Close ad

قلعة صناعية جديدة على ضفاف القناة.. «القنطرة غرب» مستقبل صناعة النسيج

14-12-2024 | 19:33
قلعة صناعية جديدة على ضفاف القناة ;القنطرة غرب; مستقبل صناعة النسيجصورة أرشيفية
سلوى سيد
الأهرام العربي نقلاً عن

منطقة «القنطرة غرب الصناعية» التابعة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، اسم تردد كثيرا خلال الأشهر القليلة الماضية بين رواد وقادة الأعمال بقطاعات الغزل والنسيج، والملابس الجاهزة بعدما نجحت فى جذب استثمارات كبيرة من داخل مصر ومناطق متفرقة من العالم وفى طليعتها الصين وتركيا، بعضها لعلامات تجارية عالمية شهيرة وجدت فيما تتمتع به «القنطرة غرب» من مقومات جغرافية وصناعية متميزة فرصة لتدشين مصانع تكون بمثابة قاعدة انطلاق لتصدير منتجاتها لأوروبا وإفريقيا وآسيا.

«الأهرام العربي» رصدت كيف نسجت الحكومة المصرية ممثلة فى الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس قصة نجاح رائعة على مدار السنوات العشرة الماضية، وتمكنت من تحويلها إلى قلعة صناعية كبرى، تتوافر بها بنية تحتية متميزة وفقا لأحدث المواصفات العالمية وتوفر فرص عمل للآلاف من المصريين.

تقع المنطقة الصناعية "غرب القنطرة" ضمن إقليم قناة السويس على الطريق الرابط بين الإسماعيلية وبورسعيد، وهو موقع إستراتيجى فريد يجعل دخول المواد الخام إليها وتصدير منتجاتها عبر قناة السويس لأنحاء العالم متاحا أمام الشركات بسهولة ويسر، ناهيك عن ما تتمتع به المنطقة من بنية تحتية وتوافر العمالة المدربة من أبناء محافظات السويس والإسماعيلية وبورسعيد والشرقية، وكذلك سهولة توافر سبل المعيشة للعاملين من منتجات زراعية وغذائية ومراكز تجارية وفروع للبنوك ورعاية صحية، وغيرها من متطلبات نجاح الأعمال بالمنطقة، حيث عملت الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس على خلق مجتمع متكامل داخل تلك المنطقة على مدار السنوات الماضية بالتعاون مع مؤسسات الدولة المختلفة، ويؤكد وليد جمال الدين، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، أن "القنطرة غرب الصناعية" تتمتع بميزاتٍ تنافسية متنوعة، تتمثل فى توافر العمالة الفنية المدربة والمواد الخام، ما يؤهلها لأن تصبح قلعة صناعية عالمية فى مجال صناعة المنسوجات والملابس الجاهزة، بالإضافة للتكامل مع موانئ الهيئة والاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة والدولية، التى تحقق النفاذية الكاملة لنحو مليارى مستهلك حول العالم، منوها إلى أن هذا المشروع يعكس نجاح الشراكة المتواصلة مع القطاع الخاص، ويمثل ترجمةً مباشرة للجهود الترويجية التى قامت بها الهيئة خلال الفترة الماضية والتى استهدفت جذب الاستثمارات من كبرى الشركات العالمية فى القطاعات المستهدف توطينها بإستراتيجية الهيئة.

مزايا متعددة

وفقا للمخطط العام لمنطقة القنطرة غرب الصناعية فإن المستهدف من هذا المشروع العملاق أن يكون مركزا لمجمعات الشركات الصغيرة والمتوسطة والخدمات المساندة للصناعات، والخدمات اللوجستية ذات الصلة بالميناء والمنسوجات والملابس الجاهزة والأعمال الزراعية، إلى جانب الصناعات المغذية والمتكاملة والصناعات الخفيفة وصناعة المشروبات والأغذية. ويرى الخبير الاقتصادى الدكتور بلال شعيب إن من أهم مميزات منطقة القنطرة غرب، موقعها الإستراتيجى بالقرب من قناة السويس التى تتحكم فى حوالى 12% من حجم التجارة العالمية، مما يسهل الوصول إلى الأسواق الدولية وتقليل تكاليف النقل والشحن.

وأضاف أن توافر المواد الخام خاصة القطن طويل التيلة، فضلاً عن أن هذه المنطقة بها بنية تحتية قوية جداً من طرق تربطها بجميع المحافظات، وكذلك العمالة المصرية المدربة من المحافظات القريبة سواء الإسماعيلية أو الشرقية أو غيرها من المحافظات كثيفة السكان، باعتبار صناعة النسيج من الصناعات كثيفة العمالة.

وأوضح الدكتور بلال شعيب، أن الدولة المصرية قدمت العديد من حوافز الاستثمار؛ لأنها تعتبر أن صناعة الغزل والنسيج من الصناعات الإستراتيجية ومن القطاعات التى تعول عليها الدولة آمالا كبيرة جداً للمساهمة فى الوصول إلى مستهدف الدولة بوصول الصادرات المصرية إلى أكثر من 100 مليار دولار سنويا.

وأشار إلى أن مصر لديها فرصة كبيرة للمنافسة عالمياً فى هذه الصناعة بفضل ما تمتلكه من مميزات وتاريخ طويل من الجودة يؤهلها لهذه المكانة، لافتاً أن مصر تصدر نسيج وملابس جاهزة سنوياً بنحو 3 مليارات دولار مقارنة بتركيا مثلاً التى تصدر بنحو 30 مليار دولار سنوياً، وبنجلاديش بنحو 20 مليار دولار، وماليزيا 20 مليار دولار أيضاً، وذلك يعنى أن مصر لديها إمكانية لزيادة حصتها السوقية والعالمية فى هذا القطاع.

كما أكد الدكتور بلال شعيب، أن نجاح عملية التصدير سيكون مدعوماً بموقع القنطرة غرب التى تقع بالقرب من المنافذ الدولية لبيع المنتجات خاصة فى أوروبا، بالإضافة إلى كونها بوابة الدخول للسوق الإفريقي، وبالتالى الموقع الجغرافى يمنحها ميزة تنافسية، ويأتى هذا إلى جانب الاستفادة من دخول مصر إلى مجموعة البريكس.

وتوقع الدكتور بلال شعيب أن تكون صناعة الغزل والنسيج هى قاطرة النمو للاقتصاد المصرى فى السنوات القليلة المقبلة، ويساعد فى ذلك أيضاً التسهيلات التمويلية من خلال الاستفادة من مبادرة البنك المركزى لتمويل المشروعات الصغيرة بسعر فائدة مخفض يصل إلى 5% فقط، بالإضافة إلى التسهيلات الضريبية والجمركية الأخرى.

الموقع الجغرافى
تشمل المرحلة الأولى لمنطقة القنطرة غرب الصناعية تدشين 11 مشروعاً، فى مجالات عدة تتضمن، المنسوجات والأقمشة، والغزل والنسيج، والملابس الجاهزة، والأجهزة الطبية، والملابس الرياضية، بإجمالى مساحة 1.44 مليون م2، باستثمارات تصل إلى 1.07 مليار دولار، وتوفر أكثر من 20 ألف فرصة عمل، ويؤكد الخبير الاقتصادى الدكتور سيد خضر إن الموقع الجغرافى للقنطرة غرب "كلمة السر" وراء اختيارها لتكون قلعة لصناعة النسيج فى مصر ومنطقة الشرق الأوسط خلال السنوات المقبلة، وذلك بالتماشى مع تطوير منطقة قناة السويس ككل لجعلها منطقة لوجستية متكاملة.

وأضاف أن مصر بحاجة إلى تطوير صناعة الغزل والنسيج، فقبل سنوات طويلة كانت المحلة الكبرى من أهم المناطق الصناعية فى تلك الصناعة، وبالتالى فمصر لديها الخبرات والكفاءات التى تمكنها من العودة بقوة لإحياء تلك الصناعة.

وأكد أن هذا التوجه يتماشى أيضاً مع رؤية الدولة لتوطين الصناعات الإستراتيجية، وإحياء الصناعات التى واجهت تعثراً خلال السنوات الماضية، مثل ما أعلن أيضاً عن توطين صناعة السيارات بإحياء شركة النصر للسيارات.

أشار الدكتور سيد خضر إلى أن مصر تريد أن تكون بوابة الاستثمارات فى القارة الإفريقية، بما ينعكس على مزيد من الإنعاش للاقتصاد المصرى وتوفير فرص العمل للشباب.

ولفت النظر إلى أن الدولة توفر تسهيلات استثمارية من خلال تقديم العديد من الحوافز فى مجال الصناعة مثل الإعفاءات الضريبية، وتسهيلات إدارية.

فى ظل التوترات والصراعات التى تعيشها المنطقة، يرى خضر أنه يجب على مصر أن تدعم زيادة القدرة الإنتاجية وعودة شعار "صنع فى مصر"، بدعم كافة المناطق المحيطة بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.

وشدد الدكتور سيد خضر، على ضرورة دعم والتوسع فى زراعة القطن خلال الفترة القادمة لتوفير المواد الخام الأساسية لصناعة الغزل والنسيج من خلال مكونات محلية بدلاً من الاستيراد الذى يكلف الدولة عملة صعبة.

