سماء ملبدة بالغيوم، أمطار غزيرة تغرق الشوارع، ألسنة البرق تشق طريقها إلى أفق البحر، وشوارع الإسكندرية تخلو من المارة؛ الذين قرروا الاحتماء داخل منازلهم من ذلك الطقس المضطرب الذي يصاحب «نوّة قاسم».
موضوعات مقترحة
لماذا سميت «نوّة قاسم» بهذا الاسم؟
على اسم صياد غرق في رحلة صيد أُطلق اسم «قاسم» على «أعنف نوّات» الإسكندرية، «غضب الطقس» في ذلك التوقيت الزمني المتكرر في الأسبوع الأول من ديسمبر، كان يعد مصدر خوف لبعض مواطني الإسكندرية، بعد أن تسببت الرياح الشديدة ومياه الأمطار الغزيرة في هدم بعض منازل المدينة الساحلية.
ظل هذا الوضع المرعب يتكرر لسنوات طوال، إلا أن تحولًا حدث هذا العام، أعاد إلى شوارع الإسكندرية سكانها ومركباتها خلال النوّات، فلم تغرق الشوارع في مياه الأمطار كالمعتاد.
سر عدم غرق شوارع الإسكندرية في مياه الأمطار.
كلمة السر في هذا التحول هو مشروع «الإستراتيجية المتكاملة لإدارة مياه الأمطار»، ذلك المشروع القومي الذي جعل الإسكندرية تعيش للمرة الأولى شتاءَ آمنًا دون مشاهد الغرق التي اعتادها السكندريون خلال فترة النوّات.
يعتمد مشروع «الإستراتيجية المتكاملة لإدارة مياه الأمطار» على فصل مياه الأمطار عن شبكة الصرف الصحي؛ بهدف إعادة استخدامها واستغلالها الاستغلال الأمثل.
وخلال موسم الأمطار الحالي، لم تسبب النوّات العنيفة التي ضربت المدينة الساحلية، بداية من رياح «الصليب» و«المكنسة» و«باقي المكنسة» وأخيرًا نوة «قاسم» أي تجمعات للمياه في شوارع المدينة؛ كما كان معتادًا خلال السنوات الماضية؛ ليعلن مشروع «الإستراتيجية المتكاملة لإدارة مياه الأمطار» نجاحه في أول اختبار حقيقي على أرض الواقع.
حلم عدم غرق شوارع الإسكندرية أثناء النوّات
«شوارع مش غرقانة في مياه المطر لما الدنيا بتشتي.. دا حلم» بفرح يتحدث محمد عبد الله من مواطني الإسكندرية إلى «بوابة الأهرام»، موضحا أن اختفاء مشاهد غرق الشوارع وتجمعات المياه كان حلمًا؛ حيث كان تتسبب النوات في تعطل مصالحهم، وغرق المحلات التجارية والمنازل في الكثير من الأوقات.
وأشاد عبدالله بمشروع الإستراتيجية المتكاملة لمياه الأمطار، مؤكدا فعالية المشروع خاصة على طريق الكورنيش وفي شارع أبو قير؛ حيث كانت تلك المناطق الأكثر تضررا من أمطار النوات.
أهم مشروع في الإسكندرية
سيد سعيد، أحد قاطني منطقة لوران، وصف لـ«بوابة الأهرام» وضع الشوارع مع أمطار النوات الشديدة، قائلا: «في كل عام كان طريق أبو قير الرئيسي مع تقاطع شارع الإقبال يتحول إلى بحيرة كبيرة من المياه تتوقف عندها الحياة لساعات».
وأكد سيد سعيد أن هذا العام لم يحدث هذا الغرق، ولم تتحول الشوارع إلى بحيرة من المياه، وذلك للمرة الأولى، مشيدا بمشروع «الإستراتيجية المتكاملة لمياه الأمطار» الذي وصفه بـ«أهم مشروع في الإسكندرية».
الإستراتيجية المتكاملة لمياه الأمطار
الفريق أحمد خالد محافظ الإسكندرية، قال إن مشروع الإستراتيجية يعتمد على تنفيذ 9 مشروعات ذات أولوية بتكلفة تقديرية بلغت 750 مليون جنيه.
وأوضح المحافظ، في بيان سابق، أن هذه المناطق هي أمام مكتبة الإسكندرية، ومنطقة كليوباترا وشارعي شعراوي ولوران، كمرحلة أولى، وكذلك مناطق شارعي محمد نجيب والنقل والهندسة وميدان فيكتور عمانويل، كمرحلة ثانية.
ومن المخطط له أن تتضمن المرحلة الثالثة مناطق شارعي قنال السويس وعمر لطفي ودوران الصوفان.
أهداف مشروع الاستراتيجية المتكاملة لمياه الأمطار
وأشار سعيد، إلى أن هذه المشروعات تهدف إلى فصل شبكة مياه الأمطار عن شبكات الصرف الصحي؛ لمواجهة التغيرات المناخية، وكثافة مياه الأمطار على محافظة الإسكندرية، لتخفيف العبء عن شبكات الصرف الصحي وإعادة استخدام مياه الأمطار والاستفادة منها.
وانتهت محافظة الإسكندرية من 3 مشروعات ضمن أعمال المرحلة الأولى، أمام مكتبة الإسكندرية في منطقة الشاطبي، وشارع الدلتا في سبورتنج، وشارع شعراوي.
ويجري العمل على تنفيذ ثلاثة مشروعات أخرى، ضمن أعمال المرحلة الثانية من المشروعات ذات الأولوية، في شارع محمد نجيب بمنطقة سيدي بشر، وميدان فيكتور عمانويل، وشارع النقل والهندسة بمنطقة سموحة.
وأشار المحافظ إلى أن المشروع أثبت فاعلية كبير في حماية المناطق المنفذ بها من الغرق خلال فترة النوّات.
محاكاة للنوّات الشديدة
يأتي تنفيذ هذا المشروع الضخم بالتزامن مع استعدادات تتخذها شركة الصرف الصحي بالإسكندرية لموسم الأمطار؛ حيث تنفذ الشركة محاكيات للنوّات الشديدة داخل الأنفاق والمناطق الساخنة في المدينة؛ تجرى فجرًا؛ حتى لا تؤثر على حركة المرور، وتهدف إلى اختبار تعامل الأجهزة المختلفة مع النوّات غزيرة الأمطار.
كما يتواصل العمل بشكل مستمر في عمليات تطهير البيارات وشنايش الأمطار لزيادة قدراتها الاستيعابية، بهدف ضمان كفاءة المحطات، واستدامة تقديم الخدمات، فضلا عن متابعة الحالة الفنية للمحطات.