قد يبدو اسم فيلم "البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو" غريبًا بعض الشيء، لكن مع مشاهدته في دار العرض والتمعن في ما يحاول مؤلفه "محمد الحسيني" ومخرجه خالد منصور أن يقدمانه لنا من رسائل مهمة تجعلنا نصفق لمن وضع الاسم، ومن أدخلنا في تلك الحالة السينمائية الممتعة عن الحارة المصرية، والبيوت، والتأكيد على أن الحيوانات خلقت لتعيش بيننا ونستأنس بها، وتمنحنا في كثير من الأحيان بهجة الرفق.
الفيلم عن شخصية شاب يدعى "حسن"، يقوم بدوره الممثل الموهوب عصام عمر، يعيش مع والدته في شقة متواضعة بصحبة كلبه، وهو صديقه الوحيد، بعد أن تركهما الأب دون أن يعرفا مصيرًا له، ومع ضغوط صاحب المنزل لطردهم من تلك الشقة رغبة فى توسعة ورشته يتورط "حسن" فى أزمة بسبب دفاع الكلب عنه، وإصابته لصاحب المنزل إصابة بالغة يصر على أثرها صاحب المنزل قتل الكلب.
وبدون "الكلب" الذي يحمل اسم "رامبو" لم يكن لتلك القصة، ولا ذلك الفيلم الممتع وجود، فالفكرة هي في الأساس مبنية على هذا "الرامبو" الذي يتضح للمتابع أنه محرك كل الأحداث، وهو القضية وصاحب القضية، وهو من يمتلك قرار بطل الفيلم يتحرك بناء على فكرة رسمها المؤلف وهي حماية الكلب والبحث له عن منفذ للخروج بعيدًا عن سطوة صاحب الورشة الذي أصابه الكلب في موضع ذكورته.
ويمكن القول بأن فيلم "السيد رامبو"، جواز مرور كل من شاركوا فيه، لأسباب مهمة، فالفيلم الذي عرض في الدورة الرابعة لمهرجان البحر الأحمر السينمائي عرضًا عربيًا أول بعد أن عرض في مهرجانات دولية، يعيدنًا إلى ما كنا دائمًا نردده، بأن الأفلام الأولى للمخرجين الجدد بها سحر خاص، فالمخرج خالد منصور يقدم نفسه في أول عمل روائي طويل بعد سلسلة من الأفلام القصيرة تسجيلية ووثائقية، فيدخل به تحديًا، وقد نجح فيه؛ لأنه صنع حالة مختلفة لم تكن لتصنع دون رغبة واجتهاد وتعب وإصرار من كل صناعه على أنهم يدخلون مغامرة أن نكون أو لا نكون بعمل سينمائي مميز.
حافظ المخرج على بيئة لم تسقط خيوطها الرئيسية منه طوال الأحداث، حارة، شارع، شخصيات، موسيقى، تصوير، مونتاج، كل تلك العناصر كانت في خدمة السيد رامبو، حتى أبطال الفيلم الشخصيات التي أبهرتنا أمثال ركين سعد، وأحمد بهاء، وسما إبراهيم، والمنتجان محمد حفظي، ورشا حسني، شخوص امتلكوا شغف الحكاية فقدموها للمشاهد بشكل ممتع، دونما النظر بالطبع إلى شباك التذاكر، وكيف أن كلبًا سيكون محور أحداث فيلم، لكن المشاهد سيكتشف أنه أمام عمل سينمائي مصري ممتع.
قصة لم تقدمها السينما المصرية بتلك الطريقة، قدمت السينما ارتباط شاب بمعزة، فى فيلم "علي معزة وإبراهيم" في عام 2016 للمخرج شريف البنداري، وكان أيضًا تجربة خاصة، لكن هنا الحكايات عن تلك الروح التي تدفعك وأنت تشاهد فيلمًا محور الحكاية فيه كلب، تطرح على نفسك عشرات الأسئلة، أهمها، كيف نجح المخرج فى أن يجعل كلبًا مطيعًا، يمثل، يسمع ويرى ويتألم، ويرقص أحيانًا، ما الحكمة في تلك العلاقة الإنسانية بين شاب غير قادر على مزج مشاعره مع فتاة يبادلها نفس الشعور، لكنه يبادل كلبًا مشاعر وحب كبيرين؛ لأنه يرى فيه مالا يراه في الإنسان، إنها الصداقة غير المبنية على المصلحة.