Close ad

تردى الأوضاع المعيشية وانعدام الأمن والنزوح القسرى.. «الأبرياء».. يدفعون فاتورة الحروب

25-12-2024 | 19:44
تردى الأوضاع المعيشية وانعدام الأمن والنزوح القسرى ;الأبرياء;  يدفعون فاتورة الحروبصورة أرشيفية
د. شاهيناز العقباوى ـ زينب هاشم
الأهرام العربي نقلاً عن

لن تغيب عنك وأنت تطالع أى من النشرات الإخبارية المتعلقة بالمنطقة العربية على مدار اليوم .. المشاهدة أو الاستماع إلى أخبار من نوعية مقتل وتشريد أطفال ونساء جراء غارة جوية أو طفل بترت ساقاه ويداه جراء تفجير قنبلة، وربما فقد حياته بعد تعرضه لوابل من الرصاص، ناهيك عن أخبار أخرى لمذابح ترتكب فى حق كبار السن والعجائز بالتزامن مع نوعية ثالثة تتعلق بـ التهجير بعد تفاقم الأوضاع ومعاناة بسبب نقص متطلبات الحياة الضرورية من مياه شرب إلى دواء وغذاء.

موضوعات مقترحة

دفتر معاناة الأبرياء بسبب النزاعات، يذخر بالكثير من القصص المأساوية، ويكفى الإشارة إلى أن منظمة اليونيسف أطلقت مؤخرا نداءً لتوفير تمويل بقيمة 9.9 مليار دولار من أجل الوصول إلى 109 ملايين طفل فى 146 بلداً حول العالم وتزويدهم المساعدات المنقذة للأرواح فى عام 2025. وذلك فى ضوء تردى الأوضاع المعيشية نتيجة للحروب وحالات التهجير واضطراب المناخ، وجاءت 3 دول عربية فى قائمة النداءات الخمسة الأعلى قيمة بحسب متطلبات التمويل لعام 2025 وهى السودان بقيمة 840 مليون دولار، وفلسطين 716.54 مليون دولار، ولبنان 658.2 مليون دولار، كما شملت القائمة دولا عربية أخرى مثل سوريا وليبيا والصومال واليمن.

«الأهرام العربى» ترصد فى هذا الملف الفاتورة الغالية التى يدفعها الأبرياء بسبب الحروب التى تشهدها المنطقة .

للحروب فواتير باهظة الثمن ليس الجنود فى ساحات المعارك وحدهم من يدفعون ثمنها يوما بعد يوم وإنما هناك الملايين من الأبرياء أطفال ونساء وعجائز، سوف يعانون لسنوات كثيرة قادمة جراء ما تشهده المنطقة حاليا من أزمات بسبب تدمير البنية التحتية، وانعدام الأمن والأمان، وهروب رأس المال، وارتفاع التضخم، وزيادة الديون، علاوة على الهجرة والنزوح الجماعي، إذ غالبا ما تجبر الحروب الناس على الفرار من منازلهم، مما يؤدى إلى النزوح الداخلى وأزمات اللاجئين. ولن يتسنى وضع إستراتيجيات متماسكة وفعالة للتعامل مع مثل هذه المشكلات إلا من خلال السعى لإيقاف عجلة الصراعات الطاحنة .

ووفقًا لبيانات الأمم المتحدة، تجاوز عدد السوريين النازحين 13.4 مليون شخص، منهم نحو 7.2 مليون شخص، تم تصنيفهم نزوح داخل سوريا ويعيشون فى ظروف صعبة وسط تدهور اقتصادى وإنسانى حاد، أما على الصعيد الدولى، فقد وصل عدد اللاجئين السوريين المسجلين حول العالم بحلول منتصف عام 2024 إلى 6.2 مليون شخص . بينما كانت الأسابيع القليلة الماضية على لبنان والشعب اللبنانى الأكثر دمويةً وفداحة منذ عقود، وفقا لتقرير صادر عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، وذلك مع تكثيف إسرائيل غاراتها الجوية وتوغلها البرية بشكلٍ كبير، مما عمّق المأساة الإنسانية بالنسبة للمدنيين، حيث طالت تأثيراتها المباشرة ما يقدر بنحو 1.3 مليون شخص، وأجبرتهم على النزوح من منازلهم. وحصدت الهجمات المستمرة أرواح أعداد لا تحصى من الأشخاص، وفرضت تحديات كارثية فى مجال الحماية، مما ترك الكثيرين فى حالة من الضعف والتعرض لمخاطر شديدة.

