في كل يوم يمر على حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال على الشعب الفلسطيني في غزة تتكشف أبعاد جديدة لهذه المأساة الإنسانية المروعة التي لم تعرف لها البشرية مثيلا، فقد أعلنت صحة غزة قبل أيام أن فرقها الطبية رصدت ظاهرة تبخر أجساد الشهداء جراء استخدام قوات الاحتلال أسلحة غامضة تتسبب في إذابة الحجر والبشر في دقائق معدودة، وقد رصدوا اختفاء أجساد الضحايا تحت ركام العديد من المنازل والمنشآت التي كانت تأوي عائلات، وتم استهدافها بهذه الأسلحة.
وللأسف يجري تنفيذ هذه المحرقة على مسمع ومرأى العالم دون أن تحرك له ساكنًا، بعد تأكد عجز المنظمات الدولية عن ردع هذا الكيان المجرم الذي تقوده عصابة متطرفة تعمل بشكل ممنهج على إبادة غزة وتصفية القضية الفلسطينية، بعد فشلهم في تنفيذ مخطط التهجير.
حديث الإبادة لم يعد سرًا أو مخططًا يجري في الغرف المغلقة، بل صار نهجًا معلنًا يتداوله قادة هذا الكيان، بل وضعوا خطة سميت بخطة "الجنرالات"؛ وهي تقوم على الإبادة واحتلال القطاع وإقامة مستوطنات به، وبالتالي إجهاض فكرة إقامة دولة فلسطينية في ضوء هذه الخطة الإجرامية.
جريمة تبخير الأجساد لم تكن الجريمة الوحيدة التي تمارسها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني؛ فالتجويع الممنهج، والتدمير المخطط، وضرب المستشفيات والمخابز والطرق والمدارس، كلها عمليات إجرامية تستهدف تحويل القطاع إلى مكان غير قابل للحياة.
المؤكد أن ما يحدث في غزة جريمة مكتملة الأركان، والسكوت عنها أيضًا أشد جرمًا، ولن يغفرها التاريخ، فقد مارست إسرائيل كل أنواع الجرائم التي لم تعرفها البشرية من قبل؛ حيث تشير التقديرات إلى أنها ألقت ١٥٠ ألف طن متفجرات، وقامت بنحو ٢٥٠ ألف غارة على قطاع غزة، بينما بلغت أعداد جثامين الشهداء التي تبخرت ما يقارب 7820 جثمانًا لم تسجل بياناتهم لدى وزارة الصحة، بسبب أن جثامينهم لم تصل للمستشفيات، وأذابتها صواريخ الاحتلال وقنابله، حيث ترجع مسببات التبخر لاستخدام الاحتلال أنواعًا من الصواريخ والقنابل تنبعث منها وقت الانفجار درجة حرارة تتراوح ما بين 7 آلاف إلى 9 آلاف درجة مئوية.
ومن المفارقات أن هذه الأسلحة الفتاكة تسلمها الكيان المحتل من أمريكا التي تعلم مخاطرها، وعلى دراية كاملة بنتائجها المميتة، بل أصبحت حائط صد للدفاع عن إسرائيل وحمايتها من أي إدانة دولية، بل إن الإدارة الأمريكية في موقع أكثر تطرفًا من إسرائيليين أمثال موشيه يلعون وزير الدفاع السابق، الذي اتهم حكومة نتنياهو قبل أيام بممارسة التطهير العرقي في غزة.
أن إسرائيل وأمريكا شركاء في هذه الجرائم التي ترتكب ضد الشعب الفلسطيني، والتي تجاوزت كل الخطوط الحمراء، حتى وصلت إلى تبخير الأجساد؛ لإخفاء هذه الجرائم التي لن تختفي، وسوف يأتي اليوم حتمًا الذي تُرد فيه المظالم ويندحر هذا الاحتلال الإجرامي عن أرض فلسطين
[email protected]