ربما نتذكر مسرحية «ليدى ماكبث»، لوليام شكسبير، التى تتناول قصة زوجين من الأشرار، كما ذكرتنا مواقع التواصل الاجتماعى بدميتين من الأشرار فى سلسلة أفلام الرعب «تشاكى»، وتداول روادها صورة لزوجة تشاكى السفاحة التى تشبه سارة نتنياهو!، والغريب أن شخصيتها المركبة التى طالتها أقاويل عديدة، تحب أن تلعب فى الوقت نفسه دور الضحية، فتارة تتهم أسر الأسرى بمساعدة حماس وأخرى قادة الجيش الإسرائيلى بمحاولة الانقلاب على زوجها!
موضوعات مقترحة
ليست سلسلة من الدراما، لكننا نتابع فى الواقع أحداث الثنائى بنيامين وسارة، وربطت أخيرا بعض الصحف بطريقة ماكرة بين زيارة سارة نتنياهو، زوجة رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، للرئيس الأمريكى المنتخب، دونالد ترامب، وبين تصريحات الأخير النارية، التى أطلقها بخصوص إطلاق سراح الأسرى فى قطاع غزة، وربما تحدث ترامب بشكل عام عن إنهاء الصراعات الخارجية، وتقليص التدخل الأمريكى، لكن كلامه أحدث ضجة هائلة!
الزيارة
نشرت شبكة «بى .بى.سى»، الإخبارية البريطانية على موقعها الإلكترونى، أن «الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب أصدر تحذيرا واضحا لحركة حماس، مهددا بـ«الجحيم»، إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين فى غزة، بحلول موعد عودته إلى البيت الأبيض فى 20 يناير المقبل!
وأضافت أنه لا يزال العشرات من الأشخاص الذين أُسروا فى 7 أكتوبر 2023 فى عداد المفقودين، وقال الجيش الإسرائيلى إن جنديا إسرائيليا أمريكيا كان يعتقد أنه أسير قُتل فى الواقع فى أكتوبر الماضى، وفى نفس اليوم، دون أن يذكر حماس بالاسم، نشر ترامب على الإنترنت سوف يتعرض المسئولون عن ذلك لضربة أقوى من أى ضربة أخرى، تلقاها أى شخص فى التاريخ الطويل، والعريق للولايات المتحدة الأمريكية، وشكر رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، ترامب على “تصريحه القوى”.
كما كتبت صحيفة “ذا إندبندنت”، البريطانية على موقعها الإلكترونى، أن الرئيس الأمريكى المنتخب، دونالد ترامب، تناول مع سارة نتنياهو وجبة طعام فى ملعب ترامب الدولى للجولف، بالقرب من منتجع مار إيه لاجو فى فلوريدا، حسبما أفاد نائب مدير الاتصالات على موقع التواصل الاجتماعى “إكس”، والتقى الاثنان، بعد أن قال السيناتور الجمهورى، ليندسى جراهام، لوكالة “أكسيوس” الإخبارية، إن الرئيس المنتخب يأمل فى التوسط لوقف إطلاق النار فى الصراع بين إسرائيل وحماس قبل توليه منصبه فى 20 يناير المقبل”.
ونشرت سارة نتنياهو فى وقت لاحق، صورة للقاء على موقع التواصل الاجتماعى “إنستجرام” ، مشيرة إلى أنهما تناولا عشاء “دافئا وودودا”، وأكدت “الصداقة بين إسرائيل والولايات المتحدة، وأهمية الاستمرار فى تعزيز الرابطة الفريدة بين بلدينا”.
كما ذكرت أهم جزء، وهو خاص بالاستعطاف فقالت “ناقشت مع الرئيس المعاناة الهائلة التى تحملتها بلادنا” منذ الهجوم الذى شنته حماس فى السابع من أكتوبر من العام الماضى.
وقال جراهام فى وقت سابق لوكالة أكسيوس، إن “ترامب عازم أكثر من أى وقت مضى على إطلاق سراح الرهائن، ويدعم وقف إطلاق النار الذى يشمل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، وأضاف النائب عن ولاية كارولينا الجنوبية، قائلا: “إنه يريد أن يرى ذلك يحدث الآن”.
السيرة
ولدت سارة بن أرتزى (نتنياهو لاحقا) فى بلدة كريات طبعون شمال إسرائيل، بالقرب من حيفا، كان والدها، شموئيل بن أرتزى، مدرسا يهوديا إسرائيليا بولندى المولد، ومؤلفا وشاعرا وباحثا فى الكتاب المقدس، ومات عام 2011 عن عمر يناهز 96 عاما، وكانت والدتها سادسة جيل المقدسيين. والتحقت بمدرسة جرينبرج الثانوية فى كريات طبعون، حيث كانت طالبة متميزة.
عملت لاحقا مراسلة لمجلة “معاريف لانوار”، وهى مجلة أسبوعية للمراهقين الإسرائيليين، وعملت مقيمة نفسية تقنية فى قسم العلوم السلوكية فى مديرية المخابرات العسكرية (أمان)، فى جيش الدفاع الإسرائيلى، وحصلت على درجة الليسانس فى علم النفس من جامعة تل أبيب عام 1984، ودرجة الماجستير فى الجامعة العبرية بالقدس عام 1996، وعملت مقيمة نفسية تقنية للأطفال الموهوبين فى معهد تعزيز الإبداع والتميز لدى الشباب برئاسة الدكتورة إريكا لانداو، وفى مركز إعادة التأهيل التابع لوزارة العمل، كما عملت أيضا مضيفة طيران فى شركة العال.