تدمير المنازل

تشير البيانات الصادرة عن جهاز الإحصاء الفلسطينى، إلى أن هناك نحو ستة ملايين لاجئ فلسطينى مسجلين لدى وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). وأن من بينهم 2.5 مليون لاجئ، يعيشون فى الضفة الغربية وقطاع غزة. وكشفت الإحصائيات أن نسبة اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى وكالة الغوث فى الأردن نحو ٪40 من إجمالى اللاجئين الفلسطينيين، فى حين بلغت هذه النسبة فى لبنان وسوريا نحو ٪8 و٪10 على التوالي". وتمثل هذه التقديرات الحد الأدنى لعدد اللاجئين الفلسطينيين باعتبار وجود لاجئين غير مسجلين، إذ لا يشمل هذا العدد من تم تشريدهم من الفلسطينيين بعد عام 1949 حتى عشية حرب يونيو 1967، حسب تعريف الأونروا، ولا يشمل أيضاً الفلسطينيين الذين رحلوا أو تم ترحيلهم عام 1967 على خلفية الحرب والذين لم يكونوا لاجئين أصلاً".

من جهته قال د. خليل الدقران، المتحدث باسم مستشفى شهداء الأقصى ومن المتحدثين باسم وزارة الصحة الفلسطينية فى غزة: نعم فاتورة حرب الإبادة التى فرضها جيش الاحتلال يدفع ثمنها الأبرياء. فجيش الاحتلال يقصف المواطنين الآمنين فى أماكنهم وبيوتهم، ويقوم بتدمير المنازل على رؤوسهم بدون سابق إنذار، مستمرا فى ارتكاب المجازر لأكثر من أربعة عشر شهرا من استهداف المدنيين الموجودين فى قطاع غزة، وراح ضحية هذه الحرب أكثر من 54 ألف شهيد ومفقود وأكثر من 105 مفقودين من الأطفال والنساء وكبار السن، هذا العدد الكبير من المصابين أصيبوا ببتر فى الأطراف العلوية والسفلية، منهم من فقد بصره ومنهم من فقد سمعه نتيجة هول الإصابات، وهناك نحو عشرة آلاف شخص ممن بترت أطرافهم العلوية والسفلية وتسببت لهم إعاقة، ولذلك هؤلاء المواطنون حتى هذه اللحظة يعيشون فى ظروف سيئة وصعبة جدا فلا يوجد لهم أطراف صناعية، ولا يوجد لهم كرسى متحرك يساعدهم على الحركة فى حياتهم الاعتيادية، وهناك آلاف فقدوا سمعهم وأبصارهم، وما زال يستمر فى المجازر على هؤلاء المواطنين .

وأشار الدقران إلى قائمة الأمراض المنتشرة بين المواطنين، مؤكدا: أن هناك قائمة طويلة يتصدرها مرض التهاب الكبد الوبائى والأمراض الجلدية والنزلات المعوية، وآخرها مرض شلل الأطفال الذى كان ينتشر فى قطاع غزة، فكانت بالفعل حرب إبادة ومجازر فى قطاع غزة يستخدم الجرافات فى هدم الطرقات والمبانى والمزارع للقضاء على جميع مقومات الحياة، ونستغرب أنه فى ظل هذه الأوضاع هناك صمت المجتمعات الدولية، لذلك لابد من التدخل من المنظمات لفتح المعابر وإدخال المساعدات والمستلزمات الطبية وكذلك الأطراف الصناعية للمعاقين فلم يبق سوى 5 فى المائة صالح للاستخدام الآدمى فى قطاع غزة.

