22-12-2024 | 18:42

يستقبل الإقليم عام 2025 بقلق يفوق بكثير الارتياح والابتهاج ببشائر قدومه السعيد، خشية ما سيحمله من مفاجآت غير سارة، تطال استقراره وأمنه، مع ما شهده من تقلبات دراماتيكية، كان فصلها الأخير والمثير في سوريا، قبل أيام قليلة.

 لقد أضحى الإقليم أمام سيناريو مخيف تسعى إسرائيل جاهدة وبإلحاح، تؤازرها أمريكا، لفرضه بالقوة الجبرية، وهو إعادة هندسة وبناء الشرق الأوسط؛ لتصبح المهيمنة عليه والقائدة له دون اعتراض أو امتعاض من أحد، وذلك بتوغل قوات الاحتلال الإسرائيلية داخل "الجولان" السوري، وإعلانها اعتزامها البقاء على قمة "جبل الشيخ" الإستراتيجي، الذي يطل على العاصمة السورية دمشق، وإمعانها في تدمير البنية التحتية للجيش السوري، وقبلها عاثت فسادًا وتخريبًا وتدميرًا وقتلًا بلا رادع في لبنان وغزة والضفة الغربية واليمن، بزعم حقها المشروع في الدفاع عن النفس، والقضاء على كل مَن يعترض طريقها ومشروعها الطموح لتأسيس "إسرائيل الكبرى".

وواضح أن أحمد الشرع، رجل سوريا الجديد، الذي تربى وتأسس في أحضان ودهاليز تنظيم "القاعدة" الإرهابي غير عازم، وحتى حين وفي الأغلب سيطول، على الدخول في مواجهة مع إسرائيل التي تستبيح سيادة بلاده عشرات المرات على مدار اليوم خلال الأسابيع المنصرمة، فذاك ليس ضمن أولوياته ولا همومه الآنية، وهو ما سيمنح "تل أبيب" فرصة ومساحة لترسيخ وإقرار سياسة الأمر الواقع ومواصلة احتلالها أرضًا سورية وتحديد شروطها واجبة التنفيذ، حتى ترضى بالجلوس على الطاولة للتفاوض حول إنهاء هذا الاحتلال، والتوقف عن عبثها واستباحتها سيادة وأراضي سوريا التي يلف مستقبلها الغموض.

إسرائيل ليست وحدها مبعث القلق والهواجس، فما جرى في سوريا من إسقاط لنظام بشار الأسد على يد هيئة تحرير الشام، المصنفة دوليًا كمنظمة إرهابية، شجع وحفز التنظيمات والجماعات المتطرفة والإرهابية على الخروج من كمونها ولملمة أشلائها المبعثرة ثانية، استعدادًا لاستئناف أنشطتها وهجماتها التي تستهدف المؤسسات الوطنية في بلدان الشرق الأوسط، الذي بات مسرحًا مفتوحًا تصفي فيه القوى الكبرى حساباتها وصراعاتها بكل همة ونشاط، وأيضًا تبرم بدون خجل وراء الكواليس صفقات مريبة وخبيثة بدعوى حماية مصالحها ومواطن وارتكازات نفوذها، وفي العادة تكون الضحية دولًا فشلت في الحفاظ على تماسكها ووحدة صفوفها، وخارت وتضعضعت قواها ومناعتها، فتقاذفتها الأيادي، وأصبحت مرتعًا وموطنًا خصبًا للميليشيات المسلحة التي تعرض خدماتها القذرة في بورصات وأسواق الراغبين في دفع أعلى سعر للحصول عليها. 

سوريا كانت نموذجًا شاهدًا وصارخًا على هذه الحقيقة المرة والأليمة، فخلال السنوات العشر الماضية تحول هذا البلد المنهك إلى حاضنة لمنظمات وكيانات متشددة وإرهابية، يتصدرها "داعش"، تتلقى توجيهاتها وأهدافها من جهات خارجية تمولها وترعاها وتستغلها لتحقيق مآرب عديدة ومتنوعة وتتلخص في نشر الفوضى، وتقطيع أوصال الدول وتحويلها لدويلات متناحرة، والعمل على استدامة الخلافات والشقاق بين بعضها البعض، واللعب على كل الأحبال.

وفي كل ما نترقب حدوثه من فواجع مشاهد "سيناريو الفوضى" في عامنا الجديد يظهر وجه المستشرق والمؤرخ الأمريكي "برنارد لويس"، الذي توفي في 2018 عن عمر ناهز 101 عام، ويستحق، بلا منازع، لقب عراب مخطط تفتيت البلاد العربية والإسلامية إلى دويلات عرقية ودينية وطائفية تتقاتل فيما بينها، منذ ثمانينيات القرن العشرين، وهو مَن عمل سابقًا في جهاز المخابرات البريطانية قبل هجرته إلى الولايات المتحدة، وابتدع المبررات الواهية لغزو العراق في 2003، وكان منِ الكتاب المفضلين لرئيسة الوزراء الإسرائيلية الراحلة "جولدا مائير"، ويستشيره ثعلب السياسة الخارجية الأمريكية "هنري كيسنجر" "1923 – 2023"، بكل ما عُرف عنه من مكر ودهاء وذكاء خارق، وعلى الرغم من رحيل لويس إلى العالم الآخر، فإن سيناريوهاته الشيطانية لم تدخل القبر معه، ويعكف كثيرون في واشنطن وتل أبيب على إدخالها حيز التنفيذ بأي ثمن.

كلمات البحث
الشائعات.. وخطوط الدفاع

يتعرض المجتمع المصرى لهجمات شرسة ومتلاحقة من فيروس الشائعات الخبيث والفتاك، الذى يستهدف بالأساس إضعاف جهاز مناعته وخطوط دفاعه الحصينة، وكبقية الفيروسات