سوريا تنتظر دور العرب

15-12-2024 | 15:30

بعد سقوط نظام بشار الأسد، وبعد انهيار الجيش السوري وبعد وصول الأحوال الاقتصادية فى البلاد الى حافة الانهيار بدون أى احتياطى نقدى من العملة الأجنبية يأتي دور الدول العربية فى الوقوف إلى جانب سوريا الحبيبة وشعبها وإعادتها إلى حضن الوطن العربي بعد عقود من التبعية لايران بمشروعها التوسعي الطائفي المعروف.

وهنا يأتي دور الدول العربية سواء تحت مظلة جامعة الدول العربية أو بشكل مباشر فى معاونة سوريا فى جميع الملفات التى تحتاج الى خبرة كبيرة غير متوفرة لدى الجانب السورى فى الظروف الحالية، وأعتقد أن مصر بدورها الحضاري والقومي ومسئوليتها القومية تجاه أشقائها العرب وبما لديها من الخبرة فى جميع المجالات لن تتأخر عن تقديم هذا الدعم، إلى جانب دول عربية أخرى مثل الأردن والسعودية.

بداية يأتى بناء المؤسسات السورية على أرضية وطنية خالصة وليست طائفية فى مقدمة الأولويات، وتحرير المؤسسات السورية الحالية من السيطرة الكاملة للطائفة العلوية النصيرية التي تشكل 3 % فقط من الشعب السوري وتسيطر على 97 % من المواقع والمناصب والمواقع القيادية المهمة والمحورية في الدولة، هذا الوضع كان أحد الأسباب الرئيسية لغضب الشعب السوري لعقود طويلة حتى وصلنا لهذا الوضع.

تشكيل المؤسسات يجب أن يتم على أساس الكفاءة والمهنية والاحترافية والتأهيل، بغض النظر عن الانتماء الدينى أو الطائفى مع الأخذ فى الاعتبار –طبعًا– الوزن النسبى لعدد سكان كل طائفة، لكن بدون تحديد حصص للمناصب، فليس من المنطقى أن تشكل الطائفة السنية من 85% إلى 90% من الشعب السورى فى حين تشكل الطائفة العلوية 3% فقط، وباقى الطوائف فى حدود 10% ويتساوى توزيع المناصب بين الجميع.

وأفضل تجربة يمكن أن تحتذى سوريا بها ما يتم فى مصر من اعتبار الكفاءة والخبرة هما الأساس لتعيين قيادات المؤسسات على أرضية وطنية خالصة دون تفرقة بين مسلم ومسيحي. 

ويأتى فى مقدمة هذه المؤسسات المطلوب إعادة تأسيسها وبنائها على أسس وطنية خالصة الجيش والشرطة والمؤسسات الأمنية، وهذا يحتاج إلى خبرات ذات مستويات عالية لتأهيل السوريين لبناء هذه المؤسسات. وهنا يأتي دور الدول العربية، وفى مقدمتها مصر والأردن.

أما المؤسسة البرلمانية فيجب أن تعبر تعبيرًا حقيقيًا عن إرادة الناخب السوري –بعد عودة السوريين من الشتات– وتوعية المواطن السوري لاختيار الناخب على أرضية وطنية خالصة قوامها الاحترافية والنزاهة وطهارة اليد، وعدم وجود تاريخ سابق ملوث بجرائم، وعدم المشاركة فى فساد سابق، والقدرة على خدمة الشعب السوري فى البرلمان بالأفكار والرقابة ومشروعات القوانين.

وتبقى مؤسسات التعليم الجامعي وما قبل الجامعي والوزارات والهيئات ومختلف المصالح الحكومية وغيرها لتعديل الإرث الطائفي والفكر الطائفي العدائي الذي سيطر عليها لعقود وكبل سوريا ومنعها من الانطلاق أو تحقيق الرضاء العام لشعبها رغم ما تذخر به من ثروات اقتصادية وثروات بشرية في مختلف المجالات لم يتم الاستفادة من خبراتهم لكونهم من خارج الطائفة العلوية.

ويأتى ملف إعادة الإعمار من الملفات المهمة، وهنا لابد من الدعم العربي الاقتصادي، خاصة من دول الخليج العربي، كما يأتي دور مصر بما لديها من خبرة عظيمة فى مجالات إعادة الإعمار وبناء مشروعات الطرق والأنفاق والجسور والمدن الجديدة والمشروعات السكنية والصناعية والزراعية ومباني المؤسسات وغيرها.
 
إن التخلص من إرث جثم على صدور السوريين 55 عامًا ليس سهلا، سيحتاج إلى وقت وجهود جبارة وتآلف ووحدة وتعاون بين كل مكونات الشعب السورى التى لم تتلوث بفساد أو ممارسات استبداية مع النظام السابق، روح التعاون وإخلاص النوايا وتقديم مصلحة الوطن والشعب بين جميع مكونات الشعب السورى أمر ليس مهمًا فحسب، بل حتمي وشرط أساسي لتحقيق ما يصبو إليه الشعب السوري.

بالطبع سوف تواجه سوريا عقبات كثيرة فى طريقها لتحقيق إعادة البناء والتأهيل للمؤسسات والوضع السياسي والاجتماعى والأمني وغيرها، ولابد أن يكون هذا متوقعًا، ويتم الإعداد لمواجهته والتغلب عليه، وفي مقدمة هذه العقبات الظروف الاقتصادية الخانقة التى ترك بشار الأسد فيها سوريا قبل هروبه، والتدخل الخارجي من بعض الدول في الشأن السوري، ومحاولات  إيران وأذرعها الالتفاف وإعادة نفوذها السياسي والديني والعسكري والفكري في سوريا بعد أن فقدته في لمح البصر في وقت كانت تعتبر فيه سوريا هي القاعدة المتقدمة لمشروعها التوسعي الديني في الوطن العربي، وأيضًا ستواجه سوريا عقبة التدخل والاستفزاز الصهيوني الذي بدأ مبكرًا بتدمير السلاح الروسي لسوريا بالكامل في غارات جوية تنفيذًا لأهداف حليفتها أمريكا بتوصيل رسالة للروس بأن الوطن العربي وسوريا خارج نفوذكم، وبالطبع على سوريا الجديدة تسليح نفسها من الغرب.

نتمنى أن نرى سوريا الحبيبة عروس الشام وقد عادت الدولة المدنية الجميلة بلد الثقافة والعلم والفكر والتاريخ العريق والفنون، بلد الإسلام الذي يحتضن كل الطوائف والأقليات فى محبة وتعاون ومساواة كما كانت قبل 55 عامًا من الطائفية، شعب سوريا العظيم المحب لمصر ولأمته العربية يستحق أفضل من هذا بكثير، وهو قادر على بناء بلده وتنميتها؛ لتعود إضافة للوطن العربى.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
حكم "الدستورية" وملف الإيجارات القديمة

لسنوات طويلة ظلت مشكلة العلاقة بين الملاك والمستأجرين للوحدات السكنية وفق ما يسمى عرفا قانون الإيجارات القديمة بدون حل جذري، ورغم تصدر الحكومات المختلفة

الأسعار والتعليم في حوار الرئيس

كعادة الحوار مع الرئيس السيسي جاءت كلماته وإجاباته - في حواره مع الإعلامي أسامة كمال - عفوية تلقائية تعبر عن مصداقية وبساطة في التواصل مع المصريين، وتؤكد

مافيا الأدوية تبتز المصريين

لا يختلف أحد على أهمية توافر جميع الأدوية في الأسواق، وأن تختفى ظاهرة نقص بعض الأدوية المهمة، ولاسيما التي ليس لها بديل، بسبب توقف الشركات عن إنتاجها؛