في الوقت الذي يبدو فيه أن البروتينات تحتل مكانة ذات أولوية في النظام الغذائي، هناك خطر نسيان عنصر غذائي أساسي للصحة، وهو الألياف . وهذا ما دفع العديد من الخبراء إلى التحذير من التأثير السلبي لانخفاض تناول الألياف على الصحة، وربطه بمشاكل مثل مرض السكري من النوع الثاني ، وأمراض القلب ، وسرطان القولون .
موضوعات مقترحة
إلى جانب فوائدها لعملية الهضم، تشير الدراسات الأحدث إلى أن الألياف قد تلعب أيضًا دورًا مهمًا للصحة العقلية، وتحديدًا منع الاكتئاب وتحسين الوظيفة الإدراكية لدى كبار السن.
صحة الأمعاء: ما بعد الهضم
لقد تطورت وجهة النظر حول دور الألياف في صحة الأمعاء. تاريخياً كان يعرف باسم " العلف " وكانت وظيفته الأساسية تتعلق بانتظام الأمعاء . أوضحت أخصائية التغذية في المملكة المتحدة والمتحدثة باسم جمعية الحمية البريطانية بريا تيو ، أن “الألياف غير القابلة للذوبان تساعد على دفع الطعام عبر الجسم، بينما تساعد الألياف القابلة للذوبان على امتصاص الماء، مما يسهل مروره”.
تعمل الألياف كغذاء رئيسي لميكروبيوم الأمعاء، وهو مجتمع مكون من تريليونات من الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش في الأمعاء وهي مفتاح الصحة الجيدة. وتوضح الدكتورة إيميلي ليمينج ، أخصائية التغذية، لصحيفة التلجراف أن هذه الكائنات الحية الدقيقة تنتج أحماض دهنية قصيرة السلسلة عند هضم الألياف، والتي لها تأثير قوي مضاد للالتهابات يمتد إلى أعضاء مثل القلب والدماغ والرئتين.
تؤكد دراسة أجريت في King's College London ونشرت في المجلة العلمية Nature Communications أن الاستهلاك اليومي لمكملات الألياف يمكن أن يغير بشكل إيجابي تكوين الميكروبيوم ويزيد من وجود البكتيريا المفيدة مثل Bifidobacterium ، التي تعزز صحة الأمعاء وعامة.
العلاقة بين الألياف والصحة العقلية
إن العلاقة بين استهلاك الألياف والصحة العقلية تجتذب اهتمام الخبراء بشكل متزايد. ذكرت الدكتورة إميلي ليمنج في مقابلة مع صحيفة الديلي ميل البريطانية ،أن كل 5 جرامات إضافية من الألياف يتم استهلاكها ترتبط بانخفاض خطر الإصابة بالاكتئاب بنسبة 5٪ . وهذا يعادل حصة من الفاصوليا أو بضعة أوقيات من الشوكولاتة الداكنة التي تحتوي على أكثر من 70% من الكاكاو. ويمكن تفسير هذه العلاقة جزئيًا بتأثيرات الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة على الجهاز العصبي، والتي ينتجها الميكروبيوم عند هضم الألياف.
علاوة على ذلك، وجدت الدراسة التي أجرتها الدكتورة ماري ني لوتشلين من جامعة كينجز كوليدج في لندن ، والتي نُشرت أيضًا في مجلة Nature، أن استهلاك الألياف يحسن الذاكرة والوظيفة الإدراكية لدى كبار السن. وفي اختبار أُجري على أزواج توائم تزيد أعمارهم عن 60 عامًا، أظهر أولئك الذين تلقوا مكملات الألياف نتائج أفضل في اختبارات الذاكرة المرتبطة بالعلامات المبكرة لمرض الزهايمر مقارنة بأولئك الذين تلقوا علاجًا وهميًا.
ولذلك، فإن زيادة تناول الألياف هو وسيلة فعالة لتحسين الصحة البدنية والعقلية. توضح الدكتورة فيديريكا أماتي، أخصائية التغذية، لصحيفة ديلي ميل أنه من المستحسن زيادة الألياف شيئًا فشيئًا للسماح للجسم بالتأقلم، لأنه إذا تمت زيادتها فجأة، فقد تتعرض للانتفاخ والغازات.
ولابد أن نتناول الألياف من مصادر مختلفة، إذ تقدم كل فاكهة وخضروات مزيجا فريدا من الألياف التي تغذي أنواعا مختلفة من البكتيريا الموجودة في الميكروبيوم.