كلما هممت بالكتابة عن موضوع جديد، وجدت نفسي تتوق إلى الحديث مجددًا عن جيل ما زال يبحث عن مثل أعلى ليقتدي به، عن نموذج ضن عليه به مجتمع تغير بشكل كبير، أحاول أن أبعث إليه برسالة طمأنة من كلمات تشع بالأمل والنور؛ عساه أن يلمح لها طيفًا يهتدي به، أو يلمس منها أملًا ينير له عتمة طريق اكتسى بظلمات فرضت عليه، غيرت اتجاهه وانحرفت به عن مسار سليم، محت من ذاكرته أثر الأمل في العثور على حلم تمناه، ود تحقيقه في وسط عالم ما زال يربكه بمستجداته التي تتضاعف أمامه يومًا بعد يوم.
أبحث له عن مصباح ينير له الطريق، مصباح لا يخفت نوره ولا يغيب، فاليقظة تحركنا الآن وتدعونا لحراك دائم داخل منطقة الوعي، تطالبنا بأن ننتبه لكل التفاصيل، نتعرف على أدوات حرب قادمة، وجبهات لم تكن تخطر لنا ببال من بعيد أو قريب، فهى حقبة قاسية كتب على أبنائنا فيها المواجهة للتصدي لكل ما هو مناف لعادات وتقاليد، بجهاد لأنفسهم وحذر من اتباعهم لهوى؛ فحربهم سلاحها المسخ والتضليل.
يؤلمني أن بعضهم قد استسلم بالفعل، ويسعدني أن أرى البعض الآخر ما زال يقاوم، بينما أغلبهم قد انبطح أرضًا وراح يدور في فلك غيبوبة من سلبية متعمدة قد تبقيه في مكانه لسنوات وعقود، يتلقى الضربات المتتالية، يقبلها راضيًا ما دامت هي التي تضمن له البقاء بعيدًا عن أي مواجهة غير مأمونة العواقب فهو الخائف المتردد، الذي يؤثر التقليد الأعمى متعللًا بأنه لم يجد البديل؛ ومنهم من راح يسبح بلا كلل أو ملل مدافعًا عن تربية صالحة تلقاها من والدين أحسنا القيام تنشئة ورعاية، وبعناد ورثاه عن أجداد سبقوهما وسبقوه.
إدراكنا ووعينا بما يتم هو سبيلنا للاعتراف بما يدبر لنا في الخفاء لأجل تحييدنا وترك أولادنا يتعرضون بما أسموه رياح التغيير، إن لم يكن التغيير للأفضل فلا حاجة لنا دون شرح أو تفسير، فهناك مؤشرات وعلامات كبرى تبعث برسائلها إلينا في كل لحظة من ليل أو نهار، فيضان لا يتوقف من مستحدثات لا تحمل في طياتها إلا الرغبة في التدمير.
إن القول والفعل مرتبطان دائمًا برباط من كلمات محددة وصادقة ومهام لا تقبل التأجيل، فلنتحرك معًا من أجل حماية جيل يتصدع فراغًا وينذر مجتمعه بالسقوط، ندعوهم بالإيضاح المستمر لما يستحدث أمامهم من أمور، نجذبهم إلى الحديث معنا ونعيدهم إلى طرق التعبير عن أنفسهم، نأخذ بأيديهم، نخرجهم من وحدتهم الإجبارية ونصحبهم معنا في رحلاتنا المتكررة باتجاه ماضينا، نطلعهم على قصص وحكايات ذات مغزى وذات تأثير، حكايات تسكنها الحكمة والعظة، نناقشهم فيها ونترك لهم مساحة تكفيهم للحديث مع الإشارة لأهمية الالتزام باتباع أدب الحوار، بحسن الاستماع وآداب الحديث.
نشاركهم ما يشغلهم ونمحو بأيديهم ما لا يناسب مجتمعنا من عادات وتقاليد، ندعوهم إلى التقرب إلى الله فالإيمان الحق هو الضامن الوحيد، نلقي إليهم بأطواق النجاة لنباعد بينهم وبين غرقهم في بحار من حيرة لا تغيب.