Close ad

«اقتصاديات» الدمار الشامل

17-12-2024 | 14:46

أرقام مفزعة وصادمة وردت في التقرير الأخير لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام «سيبري»؛ والمعني بمراقبة حركة تجارة الأسلحة في العالم، بيعًا وشراءً، إذ قفزت مبيعات شركات الأسلحة العالمية بأكثر من ضعفين خلال 21 عامًا وتحديدًا بين 2002 و2023. 

وتجاوزت مبيعات أكبر 100 شركة أسلحة في العالم خلال العام الفائت نحو 632 مليار دولار ارتفاعًا من 200 مليار دولار عام 2002.

وتوجهت ثلث صادرات الأسلحة العالمية إلى الشرق الأوسط، في وقت تستمر فيه حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على غزة، وهجماته الوحشية على لبنان، وتدميره للقدرات العسكرية في سوريا. 
 
انتعاش خزائن شركات الأسلحة
 
خلال العام الماضي تسارع إنتاج العديد من شركات إنتاج الأسلحة لتلبية الطلب المتنامي على التدمير والقتل، حيث زادت عائدات الأسلحة لأكبر 100 شركة بعد تراجعها في العام الأسبق، وزادت نحو 75% من الشركات عائداتها من الأسلحة على أساس سنوي، كما أن معظم الشركات التي زادت عائداتها كانت في النصف الأدنى من أكبر مئة شركة.

الأمر اللافت هنا هو استمرار تفاؤل شركات الأسلحة في تحقيق زيادات أكبر في الطلب على منتجاتها خلال العام الحالي، إذ أطلقت العديد من الشركات حملات لاستقطاب الموارد البشرية، مما يشير إلى أنها تملك طلبيات كثيرة تسعى لتلبيتها.

على الجانب الآخر، نشاهد تحولًا جذريًا في إستراتيجيات بعض شركات إنتاج الطائرات المدنية مثل إيرباص التي توسعت هي الأخرى في الصناعات الدفاعية، حيث شكلت أرباحها من الأسلحة 18% من إجمالي إيراداتها العام الماضي. 

وكان التعاون بين إيرباص وإسرائيل في مجال الطائرات المسيرة مثالًا على كيفية استفادة الشركات الكبرى من الصراعات الدائرة في مناطق مثل اليمن وأوكرانيا.

وفق بيانات التقرير، الشركات الأمريكية، كالعادة، كانت في الصدارة من الربحية والمبيعات في قطاع الأسلحة العالمي، إذ سجلت الشركات الـ41ضمن أكبر 100 شركة، ومقرها الولايات المتحدة، عائدات أسلحة بقيمة 317 مليار دولار، أي نصف إجمالي عائدات الأسلحة لأكبر 100 شركة وأكثر بنحو 2.5% مقارنة بالعام الأسبق. 

ومن بين الشركات الأمريكية الـ41، زادت 30 شركة عائداتها من الأسلحة خلال العام الماضي، ليس هذا فحسب، فإنه منذ عام 2018، كانت الشركات الخمس الأولى في قائمة أكبر مائة شركة تتخذ من الولايات المتحدة مقرًا لها.
 
منافسة أوروبية أمريكية على كعكة الأسلحة 

«بيزنيس» الأسلحة والطلب المتزايد عليها جعل من سوق السلاح العالمية ساحة للصراع والتنافس بين البلدان، ففي الوقت الذي تهيمن فيه الولايات المتحدة على هذه السوق، تبدو أوروبا كثاني أكبر مُنتج ومُصدر للأسلحة في العالم. وتشير بيانات التقرير إلى أن المنتجين الأوروبيين حققوا نموًا كبيرًا في عائداتهم من الأسلحة، مدفوعًا بالطلب المرتبط بالحرب في أوكرانيا، خاصة على الذخيرة والمدفعية والدفاع الجوي والأنظمة الأرضية، كما كانت الشركات في ألمانيا والسويد وأوكرانيا وبولندا والنرويج والتشيك الأكثر استفادة من هذا الطلب. 

وتجاوز إجمالي إيرادات الأسلحة لأكبر 27 شركة مقرها في أوروبا- باستثناء روسيا- 133 مليار دولار خلال العام الماضي، وكان هذا أعلى بنسبة 0.2% مقارنة بالعام الأسبق، وهي أصغر زيادة مقارنة مع أي منطقة من العالم، كما شهدت الشركتان الروسيتان المدرجتان في قائمة أفضل 100 زيادة في الإيرادات بنحو 40% لتصل إلى 25.5 مليار دولار. 

وحققت الشركات الـ23 في قائمة أفضل 100 شركة ومقرها آسيا وأوقيانوسيا نموًا في إيرادات الأسلحة نسبته 5.7% على أساس سنوي، لتصل إلى 136 مليار دولار.
 
مبيعات الأسلحة والبرامج التنموية

تعتبر صفقات تجارة الأسلحة من أغلى الصفقات رواجًا في العالم بسبب الحروب والنزاعات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها الحرب التتارية للكيان الصهيوني على غزة ولبنان وسوريا والتوترات الداخلية في السودان واليمن وليبيا، والحرب في أوكرانيا. 

إن توجيه جزء صغير من هذه النفقات العسكرية يكفي لحل مشكلات الفقر والبطالة وخفض الانبعاثات في العالم.

فمنذ عام 2009، أفضت المحادثات العالمية بشأن المناخ، على سبيل المثال إلى الاتفاق على تدبير100 مليار دولار سنويًا للدول النامية لاتخاذ إجراءات مناخية، سواء للتكيف مع تغير المناخ أو خفض الانبعاثات. 

ومن المفترض أن تأتي الأموال من الدول الأكثر ثراء، من خلال القنوات الثنائية والإقليمية والمتعددة الأطراف، بالإضافة إلى الأموال الخاصة الناتجة عن التدخلات العامة.
 
ومع ذلك، لم يتحقق حتى الآن هدف جمع 100 مليار دولار، ولم يكن توزيع الأموال عادلاً. في عام 2020، ووفقًا لبيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، قدمت الدول المتقدمة 83.3 مليار دولار، وذهب 8% فقط من إجمالي المبلغ إلى البلدان المنخفضة الدخل ونحو الربع إلى إفريقيا، على الرغم من أن كلاهما معرض بشدة لتغير المناخ وموطن لغالبية الناس الذين يعيشون في الفقر.
 
ووفقًا لإحصائيات الأمم المتحدة فإن شخصًا واحدًا من كل خمسة أفراد في هذا الكوكب أي مليار شخص لا يزال يعيش في فقر مدقع، وهناك نحو 14% من سكان العالم يعاني من نقص التغذية بينما لا تزال التحديات الماثلة في الصحة العامة ومن بينها الأوبئة تشكل أخطارًا واسعة الانتشار.

لذا فإن الأمر يتطلب دعم البلدان النامية في الجهود التي تبذلها للقضاء على الفقر وتمكين الفقراء ومن يعيشون أوضاعًا هشة، بما في ذلك إزالة العقبات التي تحول دون إتاحة الفـرص وتعزيز القـدرة الإنتاجية وتنميـة الزراعة المستدامة وتشجيع العمالة المنتجة وتوفير العمل الكريم للجميع، وتنفيذ سياسات اجتماعيـة فعالة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة