كشفت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية في تقرير موسع لها أن "الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الخارجي الأمريكية، طورت منظومة أقمار صناعية يطلق عليها "محطة الرصد الجغرافية الممتدة"، وتعرف اختصاراً بـ"جيوكسو"، وهي عبارة عن سلسلة جديدة من الأقمار الصناعية، التي لن تسهم في تحسين زمن الاستعداد والجاهزية لمواجهة الكوارث فحسب، بل ستولد أيضاً مكاسب ضخمة اجتماعياً واقتصادياً.
موضوعات مقترحة
وقد عكفت الإدارة الأمريكية الرائدة عالمياً في توقعات الطقس والمناخ ومراقبة البيئة على كوكب الأرض، على تطوير جيل تالي من الأقمار الصناعية المخصصة للتوقعات المناخية وأحوال الطقس، مزودة بتكنولوجيات توقع معززة ومتطورة لجلب توقعات مستقبل الطقس حتى خمسينيات القرن الحالي.
وتقول المجلة الأمريكية إن تصاعد الكوارث التي شهدتها الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة دفعت الإدارة إلى تطوير منظوماتها الجديدة من الأقمار الصناعية، لافتة إلى أن العام الماضي سجل تصاعداً هائلاً في الكوراث الطبيعية التي بلغ عددها 28 كارثة، ونجم عنها خسائر فادحة قدرت بنحو مليار دولار على الأقل لكل كارثة، بإجمالي تجاوز 28 مليار دولار، بينما كان متوسط الكوارث سنوياً في العقد الأول من الألفية الحالية لا يتجاوز 3 كوارث سنوياً، وفق تقارير الإدارة.
وتشير إلى أن دوامة الكوارث الطبيعية لازالت قوية ومدمرة حتى في عام 2024، حيث ضربت العواصف المدمرة جنوب الولايات المتحدة، بينما هبت الأعاصير الشديدة على غربي وسط البلاد، وتعرض غربي ولاية كارولينا الشمالية لفيضانات تاريخية غير مسبوقة لم تشهدها من قبل. وكبدت الكوارث المناخية والطبيعية التجمعات الأمريكية على طول البلاد وعرضها، خسائر فادحة وأضراراً هائلة في ألأرواح والممتلكات بوتيرة متسارعة غير مسبوقة.
لكن لحسن الحظ، ستلعب التكنولوجيات المبتكرة المتطورة دوراً حيوياً في مساعدة الولايات المتحدة في تقليل تأثيرات كوارث الطقس والمناخ الحرجة، حسبما أكدت "بوليتيكو"، التي أشارت إلى أنه منذ أكثر من 50 عاماً، والأقمار الصناعية المخصصة لرصد الطقس والمناخ لعبت دوراً رئيساً في تحسين دقة التوقعات المناخية والبيانات المتعلقة بها.
وبينت أن منظومة أقمار صناعية "جيوكسو"، التي طورتها الإدارة " الأمريكية ، لتحل محل المنظومة الراهنة التي يطلق عليها "جيوس-آر"، ستضيف قياسات قوية جديدة للغلاف الجوي للأرض والمحيطات. وقد اختيرت شركة "باي سيستمز" لتطوير ثلاث من خمس أجهزة تتضمنها أقمار "جيوكسو": "تركيبة الغلاف الجوي: (إيه سي إكس)، و"لون المحيط" (أو سي إكس)، و"صوتيات جيوكسو" (جي إكس إس). تتسم تلك الأجهزة بسهولة التعرف على إمكاناتها وذات مكونات معروفة للغاية، بما يسمح لها جمع بيانات أكثر وأدق من الأجهزة السابقة. كما أن بوسعها تقدم قياسات كل ساعة أو ساعتين، ما يحسن من نماذج توقعات الطقس والمناخ، ويعمل على زيادة دقة التحذيرات والتنبيهات ذات الصلة بالتغيرات في الطقس، وجودة الهواء، مدى تكون الطحالب الضارة على سطح المحيطات.
ينظر إلى النظام الجديد للأقمار الصناعية بعين الاعتبار والاهتمام، في ضوء عدد وكلفة الكوارث والأحداث المروعة التي خلفتها الأعاصير والعواصف والفيضانات خلال العقود الأربعة الماضية. وتقول "بوليتيكو" إن أقمار "جيوكسو" سوف تزود "الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الخارجي" بالبيانات الداعمة لمهامها لحماية المجتمعات والاقتصادات، وبما يتيح للأمريكيين فرصة أكبر للاستعداد والجاهزية لمواجهة الأعداد المتزايدة من الكوراث الطبيعية، وفي نهاية المطاف تعمل على المساعدة على الحفاظ على الأرواح والممتلكات.
إلى جانب ذلك، فإن "جيوكسو" ستساعد على حماية صحة البشر، كما أن زيادة استعدادهم وجاهزيتهم لاستقبال الكوارث سوف يوفر مليارات الدولارات على مدار عمر تقنيات المنظومة التقنية. كما أن الدقة العالية لبيانات الرصد، التي تجمعها الأقمار الصناعية والأجهزة المرتبطة بها حول الغلاف الجوي للأرض والمحيطات، تعد من الأمور الجوهرية لتخفيف الآثار ذات مستويات الخطورة العالية التي تهدد أمن الأمة ومستوى معيشتها.
وتستعرض المجلة المنافع الاقتصادية واسعة النطاق بفضل استخدام منظومة الأقمار الصناعية "جيوكسو"، حيث ستوفر بيانات رصد عالية الدقة في أزمنة قصيرة ومتواترة. فعلى صعيد الأجهزة المتطورة الثلاث الملحقة بها؛ سيعمل جهاز رصد "لون المحيط" (أو سي إكس) على محاربة تدفق الطحالب وانتشارها على سطح المياه، مثل الطحالب الضارة في المحيطات، التي قد ينجم عنها خسائر كبيرة للصناعات الساحلية مثل الصيد، أنشطة الترفيه في المحيطات، والسياحة، وتقدر المنافع المرتقبة منه بنحو 700 مليون دولار. أما الجهاز الثاني لرصد "تركيبة الغلاف الجوي" (إيه سي إكس) يتوقع له أن يولد منافع اقتصادية سنوية تصل إلى 400 مليون دولار عبر إسهامه في تقليل تأثيرات تلوث الهواء، بما يسمح للمزارعين اتخاذ قرارات صائبة بشأن أي المحاصيل سيتم استزراعها في ضوء جودة الهواء ما يمكنهم من تحقيق وفرة في إنتاجهم وعوائدهم. وبالنسبة للجهاز الثالث "صوتيات جيوكسو" (جي إكس إس)، فسيعمل على توفير توقعات آنية للطقس، أو ما يعرف بـ"التوقعات الآن"، بما يحسن من التوقعات الإقليمية في أرجاء الولايات المتحدة بنسبة 40 في المائة، كما سيفيد التوقعات عالمياً لما سيطرأ خلال 2.5 يوم.
وقالت الإدارة الأمريكية إن كل دولار أُنفق على جهاز "صوتيات جيوكسو" "جي إكس إس"، سيولد منافع مقدرة بحوالي دولارين، مشيرة إلى أن التأخيرات المرتبطة بالطقس والأحوال المناخية كلفت صناعة خطوط الطيران حوالي 18.9 مليار دولار، في عام 2018 وحده.