من جهتها قالت آية رمضان مراسلة صحفية فلسطينية: فاتورة الحرب التى يدفعها المدنيون فى الضفة الغربية وقطاع غزة، أثمانًا لا تحصى من صحتهم وأحلامهم ومستقبلهم، يعيشون وسط جحيم يومى من القصف، التدمير، والتشريد. هؤلاء الأبرياء، المحاصرون بين احتلال لا يرحم وصراعات لا تنتهي، يدفع المدنيون ثمنًا باهظًا للحروب والصراعات المستمرة. وترى رمضان أن هذه الحروب لا تنحصر فى الخسائر البشرية الفورية، بل تمتد آثارها إلى الصحة، التعليم، والأمان الاجتماعي، لتصبح حياتهم معركة يومية من ناحية قطاع التعليم

وتستكمل الحديث قائلة: لدينا جيل كامل من الأطفال والطلاب الفلسطينيين، يواجهون مستقبلاً مظلما بسبب الدمار الذى طال المدارس واستهداف العملية التعليمية بشكل شبه كامل، فقد دمر الاحتلال خلال حربه على غزة نحو 114 مدرسة وجامعة بالكامل، وتسبب فى تدمير 326 مدرسة وجامعة بصورة جزئية. فإن ٪95 من المنشآت التعليمية فى غزة قد دمرت جزئيا أو كليا بسبب الغارات الإسرائيلية، وتحول بعضها إلى قواعد عسكرية إسرائيلية، وأخرى ملاجئ للنازحين الفلسطينيين، مما يزيد من تعقيد الوضع التعليمي،مما أدى إلى حرمان نحو 620 ألف طالب من مواصلة تعليمهم يعانى الطلاب من ناحية أخرى من صدمات نفسية نتيجة الحرب، مما تؤثر على قدرتهم على التركيز والتعلم، أما فى الضفة الغربية، حيث يعانى قطاع التعليم من استهداف مباشر وغير مباشر، بسبب السياسات الإسرائيلية والاعتداءات المتكررة مثل عمليات إغلاق وهدم متكررة، بحجة البناء بدون ترخيص، اقتحام المدارس، واعتقال الطلاب، والهجمات من قبل المستوطنين، والحواجز العسكرية الإسرائيلية تجعل الوصول إلى المدارس والجامعات أمراً صعباً، ما يؤدى إلى تأخر أو غياب الطلاب.

أسوأ الأزمات 

مازالت الأزمة فى اليمن، تصنف واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية فى العالم، فى ظل الاضطرابات الجيوسياسية التى تعصف بالبلاد منذ سنوات، حيث يوجد فى اليمن 18.2 مليون شخص، بمن فى ذلك 4.5 مليون نازح، بحاجة ملحة إلى المساعدات الإنسانية. ويشمل ذلك أكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوءٍ من الصومال وإثيوبيا بشكل رئيسى.

فى المقابل وصفت المنظمة الدولية للهجرة مأساة النازحين بسبب الصراع داخل السودان، بأنها أسوأ أزمة نزوح داخلى فى العالم، بسبب تفاقم المجاعة والأمراض التى تلوح فى الأفق إثر الصراع المدمر. وسجلت المنظمة نحو 9.9 مليون نازح داخليًا فى جميع ولايات السودان البالغ عددها 18 ولاية شملت 2.8 مليون قبل حرب أبريل 2023، و7.1 مليون منذ ذلك الحين، وأكدت المنظمة أن أكثر من نصف جميع النازحين داخلياً هم من النساء، وأكثر من ربعهم من الأطفال دون سن الخامسة وفى المقابل اضطر نحو 12 مليون إلى الفرار من ديارهم فى السودان، إلى البلدان المجاورة، وخاصة تشاد وجنوب السودان ومصر.

كما تؤدى الحروب طبقا لمفوضية شئون اللاجئين إلى خسائر وتكاليف اقتصادية كبيرة جداً، تبدأ من فقدان البلاد للبنية التحتية، وعدد كبير من المبانى، وخلق حالة من عدم اليقين لدى المواطنين، وارتفاع الدين العام على الدولة، بالإضافة إلى الخسائر البشرية التى تتسبب بها، كما ينتج عنها انخفاض كبير فى رأس المال المادى والبشرى، وتتسبب أيضا فى تدمير الحياة الإنسانية والتراث الثقافى والاقتصادى، وتعيق التنمية المستدامة والسلام فى المجتمعات التى تقع بها، لذا يعد تجنب الحروب والسعى لحماية حقوق الإنسان وتعزيز السلام والعدالة من أهم التحديات التى تواجه العالم فى الوقت الراهن. كما أن للحروب آثارا اجتماعية ونفسية طويلة الأمد، سواء على الأفراد والمجتمعات، بما فى ذلك الصدمات النفسية والآثار السلبية على الصحة العقلية والاضطرابات الاجتماعية فضلا عن نقص الغذاء والماء والرعاية الطبية وانعدام التعليم فى المدارس للسكان المتضررين من المعارك، إضافة إلى الأضرار الثقافية والبيئية.

استنزاف الموارد

أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، أكد فى تصريحات سابقة، أن الحروب الغاشمة، وكما هو معروف بدورها، تخصم من فرص الشعوب فى التنمية وتحقيق الاستدامة، واستنزاف الطاقات والموارد، وضياع الفرص، كما تتسبب فى أعادت معدلات التنمية وآفاقها سنين إلى الوراء. وأضاف: "هذه الظروف الصعبة التى تمر بها المنطقة العربية تترافق مع رياح عالمية غير مواتية من انتشار مناخ ملبد بغيوم الحروب، والصراعات المحتملة بين القوى الكبرى، وأحداث الحمائية الاقتصادية التى ترتفع بقوة. وما ينتج عنها من آثار التضخم والديون التى تطحن اقتصادات الدول بعضها متقدم وبعضها الآخر ينتمى لبلدان الجنوب. وأضاف أن هذه المخاطر المتعددة، وما يرتبط به من تصاعد ظواهر الهجرة والصراعات على الموارد الطبيعية، كل هذه التحديات تدفعنا دفعا لارتياد سبل غير مطروقة، والتفكير فى بدائل مبتكرة وغير مألوفة نابعة من واقعنا، وما نواجهه من مشكلات.

من جهته، قال الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكى: "من المعروف أن الحروب بكل أشكالها من شأنها أن تلحق أضرارا كارثية بكافة القطاعات الحيوية، وعلى رأسها خدمات الصحة والتعليم والمرافق، وبقدر ما تسبب الحرب فى قتل آلاف الأبرياء على حد قوله فى المقابل تؤدى إلى تدمير المجتمعات والاقتصاد، بما يكون له من أثر بالغ على حياة السكان المدنيين، خاصة الفئات الهشة من الأطفال وكبار السن والنساء والفتيات، فضلا عن الأضرار الجسيمة للنظم البيئية الطبيعية، والتى من المرجح أن يستغرق أمر إصلاحها أجيالا كاملة .

معاناة النزوح

بينما ترى السفيرة هيفاء أبوغزالة الأمين المساعد رئيس قطاع الإعلام والاتصال بجامعة الدول العربية، أنه لا ينكر أحد الوضع السيئ الذى تعيشه بعض الأسر العربية، حيث إنه يعد الأول والفريد من نوعه، ذلك أن هناك نماذج للأسرة العربية إلى جانب معاناتها الاقتصادية، مضطرة لمواجهة تداعيات الحروب التى لا تزال تعانى منها بعض الدول العربية، والتى بدورها تضعها فى منطقة خاصة تحتاج إلى رعاية واهتمام فريد، لاسيما أنه نتج عنها أكبر أزمة لجوء فى العالم، لاسيما أن معاناة النزوح ممتدة للعديد من الدول العربية، ونتمنى أن تسير الأمور فى العالم العربى إلى الأفضل سريعا على حد قولها.

وكشفت على أنه رغم من التقدم الملموس للمرأة العربية فى مختلف المجالات لا تزال هناك بعض المعوقات التى تحول دون تحقيق العديد من الأهداف، ونحن للأسف على حد قولها فى منطقة نزاعات وصراعات، ودائما فى أوقات الحروب هى الضحية نتيجة الاعتداء عليها من جهة واستغلالها من جهة أخرى. لذا فالمرأة تتحمل عبئا كبيرا قبل الحرب وأثناءها وحتى بعد انتهائه.

 الممارسات العدائية

أكد السفير أحمد رشيد خطابى، الأمين العام المساعد لشئون الإعلام والاتصال بجامعة الدول العربية، أن جميع الممارسات العدوانية والصراعات لا يمكن تبريرها بحق الدفاع عن النفس، بل إنها على المدى الطويل تخلق الكثير من الآثار النفسية والاجتماعية السيئة، ناهيك عن الكوارث الاقتصادية والبشرية من تدمير البنية التحتية وإيقاف عجلة الاستثمارات والتنمية، والأهم من ذلك هو تأثيرها الأخطر على المجتمعات البشرية بكل طوائفها والتى أجبرتهم الأحداث على التعايش والتأقلم مع مثل هذه الظروف السيئة وغير الآدمية، لذا من الضرورى على حد قوله الإسراع بإيقاف عجلة الحروب الطاحنة والحد من استمرارها بل والأهم هو معالجة جميع المشاكل التى تؤدى إليها، والسعى الجاد لوقفها حتى قبل أن تبدأ لتفادى الكثير من الأزمات الناتجة عنها والتى تحتاج لسنوات طوال لمعالجتها.

وأضاف، أنه فى الوقت الراهن كل الضمائر الحية عبر العالم، تنادى بضرورة وقف الحرب المدمرة التى عصفت بآلاف الأبرياء جراء القصف الإسرائيلى غير المنقطع على قطاع غزة المحاصر، وما يخلفه من مشاهد تقتيل وتجويع وإذلال المدنيين من نساء وأطفال ورضع ومرضى فى عقاب جماعى قل نظيره فى حروب التاريخ الحديث، لاسيما أن الصورة التراجيدية لحجم الدمار فى قطاع غزة وموجات النزوح بحثا عن أماكن آمنة مفقودة تعكس حجم ما يمر به الشعب الفلسطينى من مأساة.

 

النسيج الاجتماعى

الدكتور معز دريد المدير الإقليمى لهيئة الأمم المتحدة للمرأة فى الدول العربية، أكد على أن سلسلة الأزمات والحروب فى المنطقة وحدها أسفرت عن خسائر كبيرة فى الأرواح، ومزقت النسيج الاجتماعي، ودمرت البنية الاجتماعية، وأدت إلى نزوح جماعى لأكثر من 15.8 مليون نازح قسرا وعديم الجنسية فى المنطقة، بمن فى ذلك اللاجئون وطالبو اللجوء والنازحون بما يشكل ٪12 من المجموع العالمى وتؤدى الحروب إلى عكس مكاسب التنمية بشكل جذري. وحاليا على حد قوله تعانى عدة بلدان فى المنطقة من تراجع التوقعات الاقتصادية كنتيجة مباشرة للصراعات التى تعيش فيها وتتأثر بها سواء بشكل مباشر أو غير مباشر .

