Close ad
21-12-2024 | 14:39

مشرقة كالشمس، متوهجة، هذا هو معنى اسم سوريا باللغة اللاتينية.. وهو ما نتمناه لسوريا ولكل البلدان العربية، وما "تستحقه" أيضًا دومًا وليس فقط بعد سنوات طوال من معاناة شعبها.

منذ الثامن من ديسمبر الحالي والأخبار تتسارع على مدار الساعة من سوريا والأحداث تسابق بعضها، وازدحمت الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي بتحليلات غالبيتها تنحاز بحدة إلى ما تريده، وتصم مخالفيها بأبشع مما قاله مالك في الخمر..

ودومًا عند "الضجيج" تتوه الحقائق؛ فالضجيج يصم الآذان "ويعطل" العقول، وخاصة عند إتقان "اللعب" على العواطف والتركيز على نشر ما يؤلم بشدة ويشل التفكير فيما وراء "ظاهر" الأحداث.

وصدق القائل: "ليس كل ما يلمع ذهبًا"؛ فمع رفضنا القاطع والحاسم لأي انتهاكات لحقوق الإنسان، وعدم قبول أي تبرير لها، وفرحتنا لكل إنسان "تخلص" مما يؤلمه، واستعاد حريته وعاد لأسرته ولحياته بدون ظلم، ننبه إلى حقيقة أن الإلحاح بلا هوادة في نشر شيء ما "يجبرنا" دون إرادتنا على التركيز فيه "وحده" ونتجاهل بكامل "وعينا" باقي جوانب الصورة، ويشوش على باقي حقائق ما يحدث من حولنا..

وكمثال "فقط" على ذلك نذكر ما فعلته مراسلة قناة C N N التي قامت "بتمثيل" الرعب والخوف، وتظاهرت وكأن صواريخ المقاومة في غزة تسقط عليها، واتضح كذبها، وظهرت المذيعة نفسها، منذ أيام، في تقرير تليفزيوني من سجن في سوريا وتكلمت، حسب زعمها، مع أحد السجناء، وكان يخفي وجهه، وادعى أنه لم يعرف بسقوط بشار الأسد، وكان الأمر "مسرحيًا" بوضوح، كشفته  منصة تدعى Verifv-Sv.
 هذا لا ينفي بالطبع وجود مآسٍ في بعض سجون سوريا، ولكنه "مجرد" دليل على بعض حالات الاستغفال المتعمد، ومحاولات تغييب العقول وتجاهل الأطماع "الدولية" في سوريا، التي "قد" تؤدي إلى تقسيمها ولو بعد حين.
 
ونتوقف عند ظهور الجولاني على شبكة C N N، وعند سؤال المذيعة له عن قيامه بالقتل والترويع في أثناء انضمامه لداعش وأنه مسئول عن ذلك، فرد، بكل بساطة، قائلًا: كنا شبابًا!! وأضاف: كان "نصيبي" أني كنت هناك، وطالب بإعادة توصيف كلمة ارهابي!! وكأن الشباب يُباح لهم ارتكاب الجرائم، وفور تخطيهم مرحلة الشباب وإعلانهم رفض ما فعلوه لا يجب عقابهم!! ولما سألته: هل تقبل بوجود قواعد أمريكية في سوريا؟ رد: أقبل إذا كانت في مصلحة سوريا!!

لا يعرف الغالبية العظمى الجولاني، إلا من خلال مشاركته في كل من "داعش وجبهة تحرير الشام والنصرة"، وكلها جماعات لها ذكريات "أليمة" وموجعة في كل من سوريا والعراق.
ومن حقنا التساؤل: هل يكفي تغيير تصفيف شعره، وتهذيب ذقنه، وارتداء ملابس عصرية "تشبه" ملابس رئيس أوكرانيا "المتعاون" مع الغرب حتى يتم "التسامح" مع ماضيه، ومنحه موافقة "غير" مشروطة؟ وكما يُقال "شيك على بياض" ليفعل ما يشاء دون "الرجوع" إلى الشعب السوري "وينفرد" بالسلطة ويصدر قرارات مصيرية ويجري المقابلات الرسمية مع الأجانب في أمور "تخص" سيادة سوريا دون الرجوع إلى السوريين!!

كما أنه غض الطرف تمامًا عن انتهاك إسرائيل لسوريا وقصفها المتواصل لمدن مهمة، واحتلالها أراضي سورية حيوية، والإجهاز على 80% من قوة الجيش السوري، و"صمت" عن قصفها مراكز البحوث العلمية السورية! وكأن ذلك يحدث في بلد "آخر" لا يعنيه أمره..

بينما تنتشر "صور" لقاءاته مع مسئولين من الغرب؛ جاءوا لانتزاع النفوذ في سوريا والاستيلاء على مقدراتها وثرواتها، ولا يعرف أحد  من الشعب السوري الشقيق "حقيقة" ما يدور في هذه اللقاءات  ولا الاتفاقات التي تحدث في غيبة عن "ممثلين" للشعب، كما أصدر قرارًا بتعيين "شقيقه" وزيرًا للصحة وبعض المقربين منه في مناصب مهمة في "إقصاء" واضح لفئات الشعب السوري المتنوعة.

أطلق "الجولاني" على نفسه اسم أحمد الشرع، وكأنه يريد "طمس" هويته السابقة بتغيير اسمه بعد تغيير "مظهره، وكأن ذلك كافيًا "لطمأنة" السوريين.

ويحرص في الوقت نفسه على تطمين "الغرب" أنه لن يمس حقوق الأقليات، ولم يتحدث عن حقوق ملايين الشعب السوري في معرفة "من" يتحدث باسمه بعد أن جاء في مظلة أمريكية، وبدعم تركي وموافقة "وترحيب" إسرائيلي علني.

ونؤكد أن حتى "ذاكرة السمك"؛ المشهورة بالنسيان السريع، تتذكر أن الجولاني كان مطلوبًا أمريكيًا، وتم القبض عليه ثم الإفراج عنه، ثم رصد مكافأة 10 ملايين دولار لمن يعطي "معلومات" عنه، وإذا به يظهر فجأة في قناة أمريكية شهيرة، وبدلًا من القبض عليه يتم الترويج له كقائد للثورة السورية!!

نرحب بالطبع بإنهاء معاناة أي إنسان تعرض لأي درجة من الظلم، ونربت على أوجاعه، ونهنئه بالسلامة وبانتهاء المحنة وفي الوقت نفسه نحذر من "توابع" ما يحدث في سوريا.. وكما قيل عن حق: إذا أعطاك أحدهم حلوى؛ تأكد أنه لا يوجد تحتها خطاف.
وننبه إلى حقيقة أن عدو عدوي لا يعني أنه سيكون صديقًا لي، بل قد يكون عدوًا جديدًا يماثله في السوء أو أسوأ منه، وأن الحكمة تكمن في الحذر "وطرد" التسرع في الثقة، وكما قال الجولاني لنترك الأقوال وننظر في الأفعال، وندعو لسوريا بالسلامة وبأن تكون مشرقة ومتوهجة كالشمس دائمًا وأبدًا.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: