Close ad

إياكم و"عمود الخيمة"!!

15-12-2024 | 18:09

من واقع الأحداث المعاصرة، ومن خلال ما حدث قبل ذلك، وما سيحدث هذه الفترة الحالية، وما تشهدها الساحة الإقليمية والعالمية من متغيرات.. كل ذلك يفرض علينا ضرورة القراءة المتأنية والعميقة للأحداث الجارية، و يستوجب علينا الإدراك الدقيق والوعي الحقيقي لخطورة المرحلة ومتطلباتها، وإننا لنوقن أن ما حدث بسوريا الشقيقة ليس وليد اللحظة، خاصة مع تعدد وكثرة الفاعلين في صياغة المشهد السوري؛ سواء أمريكا أو إسرائيل أو تركيا أو روسيا، باعتبار أن لهذه القوى قواعد عسكرية بالمنطقة الساخنة بعد القضاء على وجود إيران وأذرعها داخل سوريا وخارجها؛ متمثلة في نظام بشار الأسد، وحزب الله اللبناني، ومع تصدر جبهة تحرير الشام "جبهة النصرة سابقًا" على رأس مجموعة من الفصائل المسلحة التي تضم مقاتلين أجانب وسوريين بالمشهد السوري.

السؤال الذي يطرح نفسه الآن هل من المعقول بين ليلة وضحاها يتم سقوط سوريا والنظام السابق؟

ونحن هنا لسنا بصدد الدفاع عن نظام أو حاكم، ولكننا في الحقيقة ندافع عن مقدرات شعب ونسعى حثيثًا إلى الحفاظ على هوية وطن.. ولكن من وجهة نظري المتواضعة، فإننا نستشعر حقيقةً أن ما حدث هو مؤامرة مكتملة الأركان؛ تبدأ من التخلي عن النظام السوري السابق من كل الداعمين له؛ سواء روسيا أو إيران أوحزب الله، وحتى الجيش السوري نفسه، وكذلك ما حدث من تدميرٍ لكل إمكانات الجيش السوري من أسلحةٍ واحتلالٍ لأراضي سوريا من جانب تركيا من ناحية، ومن الكيان الصهيوني على الجانب الآخر، وتأكيد أحمد الشرع "أبومحمد الجولاني" أحد القادة السابقين لتنظيم القاعدة الإرهابي وقائد جبهة تحرير الشام الحالي رئيس الإدارة السورية الجديدة، أن دخول إسرائيل الأراضي السورية واحتلالها وقيامها بثلاثمائة وخمسين غارةً جويةً على سوريا وإلقاء 1800 قنبلة على أكثر من 500 هدف بحري وجوي في سوريا خلال ساعاتٍ معدودة؛  لتدمير الأسلحة الخاصة بالجيش السوري ومواصلة التوغل في جنوبي البلاد في اتجاه العاصمة دمشق، وأصبحت إسرائيل على بعد 45 كم فقط من دمشق قد تم بالتنسيق مع جبهة تحرير الشام قائلًا أيضًا "إنّنا لسنا بصدد الخوض في صراع مع إسرائيل ولا حِمل معركة ضدّها، وأنّه "ليست لدينا عداوات مع المجتمع الإيراني، وما حدث يعد انتصارًا على المشروع الإيراني الخطير في المنطقة" وأكّد تواصل إدارته مع سفارات غربية ومنها بريطانيا لإعادة تمثيلها في دمشق، وهو أمرٌ في غاية الخطورة؛ مما يجعلنا ننتظر تغيراتٍ جذريةً في المشهد الإقليمي..

مع الأخذ في الحسبان أن أمريكا وإسرائيل وتركيا يعملون حاليًا على تطبيق نظرية "ملء الفراغ" في بعض الأماكن، تلك النظرية السياسية التي قامت أمريكا بتطبيقها بعد الحرب العالمية الثانية وهي الحرب بالوكالة؛ وذلك لحماية الابن المُدَلل إسرائيل عن طريق دعم كل الجماعات الإسلامية المسلحة بالمنطقة لتهديد الدول والأنظمة الثابتة وإحداث حالة من الفوضى الخلاقة، والقضاء على الجيوش المنظمة للدول وكل ما يهدد إسرائيل، والقضاء على التمدد الإيراني بالمنطقة والتوسع في المشروع الصهيوني والتركي، مع القضاء على إيران وأذرعها في اليمن ولبنان والعراق لوجود ميلشياتٍ شيعيةٍ تعمل كأذرعٍ إيرانية حتى الآن.. أما عن القادم فهو نقل التوتر لهذه المناطق حتى يتم الوصول لإيران من جهة، وحتى ينسى الجميع القضية الفلسطينية من جهة أخرى.

وهاهو الرئيس السيسي يستقبل اليوم جيك سوليفان مستشار الأمن القومي الأمريكي وبريت ماكجورك منسق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمجلس الأمن القومي الأمريكي؛ لتناول مستجدات الأوضاع الإقليمية والجهود المصرية الأمريكية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة، ولإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة لا سيما مع دخول فصل الشتاء، وسبل الحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان باعتباره نواة لجهود التهدئة الإقليمية، وكذا تطورات الوضع في سوريا....مما يؤكد أنه لا غنى عن الدور المصري بالمنطقة وأمريكا وإسرائيل يدركان ذلك جيداً.

وربما السطور السابقة جزءٌ من صورةٍ عامةٍ هدفها الرئيس هو الدولة المصرية؛ لأنها هي عمود الخيمة للأمة العربية والمنطقة خاصةً بعد فشل كل المؤامرات السابقة لهدم الدولة المصرية بفضل القيادة الحكيمة والمؤسسات الوطنية الراسخة والشعب المصري الذي لا يهادن في الاقتراب من تراب وطنه.

 ومن واقع ما سطره (ميلاد حنا) في الفصل الرابع من كتابه "الأعمدة السبعة" تحت عنوان العمود العربي مؤكدًا الصلة العميقة بين مصر وأمتها العربية والإسلامية سياسيًا واقتصاديًا وحضاريًا يجعلنا جميعًا نؤكد ذلك، وأن الهدف القادم لهؤلاء المتآمرين هو مصر للقضاء على ما تبقى من الأمة العربية؛ حيث قال "مصر هي عمود الخيمة للأمة العربية وللمنطقة بأسرها، وإذا انكسر أو اختفى العمود الأوسط أصبحت الخيمة قطعةً من القماش ملقاةً بها في الساحة الدولية؛ "لذا على الجميع أن يدرك هذا جيدًا؛ لأنهم ليسوا بمنأى عن أي شي".

ومما لاشك فيه أن مصر تلعب دورًا حيويًا للم الشمل العربي ورأب صدع الفرقاء والحفاظ على مقدرات الشعوب العربية والإسلامية، وفي مقدمة ذلك الدفاع عن القضية الفلسطينية، وكذلك تعمل جاهدةً في هذا الشأن مع أشقائها خاصة أن لدينا مصيرًا مشتركًا ومصالحَ موحدةً وثوابتَ تاريخيةً لا يمكن تغييرها، وهذا هو قدر مصر الذي حملته على عاتقها عبر الأزمان، ووفت به لأشقائها العرب ودول المنطقة، ولا يشك في ذلك إلا جاحد!
 
وأخيرًا وليس آخرًا يجب علينا أيضًا كمواطنين أن ندرك خطورة المرحلة الحالية، وأن نحافظ على وطننا مصر بمؤسساتها وترابها وأرضها وسمائها وجوها وهوائها وبرها وبحرها، ونصطف صفًا واحدًا خلف قيادتنا الحكيمة؛ لثبات عمود الخيمة التي نعيش في ظلها ونحتمي تحت غطائها.. وعلينا التجمع تحت رايتها لضمان ثباتها وأمنها واستقرارها؛ لأنها درعنا الذي نحتمي به وقت الشدة، ونلوذ به وقت الخوف ونلجأ إليه وقت العيلة ونستظل بظلاله الوارفة ونطعم من خيراته وثمراته اليانعة.. ولن يتحقق لنا ذلك إلا إذا كانت عيوننا يقظةً لا تنام وعقولنا فطنةً حكيمةً لا تجادل فيما لا يفيد ووعينا حاضرًا لا يغيب وسلاحنا صاحيًا لا يغفو.. رد الله عن مصرنا كيد الكائدين وعبث العابثين وإرجاف المرجفين، ورزقنا في بلادنا سلمًا وسلامًا وأمنًا وأمانًا نحيي به أعزةً على تراب مصرنا آمنين وتحت سمائها غانمين.. وتحيا مصر.

كلمات البحث
الأكثر قراءة