪30، مما كانت عليه فى بداية العصر الصناعى، يحدث تحمض المحيطات الآن بمعدل أسرع من أى وقت مضى خلال 66 مليون سنة الماضية، وربما خلال 300 مليون سنة الماضية، وتشير التوقعات إلى أنه بحلول نهاية هذا القرن، قد تصبح المياه السطحية للمحيطات، أكثر حمضية بأكثر من ضعف ما كانت عليه فى نهاية القرن الماضى، إذا لم نقلل من انبعاثات الكربون.

ويؤدى ارتفاع تركيز ثانى أكسيد الكربون فى الغلاف الجوى، إلى ارتفاع درجات حرارة سطح المحيط، والتسبب فى تحمض المحيطات، وعلى الرغم من أن الاحترار والتحمض ظاهرتان مختلفتان، فإنهما يتفاعلان على حساب النظم الإيكولوجية البحرية، ولا تحدث هذه التغييرات فى المحيطات بنفس المعدلات فى كل مكان: فهناك اختلافات كبيرة عبر تدرجات درجة الحرارة، وخطوط العرض والعمق.

كما يتناقص معدل امتصاص الماء، لثانى أكسيد الكربون، مع زيادة درجة حرارة الماء، وهذا يعنى أن المناطق القطبية مثل ألاسكا، حيث تكون مياه المحيط باردة نسبيا، يمكن أن تمتص كمية أكبر من ثانى أكسيد الكربون مقارنة بالمناطق الاستوائية الأكثر دفئا، ونتيجة لذلك، فإن المياه السطحية القطبية تحمض بشكل عام بشكل أسرع، من تلك الموجودة فى خطوط العرض الأخرى، وفى المتوسط، تطلق المناطق الأكثر دفئا فى المحيط ثانى أكسيد الكربون فى الغلاف الجوى بدلا من امتصاصه.

يمكن أيضا تفسير الاختلافات الإقليمية، فى تحمض المحيطات جزئيا بتأثيرات أنماط دوران المحيطات، وبسبب أنماط الرياح السائدة، وغيرها من الظواهر الطبيعية، فإن المحيطات تطفو على سطح المياه العميقة الغنية بالمغذيات والأكثر حمضية أو تآكلا، فى ظل الظروف الطبيعية، فإن ضخ المياه العميقة الغنية بالمغذيات والباردة، والمسببة للتآكل إلى الطبقات العليا، مفيد للنظم البيئية الساحلية، لكن فى المناطق ذات المياه الحمضية، يؤدى تدفق المياه العميقة الباردة (والتى تميل أيضا إلى أن تكون أكثر حمضية)، إلى تضخيم آثار التحمض الحالى.

وفى مناطق أخرى، عادة المناطق الاستوائية، يؤدى ارتفاع درجات الحرارة فى المياه السطحية، إلى إبطاء تبادل الكربون بين المياه العميقة، والمياه السطحية، وهنا تلعب الرياح دورا رئيسيا: فهى تمزج بين المياه العلوية والأعمق، وتحمل المياه المشبعة بثانى أكسيد الكربون، إلى مناطق أعمق فى المحيط، مع ارتفاع درجات الحرارة السطحية، يصعب على الرياح خلط هذه الطبقات التى تصبح طبقية بشكل متزايد، مما يعنى أنها تجلس فوق بعضها البعض، وبالتالى، فى المواقع ذات المياه الدافئة، تصبح الطبقات العليا أكثر تشبعا بثانى أكسيد الكربون، وغير قادرة على امتصاص المزيد، وتحتوى الطبقات السفلية على كمية أقل من الأكسجين (المعروف باسم إزالة الأكسجين).

الشعاب المرجانية

وفى ظل وجود ضغوط مناخية أخرى، فإن تحمض المحيطات يجعل من الصعب على الأنواع العودة إلى حالتها الطبيعية، لنأخذ على سبيل المثال مشكلة تبييض المرجان، تحافظ الشعاب المرجانية على علاقة متبادلة مع الطحالب التى تقوم بعملية التمثيل الضوئى، والتى تعيش فى أنسجتها، حيث توفر الشعاب المرجانية المأوى للطحالب، ويزود كل منها الآخر بالمواد المغذية اللازمة لبقائها على قيد الحياة، لكن عندما ترتفع درجات حرارة الماء بشكل كبير، تقوم الشعاب المرجانية بطرد هذه الطحالب، مما يجعلها أكثر عرضة للأمراض، وأقل قدرة على الحفاظ على هيكلها العظمى وبنائه.

ويعيق تحمض المحيطات، قدرة الشعاب المرجانية على التعافى من أحداث التبييض، هذه لأنه يقلل من كمية كربونات الكالسيوم المتاحة، التى تحتاجها الشعاب المرجانية لتعود إلى حالتها الصحية، توصل تقرير صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية، بتغير المناخ إلى أن ٪99 من الشعاب المرجانية فى المياه الدافئة فى العالم، يمكن أن تختفى إذا ارتفع متوسط ​​درجات الحرارة العالمية، بمقدار درجتين مئويتين أو أكثر فوق مستويات ما قبل الصناعة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: