ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية في عددها الصادر، اليوم الإثنين، أن عام 2024 الذي شارف على الانتهاء، حمل تحولات تاريخية جسيمة تسببت في ترتيب الأوضاع داخل منطقة الشرق الأوسط لاسيما في سوريا وغزة.
موضوعات مقترحة
وقالت الصحيفة في سياق مقال رأي كتبه إميل حكيم وهو مدير الأمن الإقليمي وزميل شئون الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية إن المجتمعات المتنوعة بالفعل في بلاد الشام تمر بتحولات تاريخية جذرية ومن غير المرجح لها أن تجد دعمًا خارجيا كبيرًا في ظل التردد المحلي والإرهاق العالمي. كما يعصف بهذه المنطقة إعادة ترتيب مصحوبة بعنف شديد وتنافس متجدد.
ورجحت الصحيفة أن الكثيرين في الغرب ربما يجدون في هذه التحولات راحة من أجل احتوائها، واعتبرت أنه إذا كان هناك وقت مناسب لاستخدام عبارات المبالغة في وصف شئون الشرق الأوسط، فإن عام 2024 هو الأنسب لذلك؛ حيث كان تسلسل الأحداث الذي بدأ في أكتوبر 2023 مذهلاً بكل معنى الكلمة. وبينما سيحتاج هذا المزيج الهائل من الأحداث المأساوية والمثيرة والإستراتيجية إلى وقت طويل لاستيعاب تأثيراتها، فإن ما حدث بالفعل سيترك بلا شك آثارًا عميقة وطويلة الأمد على المنطقة والعالم بأسره.
وأضافت الصحيفة أن السوريين، قبل كل شيء، تذوقوا طعم الحرية لأول مرة بعد عقود طويلة دون مخاوف من العنف الطائفي الجماعي، مما توجب الإشادة بالإدارة الجديدة في دمشق والتي حرصت على ضبط النفس والتحلي ببعض الحكمة. ولكن تأمين السلام سوف يتطلب إنجازات هائلة من الكرم والتفاني في الحكم الشامل ومحاربة المفسدين الداخليين والخارجيين.
أما داخل الأراضي المحتلة، فقد فاقت 2024 معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة بشكل غير مسبوق على أيدي الجيش الإسرائيلي.. وفي هذا، أكدت الصحيفة "أن الرهان الذي لعبته حركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية منذ بداية الأزمة مع إسرائل بجانب عدم قدرة شركائها على إنقاذها يشكلان تحذيرًا، إذا لزم الأمر، بأن المسار الوحيد لإقامة الدولة الفلسطينية هو تدويلها والتوصل إلى نتيجة تفاوضية. وقد برز التحالف من أجل حل الدولتين الذي نظمته المملكة العربية السعودية ودول عربية أخرى ودول أوروبية باعتباره الوسيلة الأكثر ترجيحًا لتحقيق هذه الغاية، لذلك يتعين على الفلسطينيين أن يقتنعوا بأن الأمر أكثر من مجرد رقصة دبلوماسية رمزية، بل يتعين عليهم أيضًا أن يُظهروا ملكيتهم للعملية، وهو ما لن يتحقق إلا من خلال إصلاح السلطة الفلسطينية الذي طال انتظاره. ومع ذلك، تظل مثل هذه التطلعات عُرضة للتعنت الإسرائيلي والغضب المحتمل من جانب الرئيس المقبل للبيت الأبيض دونالد ترامب".. حسب قولها.
وبالتوازي مع ذلك، تابعت الصحيفة البريطانية تقول إن المجتمع الإسرائيلي انتقل من الصدمة الشديدة التي تلقاها في 2023 إلى نوع من أنواع الانتصار العسكري في غضون عام واحد فقط. والواقع حاليًا أن الدعم غير المشروط الذي تحصل عليه إسرائيل من الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية سمح لها بتجاهل ضرورة السلام العادل الذي من شأنه أن يوفر الأمن للجميع. ومع ذلك، من شأن هذه العقلية الأمنية التي تتبعها إسرائيل حاليًا أن تترك عواقب وخيمة. فهي مكلفة، وتزيد من الاعتماد على الولايات المتحدة، وتنفّر الشركاء الحاليين والمحتملين في الجوار، الذين يخشون أن تعمل إسرائيل على توسيع الصراع بضرب القيادة الإيرانية والمنشآت النووية، كما أن الخسائر التي لحقت بسمعة إسرائيل نتيجة لحرب غزة هائلة، فضلًا عن المسئوليات القانونية التي بدأت تلوح في الأفق".
وفيما يتصل باللبنانيين، أوضحت "فاينانشيال تايمز" أن ثمة دينامية معاكسة تجري على قدم وساق، لذلك يتعين على حزب الله أن يضع في حسبانه إمكانية انهيار إستراتيجيته العسكرية وروايته الإيديولوجية ومصداقيته بشكل عام، وأن يعمل بدلًا من ذلك على تجميع الصف وتوحيد الجهود لإصلاح مؤسسات الدولة والحيولولة دون إشعال فتيل صراع داخلي جديد.