Close ad

ما أخذ بسيف الحياء فهو حرام

25-12-2024 | 17:02

أبدأ مقالتي بحديث للنبي محمد "صلى الله عليه وسلم": "أَلَا لا تَظْلِموا، أَلَا لا يَحِلُّ مالُ امرِئٍ إلا بِطِيبِ نفسٍ منه".

هذا حديث شريف عن المعصوم "صلى الله عليه وسلم"، حامل لواء التشريع الذي ما ترك شيئًا فيه صالح الإنسان وإسعاده وتقويم حياته دينًا وخلقًا، وتنظيمًا لحياتنا إلا دلنا عليه "صلى الله عليه وسلم".

لكن وما بعد لكن.. ما الذي دفعني إلى الكتابة عن هذا الموضوع، أول الأسباب وأهمها: إحياء سنة النبي "صلى الله عليه وسلم"، القائل: "إنَّهُ مَن يعِشْ منْكم بعدي فسيَرى اختِلافًا كثيرًا فعليكُم بسنَّتي وسنَّةِ الخلفاءِ الرَّاشدينَ المَهديِّينَ من بعدي تمسَّكوا بِها وعضُّوا عليها بالنَّواجذِ وإيَّاكم ومُحدَثاتِ الأمورِ، فإنَّ كلَّ بدعةٍ ضلالةٌ".

السبب الثاني: التدني القيمي والأخلاقي، وضياع الحياء والاستحياء بين الناس إلا ما رحم ربي، على جميع المستويات والأصعدة، وضياع قيمة الرفعة وأقصد بها عزة النفس.

للأسف الشديد كثيرون يعلمون هذا الحديث "الإيمانُ بضعٌ وسبعون شعبةً، أعلاها قولُ لا إله إلا اللهُ، وأدناها إماطةُ الأذى عن الطريقِ".

كثير ما نرى في حياتنا المعيشة في يومنا ونحن نشتري حاجاتنا، ونحن في المواصلات ونحن في أشغالنا، حتى ونحن نسير في الطريق.

نرى أمورًا يندى لها الجبين، ونحن نقف نشتري مثلا من محل حلويات نرى أحد الأشخاص، يدخل ويمد يده، ويأكل من الحلوى، وصاحب المحل واقف مبتسمًا لا يستطيع أن يفعل شيئًا له، ولسان حاله يقول حسبنا الله ونعم الوكيل.

الصحابة رضوان الله تعالى عليهم كانوا يتحرون الحلال ولو رأوا شبهة حرام كانوا يتقيئون ما يدخل جوفهم، أليس لنا فيهم الأسوة والقدوة الحسنة، أضف إلى ذلك الرشاوى والمحسوبية والدخول من الأبواب الخلفية وتخليص المصالح من يدفع يحصل على البركة، من يدفع يمر ولا يقف ينتظر دوره وإنما يتخطى الرقاب.

لا والله هو لا يتخطى رقاب العباد، وإنما يدهس قيمنا وأخلاقنا وتقاليدنا، يدهس ديننا الذي نهى عن الفساد في الأرض، وأمر بالعدل والمساواة بين الناس.

نسي هؤلاء معدومو الحياء والمرتشون قول الله تعالى: "وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا"، "أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ"، والنتيجة الحتمية انتشار الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس، تدنٍ أخلاقي، انهيار صرح الأخلاق، ألفاظ ما أنزل الله بها من سلطان، شباب مفسد في الأرض لماذا؟ لأنه تغذى من حرام، ورضع لبنًا حرامًا، وأكل طعامًا حرامًا سحتًا!! ربوا أبناءكم على الفضيلة والخلق الحسن ولا تطعموهم حرامًا؛ "وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا".

وعلى النقيض،على الجانب الآخر، هناك من لا يمد يده إلى أي شيء، عزيز النفس حتى لو كان يشتهي هذه الأشياء، لكنه لا يمتلك ثمنها، ينصرف في هدوء لا يسأل الناس إلحافًا، وهناك من ربوا أبناءهم على العفة والفضيلة، ولم يطعموهم إلا الحلال، ولو كان قليلًا فباركه الله تعالى، وأصبحوا أسيادًا وقادة.

الفرصة ما زالت موجودة ومن الممكن الإصلاح، المهم كل يفتش في نفسه، وإذا كان هكذا ينتهي ويقلع عن تلك العادات المرذولة.

إن أريد إلا الإصلاح  ما استطعت..  نريد الخير للجميع، نريد أن نرى بلدنا أجمل البلدان، ووطننا أحلى وأسمى وأرفع الأوطان.

* أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة