في هذا المقال أعرض رؤية نسائية أخرى من مدينة ناجازاكي وهى هاياشي كيوكو "1930-2017"، إحدى رائدات الأدب النسائي الياباني المعاصر، وإحدى الأديبات اللاتي صورن أدب القنبلة الذرية في العصر الحديث.
ولدت الكاتبة هاياشي كيوكو في مدينة ناجازاكي بالقرب من منطقة القصف الذري في مدينة ناجازاكي؛ التي تعرضت للقصف الذري أثناء الحرب العالمية الثانية، وأمضت بداية فترة الطفولة مع أسرتها في مدينة شنغهاي بالصين، ثم عادت إلى ناجازاكي أثناء الحرب، والتحقت بمدرسة ناجازاكي الثانوية للبنات، وعملت بعد تخرجها في مصنع ذخائر ميتسوبيشي، وتعرض المصنع للقصف الذري في 9 أغسطس 1945، وكانت تعاني وقتها من مرض خطير نتيجة القصف، وعاشت حالة صحية خطيرة، وبعدها التحقت بكلية طب ناجازاكي، تركت الدراسة وحصلت على دفاتر المتضررين والناجين من القصف الذري، فقد عاشت الكاتبة اضطرابات الحرب العالمية الثانية، وعانت أيضًا من الجوع والبؤس بعد الحرب، وخاصة حين سمعت بيان الإمبراطور الياباني الحزين باستسلام اليابان وإعلان الهزيمة، وساهمت بدورها في تطور الأدب الذري على الساحة الأدبية اليابانية، وبدأت الكتابة الأدبية الفعلية عام 1962، وكان أول عمل أدبي نُشر لها هو (موكب في يوم ضبابي Kumori no koushin)، ونشر عام 1967، صورت من خلاله الآلام والمعاناة والأيام العصيبة والبؤس التي عاشتها كإحدى الناجين ومتضرري القصف الذري.
وبدأت تتجه إلى الكتابة الأدبية في مجال أدب القنبلة الذرية، والقصف الذري، ومن أبرز الأعمال الأدبية التي صورت القصف الذري، العمل الأدبي القصير "طقوس الموت Matsuri no ba"، فيصور هذا العمل الأدبي صور القصف الذري على ناجازاكي، فتقول الكاتبة "أنا كنت طالبة ابلغ من العمر 14 عامًا أعمل في مصنع ميتسوبيشي، نجوت بأعجوبة، لم أصب بأذى ووصلت إلى مدرستي، ثم إلى والدتي، لكنني كنت أتأرجح على حافة الحياة والموت. كما مات زملاء الدراسة واحدًا تلو الآخر بسبب مرض الإشعاع، "حصل هذا العمل الأدبي أشهر الجوائز الأدبية على الساحة الأدبية اليابانية وهي جائزة أكوتاجاوا الأدبية في دورتها الثالثة والسبعين "Dai-nanajuu-sankai-akutagawa-shou" في عام 1975، وكانت بداية الانطلاقة للدخول إلى الساحة الأدبية اليابانية للأدب النسائي المعاصر وأدب القنبلة الذرية، ويصور هذا العمل تجربة الكاتبة الشخصية عن القصف الذري الذي تعرضت له مدينة ناجازاكي، وبخلاف هذا العمل الأدبي، كتبت الكاتبة هاياشي كيوكو أعمال أدبية أخرى تصور القصف الذري مثل "أثنين من شواهد القبور Futari no bohyou"، ويصور أيضًا تجربة ومأساة القصف الذري المريرة.
وفي عام 1983 حصلت على جائزة الأدب النسائي"Joryuu-bungaku-shou"عن العمل الأدبي "شنغهاي Shanghai" وتصور من خلال هذا العمل الأدبي تجربة الطفولة التي قضتها في مدينة شنغهاي الصينية، وفي عام 1984 نالت الكاتبة جائزة كاواباتا ياسوناري الأدبية "Kawabata yasunari-bungaku-shoujo" عن العمل الأدبي "بيت في العوالم الثلاث Sangai no ie"، وفي عام 2000 حصلت الكاتبة جائزة نوما للأدب والفنون"Noma-bungei-shou" عن العمل الأدبي "تجربة الإنسان التي استغرقت وقتا طويلا Nagai-jikan-wo-kaketa-ningen-no-keiken"، ونشرت الأعمال الأدبية القصيرة مثل (الزجاج المقطوع والزجاج المنفوخ"Gyaman biidoro" والعمل الأدبي القصير"العلبة الفارغة Akikan" والعمل القصير "الرمال الصفراء Kousa" كل هذه الأعمال نُشرت في سبعينيات القرن الماضى، وتٌرجمت إلى اللغة الإنجليزية.
أستاذ الأدب الياباني جامعة القاهرة، وأستاذ زائر بكلية اللغات جامعة الأهرام الكندية