وكشف أن الحرب فى غزة وحدها على سبيل المثال تسببت فى انتهاكات جسيمة لحقوق المرأة. حيث إن هناك ما يقرب من مليون امرأة وفتاة نازحة، ونزح العديد منهن أكثر من 10 مرات. كما تعانى أكثر من 550 ألف امرأة وفتاة من انعدام الأمن الغذائي، ومن المتوقع أن تواجه 70 ألف امرأة انعدام الأمن الغذائى الكارثى والمجاعة مع بقية أفراد أسرهن فى الشهرين المقبلين، وتقدر هيئة الأمم المتحدة للمرأة أن 12 ألف أسرة نازحة ترأسها نساء. وتواجه النساء والفتيات بالعموم مخاطر وعوامل هشاشة عدة، بعضها يعود إلى فترة ما قبل النزاع والبعض الآخر تطور أو تفاقم نتيجة له.

وأضاف أنه بشكل عام ينتج عن الحروب العديد من الكوارث والأزمات التى لا حد لها والتى أفردت لها الكثير من الدراسات والإحصائيات التى لا تنتهى وتحذر من أخطارها المباشرة وغير المباشرة والذى بدوره ينعكس تأثيره سواء على الشعوب أو حتى على الدول نفسها والتى تتفاقم تأثيراتها السلبية إن لم يتم معالجتها بمرور الوقت والذى بدوره يحتاج إلى الخروج بهذه الأزمات بحلول غير تقليدية تخدم مستقبل البشرية على المدى البعيد .

 

نموذج للمأساة

ربما يعد قطاع غزة وما يشهده من جرائم ترتكب من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلى، بمثابة نموذج وشاهد عيان، على ما تكبده الحروب للأبرياء من أزمات ومآس يطول وصف أبعادها، وهو ما أشارت إليه فاتن عصاعصة ناشطة اجتماعية بمخيم طولكرم للاجئين تسرد جانب من معاناة الأبرياء فى ظل الحروب قائلة: طولكرم مثلها مثل باقى المناطق التى تتعرض لهجمة شديدة من الاحتلال الإسرائيلى وبالذات المخيمات بحجة القضاء على الإرهاب مثلما يتحجج جيش الاحتلال بينما السبب الحقيقى هو إفراغ المخيمات من أهاليها وحرب إبادة جماعية ضد الكل، وبالنسبة لتصعيد هذه الاقتحامات المتكررة وتدمير البنية التحتية للمرافق العامة وتدمير المنازل بما يقارب 300 بيت فى محافظة طولكرم وحدها، بالإضافة إلى تدمير 180 بيتا بشكل جزئى، وتم إفراغ نسبة ٪50 من سكانه لعدم صلاحية وأهلية البيوت. بالإضافة إلى انقطاع الخدمات الأساسية من مياه وكهرباء فأول ما يدخل الإحتلال إلى المخيمات يضربون خط المياه، وكذلك خط الكهرباء بشكل همجى ممنهج .

وتابعت قائلة: فى أحد الاقتحامات وبعدما انقطعت المياه لمدة 30 يوما رجعت المياه للمخيم ولكنها رجعت مختلطة بمياه الصرف الصحى، وهو ما يتسبب فى إصابة الفلسطينيين داخل المخيمات بأزمات صحية بالإضافة إلى النفايات وتراكمها وتكدسها لأيام، ومن هنا تتفاقم المشكلة وتزداد الأمراض التى يعانى منها المواطنون فى الضفة الغربية، ويزداد الأمر سوءا بسبب عدم تلقى المواطنين للرعاية الطبية بشكل جيد، وذلك نتيجة تدمير المنظومة الصحية والبنية التحتية، وصعوبة الوصول للمراكز الصحية وتلقى الأدوية والعلاج، بالإضافة إلى عدم توافرها، أما من ناحية التعليم فى الاقتحامات المتكررة أثناء الدوام وبشكل دورى والهلع والذعر الذى يتسبب فيه جيش الاحتلال للأطفال أثناء الدراسة فى المدارس جعل الأطفال فى حالة نفسية صعبة تمتد لأيام وشهور ولا يتم علاجها، فيدخل الإسرائيليون على المخيمات فى اقتحام فلا يوجد تعليم أو جودة تعليمية بشكل كاف. وهى أزمات يتكبدها الأطفال لسياسة التجهيل وإفقاد الوعى للشعب يبحث بشكل أساسى عن الحد الأدنى لسبل الحياة والغذاء، ويفرغهم من الوطنية بالإضافة لانقطاع الرواتب، وبالتالى التكاسل فى النطاق التعليمى والأكاديمى وعدم تقديم التعليم كما يجب، فلدينا جيل سيفقد كل مقومات التعليم .