منطقة حيوية
شهدت منطقة القنطرة غرب الصناعية تطور ملحوظ خلال السنوات الماضية بدعم وتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية، وأصبحت واحدة من أهم المناطق الاقتصادية المتكاملة ليس فى مصر بل على مستوى الشرق الأوسط من خلال تطوير البنية التحتية والمرافق، والحرص على وجود قطاعات صناعية تحتوى على الصناعات المكملة والمغذية، وهو ما يشير إلية الدكتور عز الدين حسانين الخبير الاقتصادى مؤكدا أن القنطرة غرب الصناعية منطقة حيوية تزخر بالأعمال التجارية وتطورت لتصبح مركزاً تجارياً بين محافظات منطقة القناة بكل ما تتمتع به من مزايا تجارية ومحافظات الدلتا بكل ما تتميز به من أراض زراعية، وهو ما يجعل منها منطقة صناعية نموذجية، تتمتع أيضا بأماكن لوجستية مناسبة للتخزين والنقل والشحن والتفريغ والتعبئة، وبالتالى هى منطقة مؤهلة لتكون مركزاً صناعياً ولوجستياً كبيراً وأن توفر مزيدا من فرص العمل فى المستقبل القريب.

أضاف الدكتور عز الدين قائلا: مصر بلا شك تستطيع أن تكون منافسا عالميا قويا فى مجال المنسوجات والصناعات القطنية والسبب يعود إلى السمعة التاريخية للقطن المصرى عالى الجودة، وتوافر العمالة الماهرة المدربة عبر السنين وتوارثها الأجيال المتعاقبة، والتسهيلات الحكومية المقدمة لهذه الصناعة واهتمام القيادة السياسية والحكومة بأن تكون مصر كما كانت قلعة لصناعة المنسوجات القطنية والنسيج بصفة عامة وتطوير مصنع الغزل والنسيج بالمحلة ليكون أحد أهم قلاع الصناعة النسيجية والقطنية فى العالم، والقطن المصرى المميز والأراضى الخصبة والخبرة الطويلة فى زراعات القطن طويل وقصير التيلة يجعل مصر من أهم موردى القطن وصناعة النسيج، فالفرص المتاحة أمام مصر كبيرة من خلال الاتفاقيات الدولية مثل الكويز على سبيل المثال، بالإضافة إلى الطلب المتزايد عالمياً على المنتجات القطنية المصرية التى تتمتع بسمعة عالمية بالجودة والسعر، والتحول التكنولوجى لمصر والرقمنة يساعد فى تحقيق الأهداف المنشودة.

الإنتاجية والجودة

أوضح الدكتور عز الدين حسانين الخبير الاقتصادى أن الصناعات النسيجية المصرية تسهم بنسبة 3% من الناتج المحلى الإجمالى ونسبة العاملون بها تقريباً 25% من إجمالى العمالة، وتوفر أكثر من 20% من فرص العمل التى يوفرها القطاع الصناعى إجمالاً، ولا شك أن هناك تحديات أمام هذه الصناعة مثل المنافسة الكبيرة من الصين والهند وبنجلاديش وهم من أكبر منتجى المنسوجات وتصديرها فى العديد من الأسواق العالمية، والصين وحدها تستحوذ على 24% من إنتاج القطن عالمياً، تليها الهند 23%، ثم البرازيل 13% والولايات المتحدة الأمريكية 11% ثم باكستان 6% من الإنتاج العالمي، كما تستحوذ الصناعات النسيجية فى الصين ما نسبته 40% من حجم صادرات الصين سنوياً، فالسوق العالمى لصناعات النسيج والأقطان كبير؛ بسبب الزيادات السكانية العالمية، والتغيرات المستمرة فى الأنماط الاستهلاكية مثل زيادة الوعى بالموضة والرغبة فى المنتجات المبتكرة، والتطور المستمر فى الميكنة والتدريب للعمالة على كل ما هو جديد فى مجال الصناعة النسيجية، فهى صناعة كثيفة رأس المال وكثيفة العمالة وتحتاج إلى دعم حكومى قوى فى تيسير إنشاء وإقامة العديد من المصانع ومشاركة القطاع الخاص.

ولفت النظر إلى أنه بسبب أن منطقة القنطرة غرب قريبة من الأماكن اللوجستية والموانئ الكبرى، ووجود اتفاقيات دولية ومناطق حرة بين مصر والعديد من دول العالم، خصوصا فى إفريقيا وجنوب شرق آسيا ،وبعض دول الكتلة الشرقية تستطيع الوصول بالصادرات المصرية فى قطاع المنسوجات إلى العالمية، وتحقيق وفرة من العملات الأجنبية. منوها إلى أن السوق العالمى كبير والإنتاج العالمى من الصناعات النسيجية تقريباً 200 مليار دولار، ومساهمة الصادرات المصرية لا تتجاوز 3% من حجم التجارة العالمية فى هذا المجال المتنامى سنوياً، وبالتالى الفرصة متاحة للدخول إلى هذه الأسواق وتحقيق مستهدفات تصديرية كبيرة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: