Close ad
29-11-2024 | 16:14

يوم الثامن من أكتوبر طرح نتنياهو أمام اللبنانيين خيارًا صعبًا: «انهضوا واستعيدوا بلادكم قبل أن تقع في هاوية حرب طويلة الأمد تؤدي إلى دمار ومعاناة كالتي نراها في غزة».

إن الحرب في لبنان بعد خطاب نتنياهو عصفت بالبلاد في أسوأ وقت ممكن، إذ يمر لبنان بفترة جمود سياسي حال دون انتخاب رئيس جمهورية جديد، ووصل الوهن والضعف بقوى أمنه الداخلي إلى درجة أرغمت المجتمعات الأهلية والأفراد إلى اللجوء إلى خدمات الحماية الشخصية الخاصة، التي غالبًا ما تربطها صلات بالأحزاب السياسية الرئيسية. 

أما الدولة، فما زالت تعالج آثار انفجار مرفأ بيروت في 2020، الذي تعتبره المنظمات الدولية - ومنضمنها “هيومن رايتس ووتش” - أحد أضخم الانفجارات غير النووية فى التاريخ. 

ولا يزال البلد في براثن أزمة اقتصادية ومالية مستمرة منذ خمس سنوات سحقت الطبقة الوسطى، وضاعفت معدلات الفقر بصورة هائلة، من 12 فى المائة فى عام 2012 إلى 44 في المائة فى عام 2022 (وهو آخر عام تتوافر عنه بيانات).

لكن الأهم هو أن نظام المحاصصة الطائفية، أو تقاسم السلطة، الذي يحكم لبنان، يعني أن الدولة منقسمة كذلك بصورة كبيرة على أساس طائفي، إذ تمثل الأحزاب السياسية الطوائف المختلفة، وهذه الانقسامات تعمق القتال مع إسرائيل.

خلال الشهر الماضي تعرضت أحياء ذات كثافة سكانية عالية، تقطنها غالبية شيعية في ضواحي بيروت الجنوبية، إلى قصف متكرر، ونتيجة لذلك تعرضت 100 ألف وحدة سكنية إلى التدمير الكلي أو الجزئي، فيما تشير التقديرات إلى أن 37 بلدة وقرية فى جنوب لبنان سويت بالأرض على إثر الضربات الجوية المتواصلة. 

إن القسم الأكبر من القيادة الحالية للبلاد الذي لم يتعاف من آثار حرب لبنان الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990، يتعامل بحذر شديد إزاء تعزيز الاستقطاب الطائفي، بغية تلافي أخطاء الماضي.

لكن لا شك في أن بعض هؤلاء الزعماء يرون في هذه اللحظة فرصة سانحة من أجل إعادة تشكيل التوازن السياسي فى البلاد، وربما إصلاح الاختلالات السياسية بين مختلف طوائفها، لذا على الأحزاب اللبنانية أن تتعاون مع بعضها بعضًا، وتخرج بخريطة طريق من أجل إعادة وضع البلاد على المسار الصحيح. 

وسيتعين على العالم الخارجى أن يسهم في تعزيز مثل هذا التعاون؛ نظرًا لأن نهاية الصراع في لبنان من المرجح أن تندرج ضمن تسوية إقليمية أوسع تشمل فرنسا وإيران وإسرائيل والولايات المتحدة ودولا عربية مؤثرة.

وتبقى المسألة الأكثر إلحاحًا هي ضرورة ممارسة العالم ضغوطًا على إسرائيل كي تنهي الصراع فى لبنان، وإلا فقد تسفر هذه الحرب عن انهيار لبنان، وما يمثله من نموذج تنوع اجتماعي فريد. 

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
نصر أكتوبر 73.. تغيير المعادلات

هناك فارق بين السماء والأرض، حرب 1973 مع الإسرائيليين كانت بأفق سياسى وعسكرى واضح ومحدد، تجاوز الآفاق.

رسالة لنتنياهو من فوق جسر اللنبي

وسط تدهور الأمور، التي تنذر بارتفاع منسوب التوتر والحروب، كانت هناك إشارات موحية في منطقتنا بإدراك هذه المتغيرات، ومنع الانزلاق إلى الفوضى والانهيار اللذين