وتزوج بنيامين نتنياهو من دورون نويبرجر عام 1980، ووقع طلاقهما فى عام 1987، وفى عام 1991 تزوج من سارة بن أرتزى، ولهما ولدان: يائير وأفنير، وقد أثار يائير نتنياهو نفسه انتقادات فى إسرائيل لأنه يتسكع فى الولايات المتحدة الأمريكية فى وقت الحرب!
وبصفتها زوجة رئيس الوزراء، وهى المرة الثالثة التى يصل فيها زوجها لهذا المنصب، ترأس سارة نتنياهو منظمة “يد بيد”، وهى منظمة مساعدة للأطفال الذين تعرضوا للإساءة، ومنظمة “تزاد كديما” للأطفال المصابين بالشلل الدماغى.
تاريخ من الجدل
فى 2023، وقبل انطلاق عملية طوفان الأقصى، نشرت وكالة الأنباء الأمريكية "أسوشيتد برس" سؤالا "لماذا انتهت رحلة سارة نتنياهو إلى صالون الشعر بتدخل شرطة مكافحة الشغب"؟ وكتبت: "أشار المشهد إلى حالة طوارئ وطنية خطيرة - حيث اندفع العشرات من شرطة مكافحة الشغب عبر شوارع تل أبيب، بينما كانت حشود المتظاهرين المناهضين للحكومة تهتف وتصرخ أن مهمتهم: إنقاذ زوجة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو من صالون فاخر، حيث كانت تقوم بتصفيف شعرها".
ووصفت أن حصار المتظاهرين لصالون التجميل، المصحوب بهتافات "العار، العار"، سلط الضوء على سارة نتنياهو، وهى شخصية مثيرة للانقسام ومرتبطة منذ فترة طويلة بالمسيرة السياسية لزوجها، وأنها تعرضت للسخرية بسبب سمعتها السيئة فى العيش بأسلوب حياة مترف على حساب دافعى الضرائب، وأن هذه الصورة تعززت بقرارها تصفيف شعرها فى وسط مدينة مزقتها الاضطرابات التى تحولت إلى عنف. واتهمها الإسرائيليون أيضا بممارسة نفوذ غير مبرر على زوجها، والضغط عليه بشأن التعيينات السياسية وقضايا السياسة.
وفيما يلى نظرة على ما جعل سارة نتنياهو مثيرة للجدل على مدى ثلاثة عقود من الزمن على المسرح السياسى، فهناك تاريخ أسود لها، ونالت اهتماما إعلاميا كبيرا، وكان عادة سلبيا فى لهجته ويركز على العلاقات الشخصية السيئة، ودخلت فى قضايا وأفلتت من بعضها، لكنها ظلت نجمة من نجوم صحافة النميمة.
فى يناير 2010، رفعت مديرة منزل العائلة دعوى قضائية ضد نتنياهو فى محكمة العمل، بتهمة حجب الأجور وظروف العمل غير العادلة والإساءة اللفظية، وقد رفعت دعوى قضائية ضد نتنياهو اعتبارا من مارس 2014، من قبل خادمة أخرى وحارس شخصى سابق للعائلة، بسبب مزاعم بأنها أساءت معاملته. فى فبراير 2016، حكمت محكمة العمل فى القدس لصالح المدعى مينى نفتالى، الذى زعم أن سارة نتنياهو خلقت بيئة عمل معادية، ومنحته تعويضات قدرها 170 ألف شيكل، ورفضت محكمة العمل الوطنية لاحقا استئنافها.
وفى عام 2015، ظهرت تقارير تفيد بأنها طلبت وجبات جاهزة وفرضت على الحكومة ما يقرب من 100 ألف دولار، مقابل النفقات بينما كان مكتب رئيس الوزراء قد وظف بالفعل طاهية، أوصت الشرطة بتوجيه الاتهام إليها فى عام 2016.
وفى 17 يناير 2018، بعد انهيار المفاوضات بشأن صفقة الإقرار بالذنب، تم تحديد موعد المحاكمة فى 19 يوليو، زعم محامو نتنياهو أن الوجبات كانت بناء على طلب مساعد لكبار الشخصيات الزائرة.
وفى 16 يونيو 2019، وقعت سارة نتنياهو على صفقة إقرار بالذنب وأدينت بإساءة استخدام أموال الدولة، مع إسقاط التهمة الأكثر شدة بالاحتيال، وصدر أمر لها بدفع 55 ألف شيكل (15275 دولارا) للدولة.
وفى 5 ديسمبر 2019، خلال زيارة إلى النصب التذكارى البرتغالى فى العاصمة لشبونة، لضحايا محاكم التفتيش، واستمرارا لمحاولة محو الماضى الملوث، وتأكيدا على أنها تتعرض لافتراءات، صرحت سارة نتنياهو بأن عائلتها تواجه أيضا محاكم تفتيش!