 

إبادة جماعية

من جهته، أكد إسماعيل الثوابتة مدير عام المكتب الإعلامى الحكومى بقطاع غزة أن فاتورة حرب الإبادة الجماعية التى يدفعها الأبرياء من المدنيين بفعل جرائم الاحتلال "الإسرائيلى باهظة الثمن للغاية على كل من فى قطاع غزة وهى بمثابة كارثة إنسانية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وأضاف: صنع الاحتلال أزمة عميقة تمتد إلى عشرات السنوات، حيث قام الاحتلال "الإسرائيلى" بتدمير 15 قطاعاً حيوياً وبلغت التكلفة الإجمالية للخسائر الأولية المباشرة لهذه القطاعات أكثر من 37 مليار دولار، ويمكن استعراض هذه الخسائر وفى طليعتها تدمير واستهداف المستشفيات، وقتل الكوادر الطبية، ومنع الأدوية كما تم تدمير واستهداف الجامعات والمدارس، قتل المعلمين ومدراء المدارس والهيئات التدريسية والعلماء وأساتذة الجامعات، وقتل الطلبة، فضلا عن تدمير واستهداف الوحدات السكنية، والمنازل، والأبراج والعمارات السكنى وكذلك تدمير واستهداف المساجد والكنائس والمؤسسات الدينية المختلفة بالتزامن مع تدمير واستهداف المصانع والمؤسسات الصناعية المختلفة.

 

المدارس

محمود اللوح، مراسل صحفى لقناة الغد الفضائية فى قطاع غزة وشاهد عيان على معاناة الأبرياء هناك، يحكى قائلا: تكثيف الغارات الإسرائيلية طالت المدارس والمراكز التعليمية، إضافة إلى الحرب التى قتلت أكثر من 20 ألف طفل داخل قطاع غزة جميعهم من الطلبة فى وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين كذلك للمؤسسات التعليمية الخاصة ورياض الأطفال التابعة للحكومة فى قطاع غزة، ودائما ما يستهدف الاحتلال الإسرائيلى تدمير المدارس سواء كانت للنازحين الذين أجبرهم جيش الاحتلال على النزوح من شمال قطاع غزة، ومن ثم لجأوا إلى هذه المدارس كمراكز للإيواء تابعة للأمم المتحدة، وهى مراكز تغذى الأمم المتحدة إسرائيل بإحداثيات عنها وعن أعداد المدنيين والأطفال الموجودين فيها ومن هنا يكثف جيش الاحتلال الغارات الإسرائيلية عليها، ويقوم من آن لآخر بقصف الخيام وتفجيرها بشن الطائرات البحرية عليها، وذلك لكون إسرائيل لا تريد أن تجد متعلما أو طبيبا أو صحفيا أو مهندسا، فتقتل الحلم الفلسطينى بكل أشكاله حتى لا يكون لفلسطين مكان فى المحافل الدولية .

 ويمضى فى الحديث اللوح قائلا: فلم تكتف إسرائيل بقتل الأطفال وكان من المفترض أن تجنبهم الحرب بل قتلت الأجنة داخل أرحام أمهاتهم بدم بارد، فقتلت أكثر من 30 ألف طالب وطالبة لذلك مطلوب من المنظمات الدولية أن تحاكم قادة إسرائيل كمجرمى حرب، وما زالت لدينا آمال كثيرة فى القطاع ونحن فى العام الثانى من الحرب .

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: